هناك تغير نوعي ملحوظ في معرض الكويت للكتاب العربي هذا العام لاحظه عدد من الرواد اضافة الى أصحاب دور النشر، وهو تخفيف وطأة الرقابة على الكتب المشاركة وغياب الجولات الضبطية والتفتيشية على الكتب المعروضة، وقد لاقى ذلك ارتياحاً لدى محبي الكتاب وعبروا عنه في مواقع التواصل الاجتماعي.
ولكن هذه الصحوة - ان كانت كذلك - قد أتت متأخرة ومتخلفة عن المعارض الخليجية والعربية، فالقارئ قاطع معرض الكويت ولم يعد يثق بما يعرضه، كما أن دور النشر روضت على مدى سنوات وآثرت السلامة فلم تجلب الكتب التي تخمن أنها ستكون مثار جدل.
وهذا التغير بدأ منذ حفل الافتتاح، فجاءت كلمة الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب م. علي اليوحة مفاجئة لمن يتابعون الخطابات الرسمية في مثل هذه المناسبات، فعلي اليوحة تحدث كمواطن مسؤول يهتم بالشأن الثقافي ولم يتحدث كموظف رسمي يشيد بانجازاته وانجازات الحكومة، فقد أكد على أهمية تخفيف الرقابة على الكتب وحرية المواطن على الاطلاع.
وعبّر أصحاب دور النشر بالقول: «لو كنا نعلم أن الرقابة ستكرمنا بالتساهل كنا جلبنا معنا كتباً قيمة أخرى»، لكن بالطبع كانت هناك كتب تباع من تحت الطاولة وهذا يحدث كل عام.
الملحوظة الثانية في هذا المعرض هي ازدياد عدد الشبان والشابات الذين يبحثون عن كتب ماركسية، اذ حدث أمامي أكثر من مرة أن همس شاب أو شابة في أذن البائع وسألوه: «هل لديك مؤلفات لينين؟» أو هل لديك كتب ماركسية، ما دفعني للقول لهم: «أنتم لا تبحثون عن مخدرات، ولكنكم تبحثون عن كتب فلسفية واقتصادية وفكرية فلماذا تهمسون؟ كما أنها متاحة ومنتشرة في الانترنت»، وتفسيري لكثرة الشباب الباحثين عن هذه الكتب هو الأزمة الاقتصادية الرأسمالية العالمية، واعادة الاعتبار لماركس وكتاباته وتحليلاته التي تنبأت بهذه الأزمة، فمنذ العام 2008 صدر عدد كبير من الكتب في العالم حول ضرورة اعادة قراءة ماركس، أو ماركس كان محقاً، أما تفسيري للشكل السري في البحث عن هذه الكتب فهو ارث القمع والتنكيل والتشويه لكل فكر تقدمي من قبل الأنظمة الدكتاتورية والليبرالية المهيمنة على ثروات الشعوب وقوى التزمت المعادية لهذه الأفكار ومحتواها الطبقي.
يبقى أن ترفع الرقابة يدها الى الأبد ويكفيها سخرية من قبل الناس الذين لم تمنعهم الرقابة من الحصول على أي كتاب أو مطبوعة يريدونها.
***
استقالة رجل شجاع
من حيث المبدأ فاستقالة الشيخ محمد صباح السالم الصباح تدل على أن هناك خللاً كبيراً في الادارة السياسية، وهذا الخلل لا يمكن تغطيته بتصريحات الوزير الراشد والهجوم المضاد على النائب مسلم البراك.
الأمر الآخر ان محمد الصباح هذا الشيخ الحقيقي الذي يذكرنا بعمه ووالده قال كما كانا يقولان: «نحن الحكم مؤتمنون على أرواح الكويتيين وأموالهم»، وهذا ما خبرناه وعرفناه عن أبناء هذه الأسرة الكريمة التي تحب وتحترم الشعب الكويتي.
وليد الرجيب
[email protected]