جعفر رجب / تحت الحزام / استحمار

تصغير
تكبير
أبدأ مقالي بحكمة أقول فيها: «الحمار لا يعرف أنه حمار»، نحن من أسميناه وسجلنا في شهادة ميلاده هذا الاسم، وهو لا يحمل هوية تشير الى كونه من صنف الحمير، وقد يرى في ذاته انه مجرد زرافة، او حتى فراشة، ولكنه مع الاسف، مثل بعض البشر، غير قادر على التعبير عن مكنوناته، او غير راغب في ذلك!

ولا يعرف ايضا بان اسمه ولقبه يعتبر سبة اجتماعية، يرددون اسمه تقريعا وسبا بمناسبة ودون مناسبة، ولا يعرف لماذا فقط هو من يشتمون باسمه، مع انه لا يختلف كثيرا عن ابناء عمه من البغال والخيول والاسود!

وهو لا يعرف بأنه لا يعرف شيئا، فهو يتصور بان علمه، اقصى درجات المعرفة، ومعرفته تتجاوز الجميع، وما يأكله ألذ ما انبتته الارض، يرى نفسه خير المخلوقات، وقد يتفاخر وهو يقول لجحشه «انظر حولك يا ولدي، كل هذه الارض لك، وهذه السحب لا تمطر الا لك، عليك ان تفتخر بنفسك وبأجدادك»!

وهو لا يعرف أننا نستغله من اجل اهدافنا الخاصة، والوسيلة التي نصل من خلالها الى غاياتنا، نتصور باننا نركب الحمار لنصل الى مبتغانا، وهو يتصور بانه يركبنا فوق ظهره، لنوصله الى مرعاه!

وهو لا يعرف باننا كثيرا ما نسلبه حقوقه الحيوانية، نمارس معه الضرب والشتم، والنظرة العنصرية الفوقية، وإلا لثار علينا ولما رضي ان نقترب منه شبرا، فهو في النهاية يتعامل بأصله، ويتصورنا كبشر نتعامل بأصلنا!

هو لا يعرف بشاعة صوته، ويتصور نفسه كأي مطرب يخرج في الفضائيات، ولا يعرف انه لا يملك نظرة عميقة، ولا ابتسامة ساحرة، فهو يتصور نفسه الاجمل في هذا الكون!

هو لا يعرف بأننا نصنف الحمير، ونوزع عليها الجنسيات، ونصنفها الى حمار بصراوي، وآخر قبرصي... هو لا يؤمن بكل الجنسيات والحدود، ويعتبر الارض كلها وطنه، ولا مجال عنده للتمييز بين حمار وحمار، فكلها متساوية بالحقوق والواجبات!

هو لا يعرف، ويفترض بنا كبشر متربعين على قمة السلم الحيواني ان نعرف، ومع ذلك لا نعرف الكثير، واهمها اننا لا نعرف كبشر كيف وصل كل هؤلاء الى كراسي الحكم، وكيف استطاعوا استحمار الشعوب، والتحكم بمستقبلهم ومستقبل ابنائهم؟!





جعفر رجب

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي