أعطني القلم... لأُطلق يديَّ

تصغير
تكبير
| بقلم عائشة العجمي |

من أبلغ العبارات التي يرفعها دعاة الحرية جملة أم كلثوم الشهيرة، أعطني حريتي.أ. أطلق يديَّ، ولو عاش هؤلاء الدعاة وعاصروا الوسط الثقافي في الكويت لجزموا بقولهم، اعطني القلم... لأطلق يديّ.

فالاقلام -التي تتضمن الكتابات و الحوارات- في الكويت بوابة للحرية المخولة لكسر القيود الفكرية، و بذلك فإن المجتمع الكويتي يسعى دائماً الى تقريب التفاهم والمحبة بين ابنائه من خلال بناء ثقافة أصيلة لكي يستطيع ابناؤه المساهمة في بناء الحضارة الانسانية المعاصرة.

ومن اهم اشكال هذا البناء، أن العديد مِمَن يملكون اقلاماً حرة، يخطّون ما تُملي عليهم افكارهم و توجهاتهم، دون رقيب يترقبهم بمقص رقابته، فالأساس الثقافي في الكويت هو الأرض الخصبة، والبيئة الجاذبة للأقلام الشبابية، و للأكاديميين والعلماء، وغيرهم الكثيرون.

وفي هذا السياق، للدكتور المنصف الشنوفي - الحاصل على دكتوراه الدولة في الأدب من جامعة باريس، و صاحب اهم الأبحاث والدراسات في المجالات العلمية والأدبية، الاجنبية منها والعربية - بحث قدمه ضمن اعمال ندوة «اسهامات الكويت في الثقافة العربية»، بالتعاون مع المنظمة العربية للثقافة التربية و العلوم عام 2002، يستعرض فيه موقع الابداع الادبي والفني الكويتي في الثقافة العربية، و ابرز ما اشار اليه أن نجاح الكويت الكاسر ثقافياً سببه الرئيسي غياب الايديولوجية المتمثلة بالاحزاب السياسية، و المذاهب العقائدية والفكرية التي قد تأسر المثقفين وتحتكر الصحافة والندوات و الدراسات، كما في بعض البلدان، فاهتمام الكويت بالثقافة، هو لمجرد الثقافة التنوير الفكري، و بناء عليه فإن المثقفين والكتّاب في الكويت، يملكون آفاقاً فكرية متسعة.

والصحافة الكويتية من ابرز اوجه الثقافة واشرقها،لا تمتاز فقط بالحرية العاقلة المتزنة، بل ايضاً مؤمنة بحريات الآخرين، فمثلما لليبرالي الحرية في ما يطرح، للسلفي الحق ذاته دون نقصان ولغيرهم من بقية المذاهب الفكرية الاخرى، ما جعل كل أقطار العالم تؤكد على وصول الصحافة الكويتية الى مركز يحتذى به من تجسيد الحرية الحقيقية دون زيف، وجاء ذلك في تقرير «فريدوم هاوس» الأميركية عندما استعرضت مسيرة الصحافة في 16 دولة عربية، وتصدرت الكويت قائمة أفضل الدول العربية في حرية الصحافة المكفولة، وما استنبطه من هذا التقرير ان حرية الصحافة والكتابة في الكويت، لم تكن وليدة اللحظة، فلقد تضمّن الدستور الكويتي كل معاني الحرية، حينما أقرّ - دفي مادتيه الـ 36 و 37 - أن «لكل انسان حق التعبير عن رأيه بنشره بالقول أوالكتابة وغيرها» و «حرية الصحافة و الطباعة و النشر مكفولة».

وبالأمس القريب، تحديداً في عام 2006 تجسدت حرية الصحافة الكويتية بتأسيس عدة صحف كويتية، حدّت من محدودية الطرح والتفكير، واتسعت رقعة المجالات والمسؤوليات والاقلام، حيث أن قارئ الصحف الكويتية أكثر معرفة وإحاطة بالكتّاب والأدباء المفكرين، والكتب والمسرحيات والفنانين والعلماء و المخترعين والسياسيين، وامدته بالوعي المنشود في القضايا المعلقة، والمشكلات المزمنة والتجمعات و الجمعيات العربية في اي قطر كان في الأرض العربية، فهو - من وجهة نظري - أكثر معرفة من اي مواطن عربي آخر في موقعٍ آخر.

في وسط معمعة تلك الحريات والاختلافات، تكثر الكتابات والاطروحات، فكثيراً لا نتفق - كما هي سمة المجتمعات الحرة - و لكن نجزم الاتفاق على حب هذه الأرض والحرص على مصلحتها، فلنا جميعاً في ذلك الخط والاتجاه ذاتهما.



كلية الاقتصاد

الجامعة العربية المفتوحة
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي