9 أكتوبر 2011
12:00 ص
3057
اجتمعت المنظمات الدولية والعالمية على نصرة الإنسان متجردة من كل ما يعلق بها من فروقات بشرية كالجنس واللون والطبقة والديانة، وغيرها، بكونها تمس الجانب الإنساني البحت، فأبت إلا أن تتجرد وتنصف المظلوم على الظالم بتشريع قوانين ومواثيق ومعاهدات دولية تحمي الإنسان من ظلم وجور الظالمين من بني البشرية المجردين من إنسانيتهم، وقد سبقهم التشريع السماوي الذي ما جاء وقام إلا على العدل والمساواة ورفع الظلم والجور عن كل إنسان يقتات ويمكث على سطح الأرض.
ما دعاني لكتابة هذا المقال تلك التعليمات التي أصدرت من وزير بإنهاء تكليف الفترة الثانية لمكلفي إحدى وزارات الدولة من مواطنين وآخرين مقيمين ومن غير محددي الجنسية بين ليلة وضحاها، وذلك لتخفيض ميزانية التكليف المالية بنسبة 50 في المئة بنهاية شهر مارس من العام 2012 والتي أصبحت نافذة وسارية بداية الشهر الجاري، من دون إنذار مسبق أول إعطاء المكلفين مهلة تمكنهم من تخطيط وتدبير شؤونهم لما ما لديهم من مسؤوليات والتزامات مادية مع أطراف وجهات عدة.
ما هالني استغرابا وتعجبا تلك التعليمات التي عممت بصورة ارتجالية من دون الرجوع إلى الركائز الأساسية التي يبنى عليها القرار، وهذه التعليمات المجحفة ليست بقرار مسند لقوانين وسياسات الوزارة، وغالبا ما تكون التعليمات الارتجالية لا تستند إلى قوانين وإنما هي اجتهادات بشرية إما أن تصب في مصلحة العمل والعاملين، وإما أن تكون ضد مصلحة العمل والعاملين، فلهذا يمكن للوزير أن يتراجع عن تعليماته بلحظة ويستبدلها بتعليمات أو قرار مقنن مدروس لا يضر بالإنسان والإنسانية، وإن كان الدافع خطوة في الاتجاه الصحيح للإصلاح، فعليه أن يسترشد بالدراسة التي أعدها مجلس الوكلاء لمعالجة ملف المكلفين بطريقة إدارية صائبة مع مراعاة الجوانب الإنسانية. لا يهمنا عدد الموظفين الذين تم إنهاء وإلغاء أحد التكليفين لهم حتى وإن كان موظفا واحدا، فنحن لا نقبل الظلم على أحد، هل الوزير يعتقد إن ما صدر منه من تعليمات يعد له انجاز في تاريخه الوزاري؟ لا اعتقد! نحن مع سياسة تكويت جميع قطاعات الدولة الحكومي والخاص منها، ومع مصلحة المواطن الكويتي أياً كان منصبه، ولكن ليس بالإجحاف والتعدي على حقوق الآخرين، أيها الوزير الفاضل... أنت إنسان قبل أن تكون وزيرا ومالا ترضاه لنفسك، لا تقبله وترضاه لغيرك، كلنا يعلم أن الظلم ظلمات يوم القيامة، فاحذر من الظلم، واحذر أن تكون قدوة لمن خلفك ممن لا يمتلكون الحكمة والرشد، فيحذون حذوك، وتَسِنّ في الأرض سنة سيئة، فأنت اليوم مواطنا ووزيرا وغدا ستصبح مواطنا فقط فاحرص أن تجعل تاريخك الوزاري فيه من الصفحات المُشّرفة المتلألئة بانجازاتك بتطوير وتنمية عمل منظومة الوزارة بما يخدم البلاد والعباد.
لا ترغموا وتجبروا الناس على الاعتصامات، ولا تبخسوا الناس حقوقهم، وتكرهوهم على الهوان والتذلل بالوقوف أمام أبواب المسؤولين طالبين الإنصاف بحقوقهم، فقط سنّوا القوانين وفعلوها، إن احترامنا للقوانين يعني احترامنا للمسؤولية التي أوكلت إلينا من قبل السلطات العليا، وتبجيل واحترام النظام السائد في وزارات الدولة، فلقد جاء دور تحكيم الضمائر وليس تحكيم القرارات والتعليمات، فأنا لا أعرف مكلفي الوزارة، وليست لي صلة بأحد منهم، ولست موظفة بالوزارة المعنية، ما أدركه جيدا... من يرضيه أن يُظلم فليظلم.
منى فهد العبدالرزاق الوهيب
m.alwohaib@gmail.com
twitter: @mona_alwohaib