في ثاني أيام عيد الأضحى المبارك، أصر عمي على أن أشاهد فيلماً عن طريق (اليوتيوب)، وكنت قبلها قد شاهدت كثيراً من الخراف التي ضحى بها الناس، ولكن فرق بين ذلك المشهد وما شاهدته على (اليوتيوب).
قد جاء الشبيحة السوريون بشابين سوريين في العشرينات من عمريهما وقاموا بقطع رأسيهما كما نفعل بالخراف ثم وضعوا هذين الرأسين على جثتيهما وسط بركة من الدماء.
مازال هذا النظام الدموي يعتقد أنه بهذه الطريقة يخيف الناس في سورية حتى يمتنعوا عن التظاهر والاحتجاج، وهذه هي خطيئته الكبرى، واسأل كل خبير سياسي وعسكري يخبرك بأن هنالك مرحلة في حياة الشعوب يتم السيطرة عليهم بسلاح الخوف والرهبة، لكن متى ما زال حاجز الخوف بعد أول قطرة دم تسيل، فإن المضطهدين يزدادون شجاعة وتحدياً للظالمين كالذي يصبر على مر الدواء ليتحقق له الشفاء.
أعلم بأننا نتحدث عن معاناة بشرية وآلام قاتلة ومآس لا نهاية لها ولكن أنّى للطغاة أن يفهموا أن شعوبهم قد سئمت الـذُل والهوان وأنهم لم يعودوا يرون أمامهم إلا الضوء في نهاية النفق مهما كلفهم ذلك من تضحيات.
تحية للجامعة العربية
لا يسعنا إلا أن نرفع عقلنا (من العقال) إجلالاً وإكباراً لجامعة الدول العربية التي وللمرة الأولى في تاريخها تكسر حاجز الخوف والتردد لتتخذ قرارها بتجميد عضوية سورية في الجامعة وتدعو لفرض عقوبات سياسية واقتصادية على النظام في سورية وتطالب بسحب السفراء (لمن يريد)، كما لمحت إلى احتمال اعترافها بالمعارضة السورية ودعتها للاجتماع في مقر الجامعة العربية.
لا شك أن هذه الخطوة قد جاءت متأخرة ولا تحقق إلا أقل القليل لكنها في حد ذاتها تمثل بداية صحوة عربية قد كان النظام السوري يراهن على أنها مستحيلة، لذلك فقد شاهدنا الهستيريا التي أصابت السفير السوري في مصر بعد القرار وسيل الشتائم للعرب وللجامعة وتهديد دول الخليج، وكما قيل فإن الصياح على قدر الألم.
لقد انطلق قطار الحرية في سورية ولن يوقفه شرذمة من المجرمين مهما تآمروا وفعلوا، يقول الشاعر أحمد مطر:
شاهد إثبات
لا تطلبي حريةً أيتها الرعية
لا تطلبي حرية...
بل مارسي الحرية
إن رضي الراعي... فألف مرحبا
وإن أبى
فحاولي إقناعه باللطف والروية...
قولي له أن يشرب البحر
وأن يبلع نصف الكرة الأرضية!
ما كانت الحرية اختراعه
أو إرث من خلّفه
لكي يضمها إلى أملاكه الشخصية
إن شاء أن يمنعها عنك
زواها جانباً
أو شاء أن يمنحها... قدّمها هدية
قولي له: إني ولدت حرّة
قولي له: إني أنا الحرية
إن لم يصدقك فهاتي شاهداً
وينبغي في هذه القضية
أن تجعلي الشاهد... بندقية!
د. وائل الحساوي
[email protected]