ما أن يأتي مثل هذا الوقت في كل عام، حتى يتصاعد الجدل والتخمين حول أسماء الفائزين بجائزة نوبل على مختلف المجالات العلمية والأدبية والإنسانية، لما لهذه الجائزة من قيمة عالمية تزيد من حضور الفائز بها تاريخيا، اجتماعيا، ثقافيا، إعلاميا و... سياسيا.
ووسط هذا التكالب العالمي على فرص الفور بنوبل، لا يقل العرب عنهم في أحلامهم المستمرة في حضورهم كمرشحين لها على الأقل من حضورهم كفائزين بها، إذا ما استثنينا من ذلك الأديب الراحل نجيب محفوظ والعالم أحمد زويل، حيث لا يمكن أن نضيف على القائمة من فاز بها في مجال السلام لكونها سياسية أكثر منها إنسانية، وأعني هنا فوز الرئيس المصري الراحل أنور السادات مناصفة مع رئيس وزراء إسرائيل مناحيم بيغن 1978 بعد توقيع معاهدة كامب ديفيد، والرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات مناصفة مع بيريز ورابين عام 1994 بعد توقيع اتفاق أوسلو ومحمد البرادعي بصفته مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية 2005!
من هنا، تأتي قيمة الجائزة، في إنسانيتها وما تقدمه في صالحها وتركن إلى قضاياها العادلة دون انحياز ديني أو سياسي لأي قوى أو انتماء يقف حائلا دون تحقيق مبادئ وقيم وحقوق الإنسان.
فوسط هذا التكالب من الكثيرين على جائزة نوبل، نستذكر موقف الفيلسوف الفرنسي سارتر الذي رفض نوبل عام 1964 كاحتجاج على ما تفعله بلاده فرنسا في الجزائر، وموقف القائد الثوري الفيتنامي لي دوك ثو الذي رفض نوبل للسلام عام 1973 مناصفة مع وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر، لأنه كان يرى أن السلام لم يتحقق بعد في بلده فيتنام.
حتى فوزالرئيس الأميركي باراك أوباما بها عام 2009 انتقد من قبل أوساط كبيرة لكونها جاءت بناء على ما جاء في برنامجه المستقبلي وليس ما تم فعلا على أرض الواقع. والمعروف وبحسب ما هو معتمد في آلية الترشيح لنوبل في السلام، فإنها يمكن أن يتم من قبل أي عضو من أعضاء الحكومات أو إحدى المحاكم الدولية، وقد يكون من قبل أساتذة الجامعة في مجالات العلوم الاجتماعية والتاريخ والفلسفة والحقوق والعلوم الدينية ورؤساء معاهد البحث المتخصصة والمؤسسات في مجال السلام.
ما نود قوله أخيرا... تبقى جائزة نوبل للسلام سلاحا ذا حدين، قد يكون أحدهما لصالح الفائز بها إلا أن الآخر هو الأشد فتكا لكونه سيمثل موقفا ثابتا من الحياة والإنسانية، فإما أن يكون عند قدر مسؤوليتها الإيجابية وإما ان يتحمل نتائجها السلبية!
فاصلة أخيرة
بعد فوزها الأخير بجائزة نوبل للسلام مناصفة، عبرّت الناشطة اليمنية توكل كرمان عن أمنيتها لأن يكون فوزها بنوبل للسلام الخطوة الأولى لمحاكمة الرئيس اليمني بعدما أهدت فوزها للشعب اليمني وشهدائه الأبطال وشهداء الربيع العربي، وهذا يحسب لها ولتاريخها وبلدها العظيم، إلا السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا تأتي الترشيحات لهذه الجائزة مفاجئة في وقت تكون فيه الأوضاع غير طبيعية وحتى المبررات التي تسوقها لجنة الجائزة لا تعبر عن قناعة مطلقة، نحن لا نشك باستحقاق كرمان، ولكن نشك في توقيت الغاية السياسية لجائزة نوبل للسلام؟! والعاقبة لمن يعقل ويتدبر.
فهد توفيق الهندال
كاتب كويتي
[email protected]