تحليل / لبنان حافل بالمخاطر... والمحور الأساسي حالياً هو السنّة في مواجهة الشيعة

تصغير
تكبير
واشنطن - يو بي أي - انتهت ولاية رئيس الجمهورية اللبنانية إميل لحود في أواخر نوفمبر الفائت، الممددة أصلاً، حيث تمنى الرئيس السابق الحظ لموظفي قصر بعبدا وودعهم ثم ركب في سيارة الليموزين المصفحة وغادر ليلاً إلى منزله .

وحالياً، بعد 4 أشهر و16 محاولة لملء الفراغ في موقع الرئاسة الأولى، ما زال قصر بعبدا خالياً ولا يزال لبنان من دون رئيس.


 وصف الحالة اللبنانية بالمحفوفة بالمخاطر يعتبر تقليلاً من أهميتها.

 ومرة اخرى، يبدو ان الأحزاب السياسية اللبنانية مصابة بفقدان ذاكرة جماعي وهي تتجاهل التاريخ الحديث. فبدلاً من انتخاب رئيس من أجل الحؤول دون نشوب حرب أهلية طاحنة ما زالت تداعياتها تتردد حتى اليوم، بدأت الأحزاب الدينية والسياسية المتخاصمة بالتسلح.

وقال أحد أعضاء «كلية العلاقات الدولية والأنثروبولوجيا» في جامعة «بوسطن» أوغوست ريتشارد نورتن في إحدى جلسات النقاش حول المأزق السياسي اللبناني «ان المرحلة الراهنة حبلى بخطر كبير».

 يشار إلى ان تجربة نورتن في الشرق الأوسط تتعدى الثلاثة عقود، وقد شاركه مخاوفه من تمدد النزاع باحثان آخران على دراية في شؤون المنطقة.

 من جهته قال البروفسور في الدراسات العربية والعلاقات الدولية في جامعة «جورجتاون» ومؤلف العديد من الكتب حول الشرق الأوسط مايكل هيودسن «الأمور تتداعى، وفقد النظام اللبناني الدفة أو فقد إحدى عجلاته».

 ورأى هيودسن ان «ثمة محاور جديدة للنزاع» تظهر في «مرحلة ما بعد الطائف»، في إشارة إلى الشروط التي تم التفاوض حولها في مدينة الطائف السعودية لوضع حد لحرب أهلية دامت من العام 1975 حتى العام 1990، وسط محاولات لإعادة توزيع الأوراق السياسية اللبنانية والتماشي مع التغيرات الديموغرافية في البلد.

 وبتعبير أوضح، نشبت الحرب التي دامت 15 عاماً بسبب وقوف المسلمين، بدعم من الفلسطينيين الذين كانوا متمركزين في لبنان حينها، ضد الميليشيات المسيحية.

وقال هيودسن: «يبدو ان المحور الأساسي حالياً هو السنّة في مواجهة الشيعة، وليس المسلمون في مواجهة المسيحيين».

وأشار إلى ان الانشقاق السياسي تعاظم منذ اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري ما يعطي الانطباع بأن «هناك لبنانان: واحد لقوى 14 مارس وآخر لقوى 8 مارس».

 ولمن لا يعرفون تعقيدات السياسة اللبنانية، فإن حركة 14 مارس تتضمن الحكومة الحالية برئاسة فؤاد السنيورة، الذي يعد مع ابن الرئيس الحريري ،سعد وريثه السياسي، و«القوات اللبنانية» برئاسة سمير جعجع، الموجود حالياً في واشنطن بدعوة من إدارة الرئيس جورج بوش ويتوقع أن يلتقيه هذا الأسبوع، ووليد جنبلاط الحائز على ولاء غالبية الدروز.

 من جهة ثانية، يضم تحالف 8 مارس ، «حزب الله» الذي تدعمه إيران وسورية، ومنافسي جنبلاط الدروز الأقل نفوذاً وأتباع قائد الجيش السابق الجنرال ميشال عون.

 وقال هيودسن: «الطرفان مختلفان كثيراً والسؤال هو أي منهما يمثل لبنان الحقيقي؟».

 لكن إحدى ميزات اللبنانيين هي قدرتهم دوماً على النظر إلى الجانب المشرق في أي أوضاع سلبية.

 وقال مدير «برنامج الدراسات الشرق أوسطية» في جامعة «جورج مايسون» بسام حداد انه من الواضح ان الانقسام في الساحة السياسية اللبنانية «ليس طائفياً ولا دينياً محضا، وهذا تطور إيجابي حتى الآن».

 ولتبسيط الأمور أكثر، إذا قسمت الحرب الأهلية السابقة لبنان إلى مجموعات دينية، فإن الأزمة الراهنة هي كناية عن شد حبال بين الولايات المتحدة وفرنسا من جهة وسورية وإيران من جهة أخرى.

وأوضح حداد قائلاً: «من الصعب التحدث عن لبنان من دون الإشارة إلى سورية».

 وبالفعل، فإن الطرفين يتهمان بعضهما البعض بتفضيل المصالح الخارجية على مصلحة لبنان الوطنية. فيتم وصف حركة 14 مارس بأنها مؤيدة للأميركيين في حين يقال ان تحالف 8 آذار يحارب بدلاً من دمشق وطهران.

 وبالنسبة للصحافي المعروف وناشر أهم جريدة لبنانية غسان تويني فإن «لبنان هو دوماً ساحة معركة بالوكالة لقوى من خارج لبنان».

 إذاً ماذا سيحدث في المأزق السياسي اللبناني؟ الأرجح أن نشهد مزيداً من الشلل وانتظار الحلول والمعجزات والمزيد من لوم الطرف الآخر.

ومن المتوقع أن يستمر الوضع على ما هو عليه إلى أن ينضج القادة اللبنانيون سياسياً والبدء بوضع مصالح لبنان في المقدمة.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي