د. يعقوب أحمد الشراح / صدى الكلمة / الدولة والتعليم الجامعي

تصغير
تكبير
لا شك أن قطاع التعليم يشكل رافداً أساسياً لإعداد الشباب للمستقبل، فهو الحاضن الرئيسي لتعليم جموع الشباب بمختلف الأعمار بدءاً من الاطفال في المراحل الأولى من التعليم الى المؤسسة الجامعية التي تعد الشباب في تخصصات مختلفة ينبغي أن تتوافق مع احتياجات سوق العمل. لذلك فلا غرابة أن تهتم دول العالم بالمؤسسة التعليمية، وتصاب بالقلق في حال تردي دور واجبات هذه المؤسسة وانعكاسات هذا التردي على مختلف جوانب حياة المجتمع.

نقول هذه البدهية ونحن في بداية عام دراسي يلتحق الطلاب في المدارس والجامعة بروح التفاؤل بالمستقبل. ووفق التقدير فإن حوالي (33) ألف طالب وطالبة التحقوا بالجامعة في ظروف تعاني منها الجامعة من ضعف استيعاب كل الراغبين، وزيادة الكثافة الطلابية في قاعات الدروس، ونقص الهيئة التدريسية، وتردي المستوى التعليمي لمخرجات يقال عنها من مؤسسات المجتمع المدني أنها تفتقر الى المهارات اللازمة والتدريب المناسب لكي تقوم بالمهام الوظيفية المختلفة. وأمام محاربة البطالة وإلزامية توفير فرص العمل لجأت الحكومة منذ أمد بعيد للتعيين في الوظائف الحكومية، وفي قطاعات المهن التي لا تحتاج الى التعيين ما أدى الى تكدس الخريجين وظهور مشكلات البطالة المقنعة.

تصريحات المسؤولين في الجامعة عن حاجتهم الماسة إلى أماكن لاستيعاب المتقدمين للالتحاق بالجامعة في الأعوام المقبلة تعبر عن مطالب تعود الى أكثر من عشرة أعوام لم تستطع الجامعة أن تفعل شيئاً. فالأماكن الجديدة مرتبطة بحل مشكلة الاستيعاب وليس بالضرورة مسار يحقق الهدف الأسمى للتعليم الجامعي المتعلق بحاجة المجتمع الى جودة تعليمية مناسبة لسوق العمل في البلاد ولسنوات قادمة بحيث تستطيع مخرجات الجامعة أن تلعب دوراً حيوياً في خطط التنمية الحقيقية التي وضعتها الدولة حتى عام (2025). فمن الخطأ الاستمرار في النهج نفسه الحالي لتخريج شباب يفتقر الغالبية منه إلى الجوانب العملية والمهنية التي هي عصب التقدم.

ظاهرة كهذه تستدعي مراجعة خطط واستراتيجيات التعليم الجامعي من خلال التنسيق مع أجهزة التخطيط بالدولة والجهات الراسمة لمستقبل البلاد والتي ترى أن يلعب القطاع الخاص الصناعي بالذات دوراً ريادياً في تطوير الاقتصاديات المستقبلية، خاصة وأن النفط ناضب وعدم استقرار أسعار بيعه مستمر، وانعكاساته كارثية على الاقتصاد الوطني في المستقبل. هذا الواقع يلزم المسؤولين عن التعليم الجامعي مراجعة الواقع باستهداف حدوث نقلة نوعية في المناهج والبرامج الجامعية وسياسات التعليم العالي التي يجب أن تصب في مستقبل التنمية، خصوصاً التركيز على إعداد القوى العاملة المهنية في مجالات التكنولوجيا والصناعات والمعلومات والاتصال والبيئة والهندسة والعلوم وغيرها. فمن دون ذلك سنستمر في ضخ المزيد من الشباب في المؤسسات الحكومية للقيام بالوظائف الإدارية التي لا فائدة يرتجى منها، وتساهم كما هو حاصل في تضخم الباب الأول في ميزانية الدولة السنوية الموجهة نحو الرواتب والأجور والتي ليس لها أي مردود اقتصادي على الدولة، وتشكل هدراً في الأموال، وتخلفاً تنموياً، مؤكداً، إن حاجة الدولة الى كليات متخصصة ونوعية أهم بكثير من جامعة موحدة تقوم بالدور نفسه المناط بالجامعة الحالية التي تشكل عبئاً مادياً وبشرياً لا تتناسب مع تطلعات ومستقبل المجتمع.



د. يعقوب أحمد الشراح

كاتب كويتي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي