أكدت استمرارها في العمل و«نفاذ كل القرارات الصادرة منها ما لم يصدر حكم قضائي بخلاف ذلك»
«هيئة الأسواق» تعلن «استقلاليتها»: المفوّضون باقون

ظلال قاتمة تحيط بإنطلاق «هيئة الأسواق» (تصوير نايف العقلة)


أعلنتها «هيئة أسواق المال» مواجهة مفتوحة مع الحكومة عنوانها «الاستقلالية»، وقالت صراحة إنها ستستمر بعملها، متجاهلة قرار مجلس الوزراء أول من أمس إنهاء عضوية ثلاثة من الأعضاء الخمسة في مجلس مفوضيها.
وبعد ساعات قليلة من صدور قرار مجلس الوزراء، التأم مجلس المفوّضين بكامل عدّته، وأصدر بيان المواجهة الذي جاء فيه إن «مجلس مفوضي هيئة أسواق المال انطلاقاً من المسؤولية المكلف بها وحرصاً على أداء الأمانة المنوطه به، وسعياً لتحقيق أهداف الهيئة الواردة في القانون رقم 7 لسنة 2010، وتأكيداً لاستقلالية هيئة أسواق المال التي كفلها لها قانون إنشائها، وصوناً لها من أي تدخلات في أداء رسالتها أو التأثير على قراراتها أو العمل على عرقلة مسيرتها، يؤكد أن الهيئة هي الجهة المناط بها تفسير القانون رقم 7 لسنة 2010 وتطبيقه».
وأضاف البيان «بالإشارة إلى ما يثار حول مفوضي هيئة أسواق المال فإن مجلس المفوضين يؤكد أن هذا الموضوع معروض برمته أمام القضاء الكويتي العادل حيث حددت جلسة يوم 13 نوفمبر 2011 بالدعوى رقم 3070 المرفوعة أمام الدائرة الإدارية رقم (7) للطعن بصفة بعض المفوضين، والدعوى رقم 3232 المرفوعة أمام الدائرة الإدارية رقم (2) والمحدد لها جلسة 7 مارس 2012 للطعن في صفة رئيس الهيئة، حيث قررت الهيئة التدخل في هاتين الدعويين ليفصل القضاء في هذا الموضوع».
وتابع «بناء عليه فإن مجلس المفوضين يؤكد استمرار الهيئة في عملها، ونفاذ كل القرارات الصادرة منها ما لم يصدر حكم قضائي على خلاف ذلك».
وأهاب المجلس «بجميع الأشخاص المرخص لهم العمل بذات الروح الإيجابية التي تم بها إنجاز المرحلة الأولى من تسوية الأوضاع وفق القانون، والعمل على إنجاح المرحلة الثانية التي تمتد إلى تاريخ 12 مارس 2012، لنحقق معاً أهداف القانون».
وكانت الهيئة قد عاشت يوماً استثنائياً أمس. فعلى الرغم من حضور المفوّضين الذين أنهى مجلس الوزراء عضويتهم إلى مكاتبهم كالمعتاد، وهم الدكتور يوسف العلي والدكتور نايف الحجرف وصالح اليوسف، فإن الأجواء لم تكن عاديّة.
وتشير معلومات الى أن الكثير من القضايا كان يفترض ان تناقش أمس لدى الهيئة، تم تأجيلها بالكامل، ومنها اجتماع لجنة تسكين موظفي البورصة لدى الهيئة تفعيلاً لنص المادة 157 من القانون.
وما من شك أن بيان الهيئة سيفتح المواجهة على أسس جديدة عنوانها «استقلالية الهيئة». ولعل السؤال القانوني الأبرز سيكون حول ما إذا مجلس الوزراء هو المولج بتنفيذ المادة 10 من قانون هيئة الأسواق، التي تم على أساسها إنهاء عضوية المفوضين، أم أن استقلالية الهيئة المنصوص عليها في القانون تمنع تدخل السلطة التنفيذية في شأن كهذا.
ويشار هنا إلى أن القانون لا ينص على أي آلية لإنهاء العضوية، لكن وزيرة التجارة تتمسك بأن هذا الأمر من صلاحية مجلس الوزراء، وبأن من صلاحياتها اقتراح ذلك على الحكومة.
ومعلوم أن القانون ينص بشكل واضح في مادته الأولى على استقلالية الهيئة. وجرت التقاليد في البلدان المتقدمة على عدم تدخل السلطة التنفيذية في عمل هيئات الرقابة على أسواق المال وجعلها تابعة لأعلى سلطة سياسية، شأنها في ذلك شأن السلطة النقدية (البنك المركزي).
وكانت الحكومة الكويتية تعد بأن تكون «هيئة أسواق المال» على هذا القدر من الاستقلالية، لكن بما أن الدستور يحول دون أن تكون الهيئة تابعة لرئيس مجلس الوزراء مباشرة فقد تم التوافق حينها على جعلها تابعة لوزير التجارة. وخرجت تصريحات حكومية حينها بأن هذه التبعية شكلية ولا تنتقص من استقلالية الهيئة، لكن الممارسة العمليّة أظهرت إشكاليات لم تكن في الحسبان، في ظل رغبة وزيرة التجارة بالانخراط في العديد من الشؤون المتعلقة بعمل الهيئة وسعيها الحثيث لإقصاء المفوّضين الذين عينهم مجلس الوزراء قبل أكثر من سنة.
وفي ظل الاتفاق على أن ملف المفوّضين أخذ بعداً سياسياً واضحاً، فإن أكثر ما يخشاه المتابعون أن تؤدي النزاعات إلى العودة بمسيرة تأسيس هيئة الأسواق إلى نقطة الصفر، بعد سنوات من الانتظار لإقرار القانون.
ومن الواضح أن الجهات المؤثرة اقتصادياً لا يمكن أن تقبل بذلك، لا سيما غرفة التجارة والصناعة التي كان لها موقف واضح في السابق من محاولة إقصاء المفوّضين، ومن المؤكد أنها ليست مرتاحة لقرار مجلس الوزراء أول من أمس، خصوصاً وأن تعطي الأولوية لانطلاق الهيئة كجسم رقابي فاعل قبل السير في أي طريق يضيع زخمها.
ولا يخفي كثيرون إحباطهم من الجدل السائد منذ أشهر حول عمل المفوّضين والتشكيك بكل ما تم اتخاذه من قرارات تنظيمية منذ تعيينهم.
ويبدو أن مجلس الوزراء نفسه تهيّب من مسايرة بورسلي في إنهاء عضوية الفلاح، لأن من شأن ذلك أن يهدم كل ما تم بناؤه، ومثل هذا القرار لا يمكن أن تحمله الحكومة على كاهلها، بل أقصى ما يمكن ان تفعله ترك الأمر للقضاء.
وربما يكون على الحكومة أن تقدم تفسيراً للتناقض بين المعيارين اللذين طبقتهما في التعامل مع عضوية الفلاح من جهة وعضوية المفوّضين من جهة أخرى. ففي حين أنها أجلت البت بالأول بذريعة أنه شأن معروض على القضاء لم تتأخر في البت بالثاني.
وفي كل الأحوال، تستطيع الوزيرة بورسلي أن تقول الآن إنها ربحت الجولة واستطاعت أن تقنع مجلس الوزراء بالسير في مطلبها، لكنها لن تربح الحرب إلا إذا تمكنت من إيصال من ترغب بإيصالهم إلى مجلس المفوّضين.
ولا يبدو أن الطريق معبدة أمامها على هذا الصعيد، بل عليها خوض معركة جديدة غير محسومة النتائج، وربما تتغيّر معطياتها كثيراً مع تغيّر المشهد السياسي الكويتي كل يوم.
«لم يتصل بي أحد ... ومصدر معلوماتي الوحيد ما أقرأه في الصحف»
السيف: باقٍ على رأس البورصة
حتى يصدر المرسوم
«الراي»، رويترز- عاشت البورصة يوماً مربكاً بعد قرار مجلس الوزراء إنهاء عضوية المفوضين الثلاثة الى جانب إحالة مدير عام البورصة حامد السيف الى التقاعد.
واستقبل السيف توارد من معلومات عن قرار مجلس الوزراء بشيء من اللامبالاة، فهو من «سكب الزيت على النار» في قضية المفوضين، بعد إثارتها من قبل وزيرة التجارة والصناعة أماني بورسلي.
لكن السيف لم يغادر مكتبه في الدور الثامن بالمبنى الرئيسي للبورصة، بل داوم في مكتبه، وصرّح بعد ذلك لوكالة «رويتز» بأنه سيظل على رأس عمله، الى حين صدور مرسوم الإحالة الى التقاعد.
وقال السيف إن أحدا من الحكومة لم يتصل به في هذا الشأن مبينا أن مصدر معلوماته الوحيد حول هذا الامر «هو الصحف»، علماً بأنه هو من صرّح للصحف الصادرة أمس معلقاً على قرار مجلس الوزراء.
وقال السيف ان انهاء عمل ثلاثة من مفوضي هيئة أسواق المال سيعطي فرصة أكبر لتمرير التعديلات التشريعية التي طلبها والهادفة لمنح مزيد من الاستقلال لهيئة أسواق المال.
وأكد السيف أنه سيستمر في المطالبة باجراء التعديلات التشريعية التي يقترحها حتى بعد أن يترك منصبه «باعتباره مواطنا كويتيا مهتما بمصلحة بلده». وقال «سأستمر بطرح ارائي بأن الكويت تستحق قوانين أحسن من ذلك».
وقال السيف ان تعديلاته التشريعية التي يطالب بها تهدف الى الوصول بمستوى بورصة الكويت وهيئة أسواق المال الى المعايير الدولية والاقليمية المعمول بها في دول الخليج الاخرى.
وطالب السيف في تصريحات سابقة بتعديل بعض مواد قانون هيئة أسواق المال باتجاه منع سيطرة شركات القطاع الخاص.
وقال في مؤتمر صحافي عقد في يونيو انه اذا تم تطبيق القانون بالشكل الموجود عليه حاليا فسوف «تكون ادارة السوق 100 في المئة للقطاع الخاص وليس للحكومة دخل بها وهذا غير موجود لا في الاسواق المحلية ولا العالمية».
وطبقا للمادة 33 من قانون هيئة أسواق المال فانه لايجوز منح ترخيص بورصة الا لشركة مساهمة يكون 50 في المئة من أسهمها قد تم طرحها في مزاد علني للشركات المدرجة في سوق الكويت للاوراق المالية بحيث توزع هذه النسبة على شرائح نسبة كل منها خمسة في المئة أما الخمسين في المئة الباقية فتخصص لجميع المواطنين الكويتيين وتطرح في اكتتاب عام.
وطبقا للمادة 154 من نفس القانون فان سوق الكويت للاوراق المالية الحالي يعتبر بورصة مرخصة وعليه ترتيب أوضاعه خلال سنة من تاريخ نشر اللائحة التنفيذية للقانون التي تم نشرها في 13 مارس اذار الجاري.
وقال في حينها ان البورصة اذا تحولت الى شركة قطاع خاص فيمكن أن تواجه مشاكل مالية تفلس بسببها مؤكدا أنه يؤيد مبدأ التخصيص للبورصة «ولكن بطريقة فنية مدروسة تفيد المتعاملين».
وقال السيف لرويترز أمس ان أعضاء مفوضي هيئة أسواق المال كانوا معارضين لتوجهاته معربا عن أمله أن تحل محلهم شخصيات تعمل على تنفيذ هذه التعديلات المطلوبة.
وأضاف السيف ان تعديلاته المقترحة تهدف لايجاد ميزانية خاصة مستقلة لهيئة اسواق المال كما تهدف الى ايجاد رقابة من قضاة على أعمال هيئة اسواق المال.
وأشار الى أنها تهدف أيضا الى أن يكون تخصيص بورصة الكويت عن طريق منح حصة رئيسية لمستثمر استراتيجي مع احتفاظ الحكومة «بسهم ذهبي» يمكنها من استمرار رقابتها على عمل البورصة حتى بعد أن تتم خصخصتها.
وعما اذا كان قد فوجئ بقرار احالته للتقاعد قال السيف انه يعلم أنه يعمل وفقا لمرسوم «موقت» لحين اتمام خصخصة البورصة التي يفترض أن تتم وفقا للقانون في مارس اذار المقبل. وقال «ليس لدي مشكلة اذا كان القرار لصالح البلد ويكون فيه انفراج لقوانين المستقبل».
وتعليقاً على ما إذا كان يجب إحالة رئيس مجلس المفوّضين صالح الفلاح إلى التقاعد أسوة به، لتجاوزه ين الـ65، قال السيف إن «القانون يجب أن يطبق في كل مكان». وأضاف «هذه أمور لا تخصني ولكن تخص أصحاب القرار».
هل تؤجل الخصخصة؟
كتب علاء السمان
لفتت مصادر مطلعة الى أن الجدل السائد حالياً حول عضوية المفوضين الثلاثة، من شأنه أن يؤدي إلى إرباك كبير في عدد من الملفات، لعل أهما خصخصة البورصة.
ورجحت مصادر متابعة أن يؤدي ما يجري حالياً إلى تأجيل الخصصة إلى حين توفير بيئة تشريعية مناسبة من خلال اضافة تعديلات على القانون رقم 7 لسنة 2010، منوهة أن اوساط وزارية ونيابية عديدة كانت وما زالت تدفع في اتجاه ضرورة تعديل مواد رئيسية في القانون، على رأسها المواد المنظمة للتخصيص والاستحواذات وتنظيم دور الصناديق الاستثمارية وغيرها من القطاعات الامر الذي قد يترتب عليه كثير من التطورات منها إحالة القانون الى مجلس الأمة مرة اخرى لمناقشة التعديلات وتأجيل الخصخصة لفترة طويلة.
بورصة الترشيحات للبورصة:
الإبراهيم الأوفر حظاً؟
كتب علاء السمان
انطلقت بورصة الترشيحات لمنصب مدير العام سوق الاوراق المالية الجديد الذي سيخلف السيف خلال الفترة الانتقالية التي تمتد الى شهر مارس المقبل ما لم تؤجل الخصخصة، إذ افادت مصادر أن هناك عدداً من الأسماء المطروحة على طاولة الجهات المسؤولة منها نائب المدير العام لشؤون الشركات ابراهيم الإبراهيم إلا أن المصادر لم تتحدث عما اذا كان سيصدر قرار بتكليف المدير الجديد أم سيصدر مرسوم بتعيينه.
ونوهت المصادر الى أن نائب المدير فالح الرقبة من ضمن الأسماء المطروحة أيضاً لإدارة البورصة، وإن كانت هناك معلومات تتداول حول انتقاله الى هيئة أسواق المال سواء في منصب عضو في مجلس المفوضين أو غيره من المناصب الرئيسية التي يفترض ان تتوافر فيها إمكانات فنية.
وتوقعت المصادر الانتهاء من تسمية المدير الجديد عقب صدور مرسوم مجلس الوزراء بشأن إحالة السيف الى التقاعد، لافتة الى أن المادة 38 من اللائحة الداخلية للسوق تنص على تفويض وزيرة التجارة لأحد الأشخاص لإدارة البورصة على ان يعتمد ذلك من خلال أقرب اجتماع لـ «لجنة السوق»، خصوصاً وأن هناك الكثير من الملفات المهمة بحاجة الى متابعة مباشرة من قبل شخص مخول سواء كان مكلفاً أو معيناً.
وبعد ساعات قليلة من صدور قرار مجلس الوزراء، التأم مجلس المفوّضين بكامل عدّته، وأصدر بيان المواجهة الذي جاء فيه إن «مجلس مفوضي هيئة أسواق المال انطلاقاً من المسؤولية المكلف بها وحرصاً على أداء الأمانة المنوطه به، وسعياً لتحقيق أهداف الهيئة الواردة في القانون رقم 7 لسنة 2010، وتأكيداً لاستقلالية هيئة أسواق المال التي كفلها لها قانون إنشائها، وصوناً لها من أي تدخلات في أداء رسالتها أو التأثير على قراراتها أو العمل على عرقلة مسيرتها، يؤكد أن الهيئة هي الجهة المناط بها تفسير القانون رقم 7 لسنة 2010 وتطبيقه».
وأضاف البيان «بالإشارة إلى ما يثار حول مفوضي هيئة أسواق المال فإن مجلس المفوضين يؤكد أن هذا الموضوع معروض برمته أمام القضاء الكويتي العادل حيث حددت جلسة يوم 13 نوفمبر 2011 بالدعوى رقم 3070 المرفوعة أمام الدائرة الإدارية رقم (7) للطعن بصفة بعض المفوضين، والدعوى رقم 3232 المرفوعة أمام الدائرة الإدارية رقم (2) والمحدد لها جلسة 7 مارس 2012 للطعن في صفة رئيس الهيئة، حيث قررت الهيئة التدخل في هاتين الدعويين ليفصل القضاء في هذا الموضوع».
وتابع «بناء عليه فإن مجلس المفوضين يؤكد استمرار الهيئة في عملها، ونفاذ كل القرارات الصادرة منها ما لم يصدر حكم قضائي على خلاف ذلك».
وأهاب المجلس «بجميع الأشخاص المرخص لهم العمل بذات الروح الإيجابية التي تم بها إنجاز المرحلة الأولى من تسوية الأوضاع وفق القانون، والعمل على إنجاح المرحلة الثانية التي تمتد إلى تاريخ 12 مارس 2012، لنحقق معاً أهداف القانون».
وكانت الهيئة قد عاشت يوماً استثنائياً أمس. فعلى الرغم من حضور المفوّضين الذين أنهى مجلس الوزراء عضويتهم إلى مكاتبهم كالمعتاد، وهم الدكتور يوسف العلي والدكتور نايف الحجرف وصالح اليوسف، فإن الأجواء لم تكن عاديّة.
وتشير معلومات الى أن الكثير من القضايا كان يفترض ان تناقش أمس لدى الهيئة، تم تأجيلها بالكامل، ومنها اجتماع لجنة تسكين موظفي البورصة لدى الهيئة تفعيلاً لنص المادة 157 من القانون.
وما من شك أن بيان الهيئة سيفتح المواجهة على أسس جديدة عنوانها «استقلالية الهيئة». ولعل السؤال القانوني الأبرز سيكون حول ما إذا مجلس الوزراء هو المولج بتنفيذ المادة 10 من قانون هيئة الأسواق، التي تم على أساسها إنهاء عضوية المفوضين، أم أن استقلالية الهيئة المنصوص عليها في القانون تمنع تدخل السلطة التنفيذية في شأن كهذا.
ويشار هنا إلى أن القانون لا ينص على أي آلية لإنهاء العضوية، لكن وزيرة التجارة تتمسك بأن هذا الأمر من صلاحية مجلس الوزراء، وبأن من صلاحياتها اقتراح ذلك على الحكومة.
ومعلوم أن القانون ينص بشكل واضح في مادته الأولى على استقلالية الهيئة. وجرت التقاليد في البلدان المتقدمة على عدم تدخل السلطة التنفيذية في عمل هيئات الرقابة على أسواق المال وجعلها تابعة لأعلى سلطة سياسية، شأنها في ذلك شأن السلطة النقدية (البنك المركزي).
وكانت الحكومة الكويتية تعد بأن تكون «هيئة أسواق المال» على هذا القدر من الاستقلالية، لكن بما أن الدستور يحول دون أن تكون الهيئة تابعة لرئيس مجلس الوزراء مباشرة فقد تم التوافق حينها على جعلها تابعة لوزير التجارة. وخرجت تصريحات حكومية حينها بأن هذه التبعية شكلية ولا تنتقص من استقلالية الهيئة، لكن الممارسة العمليّة أظهرت إشكاليات لم تكن في الحسبان، في ظل رغبة وزيرة التجارة بالانخراط في العديد من الشؤون المتعلقة بعمل الهيئة وسعيها الحثيث لإقصاء المفوّضين الذين عينهم مجلس الوزراء قبل أكثر من سنة.
وفي ظل الاتفاق على أن ملف المفوّضين أخذ بعداً سياسياً واضحاً، فإن أكثر ما يخشاه المتابعون أن تؤدي النزاعات إلى العودة بمسيرة تأسيس هيئة الأسواق إلى نقطة الصفر، بعد سنوات من الانتظار لإقرار القانون.
ومن الواضح أن الجهات المؤثرة اقتصادياً لا يمكن أن تقبل بذلك، لا سيما غرفة التجارة والصناعة التي كان لها موقف واضح في السابق من محاولة إقصاء المفوّضين، ومن المؤكد أنها ليست مرتاحة لقرار مجلس الوزراء أول من أمس، خصوصاً وأن تعطي الأولوية لانطلاق الهيئة كجسم رقابي فاعل قبل السير في أي طريق يضيع زخمها.
ولا يخفي كثيرون إحباطهم من الجدل السائد منذ أشهر حول عمل المفوّضين والتشكيك بكل ما تم اتخاذه من قرارات تنظيمية منذ تعيينهم.
ويبدو أن مجلس الوزراء نفسه تهيّب من مسايرة بورسلي في إنهاء عضوية الفلاح، لأن من شأن ذلك أن يهدم كل ما تم بناؤه، ومثل هذا القرار لا يمكن أن تحمله الحكومة على كاهلها، بل أقصى ما يمكن ان تفعله ترك الأمر للقضاء.
وربما يكون على الحكومة أن تقدم تفسيراً للتناقض بين المعيارين اللذين طبقتهما في التعامل مع عضوية الفلاح من جهة وعضوية المفوّضين من جهة أخرى. ففي حين أنها أجلت البت بالأول بذريعة أنه شأن معروض على القضاء لم تتأخر في البت بالثاني.
وفي كل الأحوال، تستطيع الوزيرة بورسلي أن تقول الآن إنها ربحت الجولة واستطاعت أن تقنع مجلس الوزراء بالسير في مطلبها، لكنها لن تربح الحرب إلا إذا تمكنت من إيصال من ترغب بإيصالهم إلى مجلس المفوّضين.
ولا يبدو أن الطريق معبدة أمامها على هذا الصعيد، بل عليها خوض معركة جديدة غير محسومة النتائج، وربما تتغيّر معطياتها كثيراً مع تغيّر المشهد السياسي الكويتي كل يوم.
«لم يتصل بي أحد ... ومصدر معلوماتي الوحيد ما أقرأه في الصحف»
السيف: باقٍ على رأس البورصة
حتى يصدر المرسوم
«الراي»، رويترز- عاشت البورصة يوماً مربكاً بعد قرار مجلس الوزراء إنهاء عضوية المفوضين الثلاثة الى جانب إحالة مدير عام البورصة حامد السيف الى التقاعد.
واستقبل السيف توارد من معلومات عن قرار مجلس الوزراء بشيء من اللامبالاة، فهو من «سكب الزيت على النار» في قضية المفوضين، بعد إثارتها من قبل وزيرة التجارة والصناعة أماني بورسلي.
لكن السيف لم يغادر مكتبه في الدور الثامن بالمبنى الرئيسي للبورصة، بل داوم في مكتبه، وصرّح بعد ذلك لوكالة «رويتز» بأنه سيظل على رأس عمله، الى حين صدور مرسوم الإحالة الى التقاعد.
وقال السيف إن أحدا من الحكومة لم يتصل به في هذا الشأن مبينا أن مصدر معلوماته الوحيد حول هذا الامر «هو الصحف»، علماً بأنه هو من صرّح للصحف الصادرة أمس معلقاً على قرار مجلس الوزراء.
وقال السيف ان انهاء عمل ثلاثة من مفوضي هيئة أسواق المال سيعطي فرصة أكبر لتمرير التعديلات التشريعية التي طلبها والهادفة لمنح مزيد من الاستقلال لهيئة أسواق المال.
وأكد السيف أنه سيستمر في المطالبة باجراء التعديلات التشريعية التي يقترحها حتى بعد أن يترك منصبه «باعتباره مواطنا كويتيا مهتما بمصلحة بلده». وقال «سأستمر بطرح ارائي بأن الكويت تستحق قوانين أحسن من ذلك».
وقال السيف ان تعديلاته التشريعية التي يطالب بها تهدف الى الوصول بمستوى بورصة الكويت وهيئة أسواق المال الى المعايير الدولية والاقليمية المعمول بها في دول الخليج الاخرى.
وطالب السيف في تصريحات سابقة بتعديل بعض مواد قانون هيئة أسواق المال باتجاه منع سيطرة شركات القطاع الخاص.
وقال في مؤتمر صحافي عقد في يونيو انه اذا تم تطبيق القانون بالشكل الموجود عليه حاليا فسوف «تكون ادارة السوق 100 في المئة للقطاع الخاص وليس للحكومة دخل بها وهذا غير موجود لا في الاسواق المحلية ولا العالمية».
وطبقا للمادة 33 من قانون هيئة أسواق المال فانه لايجوز منح ترخيص بورصة الا لشركة مساهمة يكون 50 في المئة من أسهمها قد تم طرحها في مزاد علني للشركات المدرجة في سوق الكويت للاوراق المالية بحيث توزع هذه النسبة على شرائح نسبة كل منها خمسة في المئة أما الخمسين في المئة الباقية فتخصص لجميع المواطنين الكويتيين وتطرح في اكتتاب عام.
وطبقا للمادة 154 من نفس القانون فان سوق الكويت للاوراق المالية الحالي يعتبر بورصة مرخصة وعليه ترتيب أوضاعه خلال سنة من تاريخ نشر اللائحة التنفيذية للقانون التي تم نشرها في 13 مارس اذار الجاري.
وقال في حينها ان البورصة اذا تحولت الى شركة قطاع خاص فيمكن أن تواجه مشاكل مالية تفلس بسببها مؤكدا أنه يؤيد مبدأ التخصيص للبورصة «ولكن بطريقة فنية مدروسة تفيد المتعاملين».
وقال السيف لرويترز أمس ان أعضاء مفوضي هيئة أسواق المال كانوا معارضين لتوجهاته معربا عن أمله أن تحل محلهم شخصيات تعمل على تنفيذ هذه التعديلات المطلوبة.
وأضاف السيف ان تعديلاته المقترحة تهدف لايجاد ميزانية خاصة مستقلة لهيئة اسواق المال كما تهدف الى ايجاد رقابة من قضاة على أعمال هيئة اسواق المال.
وأشار الى أنها تهدف أيضا الى أن يكون تخصيص بورصة الكويت عن طريق منح حصة رئيسية لمستثمر استراتيجي مع احتفاظ الحكومة «بسهم ذهبي» يمكنها من استمرار رقابتها على عمل البورصة حتى بعد أن تتم خصخصتها.
وعما اذا كان قد فوجئ بقرار احالته للتقاعد قال السيف انه يعلم أنه يعمل وفقا لمرسوم «موقت» لحين اتمام خصخصة البورصة التي يفترض أن تتم وفقا للقانون في مارس اذار المقبل. وقال «ليس لدي مشكلة اذا كان القرار لصالح البلد ويكون فيه انفراج لقوانين المستقبل».
وتعليقاً على ما إذا كان يجب إحالة رئيس مجلس المفوّضين صالح الفلاح إلى التقاعد أسوة به، لتجاوزه ين الـ65، قال السيف إن «القانون يجب أن يطبق في كل مكان». وأضاف «هذه أمور لا تخصني ولكن تخص أصحاب القرار».
هل تؤجل الخصخصة؟
كتب علاء السمان
لفتت مصادر مطلعة الى أن الجدل السائد حالياً حول عضوية المفوضين الثلاثة، من شأنه أن يؤدي إلى إرباك كبير في عدد من الملفات، لعل أهما خصخصة البورصة.
ورجحت مصادر متابعة أن يؤدي ما يجري حالياً إلى تأجيل الخصصة إلى حين توفير بيئة تشريعية مناسبة من خلال اضافة تعديلات على القانون رقم 7 لسنة 2010، منوهة أن اوساط وزارية ونيابية عديدة كانت وما زالت تدفع في اتجاه ضرورة تعديل مواد رئيسية في القانون، على رأسها المواد المنظمة للتخصيص والاستحواذات وتنظيم دور الصناديق الاستثمارية وغيرها من القطاعات الامر الذي قد يترتب عليه كثير من التطورات منها إحالة القانون الى مجلس الأمة مرة اخرى لمناقشة التعديلات وتأجيل الخصخصة لفترة طويلة.
بورصة الترشيحات للبورصة:
الإبراهيم الأوفر حظاً؟
كتب علاء السمان
انطلقت بورصة الترشيحات لمنصب مدير العام سوق الاوراق المالية الجديد الذي سيخلف السيف خلال الفترة الانتقالية التي تمتد الى شهر مارس المقبل ما لم تؤجل الخصخصة، إذ افادت مصادر أن هناك عدداً من الأسماء المطروحة على طاولة الجهات المسؤولة منها نائب المدير العام لشؤون الشركات ابراهيم الإبراهيم إلا أن المصادر لم تتحدث عما اذا كان سيصدر قرار بتكليف المدير الجديد أم سيصدر مرسوم بتعيينه.
ونوهت المصادر الى أن نائب المدير فالح الرقبة من ضمن الأسماء المطروحة أيضاً لإدارة البورصة، وإن كانت هناك معلومات تتداول حول انتقاله الى هيئة أسواق المال سواء في منصب عضو في مجلس المفوضين أو غيره من المناصب الرئيسية التي يفترض ان تتوافر فيها إمكانات فنية.
وتوقعت المصادر الانتهاء من تسمية المدير الجديد عقب صدور مرسوم مجلس الوزراء بشأن إحالة السيف الى التقاعد، لافتة الى أن المادة 38 من اللائحة الداخلية للسوق تنص على تفويض وزيرة التجارة لأحد الأشخاص لإدارة البورصة على ان يعتمد ذلك من خلال أقرب اجتماع لـ «لجنة السوق»، خصوصاً وأن هناك الكثير من الملفات المهمة بحاجة الى متابعة مباشرة من قبل شخص مخول سواء كان مكلفاً أو معيناً.