د. سليمان إبراهيم الخضاري / فكر وسياسة / لماذا لم أشارك!

تصغير
تكبير
لا يعبر هذا المقال عن موقف شخصي بقدر تعبيره عن حالة معينة أصيب بها الكثيرون، قد يجد فيها البعض أحد مظاهر الضعف والاحباط، بينما أدعي أن بين ثنايا هذ الحالة بذورا من الأمل تنتظر المقومات الصحيحة لتكبر وتنمو.

هذه الحالة هي تلك المتعلقة بالموقف من الحراك السياسي في الكويت أخيراً، خصوصا ذلك المتأثر بالفضائح المليونية وتداعياتها من تصعيد جديد ضد رئيس الوزراء ورفع شعارات اسقاط الراشي والمرتشي، وما قد يبدو أنه عدم اكتراث من قبل كثيرين، أنا منهم، تجاه هذه القضايا وتأثيراتها على مستقبل البلاد. أدعي هنا أنني ممن لا يقلون حرصا عن أي فرد من هذا الوطن في ما يخص حاضره ومستقبله، ولسنا هنا في مورد المزايدة على الآخرين في حب الوطن والعمل من أجله، لكنني أرى أن مجمل الحراك السياسي في الكويت أصبح يدور في حلقات رتيبة من التكرار الممل، ما يدفعني لا أراهن على هذه التحركات الأخيرة مهما كانت درجة الاخلاص لدى القائمين عليها، وهذه بالمناسبة مسألة فيها نظر!

فبالإضافة لكون قضية الايداعات المليونية هذه ليست أولى ولن تكون على ما يبدو آخر الفضائح من هذا النوع، لا يوجد ما يوحي أن الساحة السياسية قد نضجت بالشكل اللازم لطرح حلول أكبر من مجرد تغيير الأسماء واستبدال شيخ بآخر لقيادة دفة السلطة التنفيذية في الكويت.

كل هذا أقوله على افتراض حسن النية في القائمين على هذه التحركات، وحسن النية متوفر فعلا في كثير من القوى الشبابية التي لم تلوثها المماحكات السياسية حتى الآن، لكنني لا أخفي القارئ الكريم عدم توافر حسن النية لدى تجاه الكثير من السياسيين الذين ما فتئوا يقفزون على جهد الشباب ويحاولون تجييره لمصالح وحسابات معينة. كيف يستقيم لنا أن نستقبل في تجمعات كهذه تستهدف محاربة الفساد نوابا خرجوا من رحم التحالفات الطائفية أو القبلية، أو كيف نصفق ومنبر هذه التجمعات يعتليه كبار مخترقي القانون من أصحاب الواسطات و«خلافه»، أم كيف نشد على عضد نائب أو سياسي ينطلق في «تمثيله» للأمة من اصطفافات مع أجنحة معينة في الحكم لضرب أجنحة أخرى، والأمثلة لا تنتهي!

إنني أعبر هنا عن مدى امتعاضي من هذا الرتم الكئيب الذي تسير عليه السياسة وإدارة الدولة في وطني، فما يتبدى لي هو أن كم الاحباط من السلطة التنفيذية وفشلها الذريع عبر السنين في الكثير من الملفات قد دفع البعض دفعا للبحث عن بطل يجد فيه المخلص الموعود، وليسبغوا عليه كل ما يشعرون بافتقاده في الجهة المقابلة من شرف رفيع ونزاهة لا تمس وغيرها من صفات أقرب للرومانسية منها للواقعية.

ما أريده حقا، هو ما شددت عليه كثيرا في السابق، مشروع متكامل للإصلاح الوطني، لا يتمحور فقط حول الفساد المالي، بل يتناول جميع جوانب الوهن في أجهزة الدولة وتشريعاتها، كما ويتعامل مع فضائنا الثقافي والاجتماعي من خلال تحديد دور الدين والأعراف وحدود تداخلهما في السياسة والحياة بشكل عام، ويعلي من قيمة الفرد وحريته وانتاجيته.

في غير وجود هذا التوجه المتكامل، ليعذرني الكثير من الأصدقاء المعتصمين، والذين أجلهم وأحترمهم.

أما إن وجد... فسأحضر، وأهتف، وأصفق... للجميع!





د. سليمان إبراهيم الخضاري

كاتب وأكاديمي كويتي

Twitter: @alkhadhari
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي