د. وائل الحساوي / نسمات / معارضة أم بلطجة؟!

تصغير
تكبير
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي... بصبح وما لاصباح منك بأمثل

لعل بيت الشعر هذا يمثل واقعنا في الكويت، فالناس متعطشة الى التغيير وتشعر بضرورة رحيل الحكومة والمجلس اللذين قادانا الى ما نحن فيه، لكن الناس تشعر بأن المقبل في ظل تلك الأوضاع قد لا يكون افضل.

لقد استطاعت المعارضة ان تختزل المشكلة في الشيخ ناصر المحمد والحل في رحيله، وفي ذلك تلبيس على الناس، وتبسيط للامور، فمعارضتنا في حد ذاتها تمثل جزءا من المشكلة حيث انها معارضة متشظية لا تجتمع على رأي واحد بل تتبدل مواقفها بحسب الاهواء والمصالح، كما انها معارضة مشاكسة وتستخدم اقسى انواع الاساليب لتحطيم خصومها وتشويه صورتهم من شتائم وخطب جوفاء وتهديد وكشف اسرار وخصومات.

كذلك فقد شاهدنا بأن مطالب المعارضة تزداد يوما بعد يوم، فقد بدأت بالمعارضة الكلامية تحت قبة المجلس وبعض الاستجوابات ثم ما لبثت ان استمرأت سلاح الاستجوابات حتى اصبح سلاحا يتم تهديد الوزراء به يوميا، وكثيرا ما يسبقه طرح الثقة. بعدها تحولت الاستجوابات من الوزراء الى رئيس الوزراء وحده، وبعدما كانت الحكومة الجديدة تُمهل بضعة اشهر قبل الاستجواب فقد اصبح الاستجواب يسبق دور الانعقاد وجلسة القسم، بعدها نزلت المعارضة الى الشارع لفرض مطالبها ثم تحول رموز المعارضة لدعم كل حركة سلبية في البلد من اضرابات واعتصامات وتوقيف للعمل.

قد يقول قائل بأن المعارضة معذورة لانها لم تجد استجابة حول مطالبها الشرعية بالرغم من وصول الامور الى مراحل التردي التي لا تجدي نفعا باستخدام المسكنات وان العناد في وجه التغيير قد بلغ مبلغه.

لكن دعونا نتصور بأن تغيير المجلس والحكومة قد تحقق وبالطبع سترجع المعارضة الى المجلس الجديد بقوة فهل سترضى المعارضة بالحكومة القادمة وهل ستعلن التعاون معها وهل ستتخلى عن اساليبها القاسية في المطالبة بما تريد؟!

بصراحة اشك في ذلك واعتقد بأن تجربتنا البرلمانية الحالية قد كشفت هشاشة التجربة السياسية التي اكتسبناها خلال مسيرتنا مع الدستور وقلة النضج الذي نتمتع به، فقد كانت عقلانية الآباء المؤسسين وحرصهم على مصلحة البلد هي التي حافظت على مسيرتنا وحققت انجازاتنا الكثيرة، ثم دخل على الخط اشخاص لا يملكون ابسط انواع النضج او الفهم البرلماني وبعضهم جاء لتحقيق طموحاته الشخصية في الثراء او الشهرة، بل شاهدنا بأن كل من ينجح من الشعب في القاء الخطب الرنانة وذرف الدموع الكاذبة وتهييج الشارع، شاهدناه يصل الى دفة المجلس بسهولة ليكمل مسيرته المتوترة ويصور للناس بأنه يقود المعارضة، بل ان استقواء الحكومة بالمتردية والنطيحة كثيرا ما جاء كردة فعل على المعارضة.

في النظام البرلماني البريطاني يقوم الحزب الفائز في الانتخابات بتشكيل الحكومة بينما تقوم احزاب المعارضة بتشكيل ما يسمى بحكومة الظل بتركيبة الوزارة الحقيقية نفسها، ثم تجد الحكومة وحكومة الظل يتقابلان وجها لوجه داخل البرلمان لابداء الآراء والآراء المعارضة بكل أدب، ثم يصلون لافضل الحلول دون تشهير او نزول للشارع، او اشغال الشعب بقضايا البرلمان.

اخشى ان تكون فوضويتنا القائمة وفقداننا لأبسط انواع الفهم او المرونة هي من سيعجل بانتهاء دولتنا الفتية ومحوها من الخارطة وليست المشاكل المالية وسوء التخطيط!!





د. وائل الحساوي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي