إلى متى تستمر عقلية «ما أريكم إلا ما أرى»، إلى متى يحتقر الطغاة عقول واختيارات الشعوب، إلى متى يكون السلاح هو الحل، إلى متى تكون الدماء ثمنا للحياة الكريمة، إلى متى الإنفاق على سحق البشر واستعبادهم، إلى متى يقدس بعضنا بعض المعتوهين والموتورين حتى يظن أنه القائد الذي لا يهزم، وهو بطل من ورق؟!
إن الثورة الحقيقية هي أن نحذف إمكانية وجود فراعنة جدد حولنا، علينا أن نكسر تلك الأصنام داخلنا، الفراعنة لا يتواجدون حولنا إلا عندما نتقبل وجودهم ابتداء! ولقد ناقش الصحابة رسول الله (وهو الذي اختاره الله ليبلغ رسالته) في أمور الدنيا... وبعضنا، للأسف، لا يقبل إلا تقديس بشر مثله في اجتهاداته البشرية!
إن الاستبداد والاستعباد يصبح واقعاً عندما نقبل به ابتداء، ولذا قال أحدهم: اطلبوا الموت توهب لكم الحياة، يقصد حياة الكرامة، ذلكم هو شعار الأحرار دائما، والذي لا يستوعبه من ألِفَ حياة العبودية والذل.
عندما نسكت عن الظلم يزداد الطغاة في طغيانهم، ويظنون أنهم في أبراج عاجية يصعب الوصول إليها ونستحق وقتها أن يستعبدونا، ولنتذكر دائما أن الطغاة ليسوا حولنا، بل هم داخل عقولنا فقط، ولو تخلصنا من عقلية الاستعباد لوُهِبت لنا الحرية من رب العباد.
لقد وصل الحال ببعضهم أن يسبِّحوا بحمد بشر مثلهم، ليس لهم حول ولا قوة، فكيف لا تنشط (فيروسات الفرعنة) في عقول الطغاة؟! صدقوني... إن أرزاقنا وآجالنا مكتوبة ونحن في بطون أمهاتنا قبل أن نخرج لهذه الدنيا بلا حول ولا قوة، ولنتذكر بأن الرزق بيد الله وحده، كما أن البشر أبخل مما تتصور، فإذا أيقنا أن الموت والرزق بيد الله وحده سنتحرر وقتها من أغلال العبودية، وسنكتب في سجل الأحرار.
ببساطة، وبكل أسف، كل منا في داخله مشروع فرعون إذا وجد من يصفق لكل ما يقوله!
د.عبداللطيف الصريخ
كاتب كويتي
Twitter : @Dralsuraikh