لا أخفي حزني على موت ستيف جوبز، كيف لا وهو العقل المدبر لشركة «أبل» التي سحرت الملايين حول العالم، وأنا منهم، ذلك الرجل الذي إذا تكلم سكت الجميع لينصت لكلامه، لأن كلامه قليل جدا بالمقارنة بما أضاف للبشرية من إبداع وتكنولوجيا، والذي وثق كثير من البشر بما يطرح من منتجات وأفكار.
لقد توفي جويز عن 56 عاما قضاها في التأمل في تفاحته التي لم تكتمل، في إشارة إلى أن الإبداع لا يصل إلى حد ويقف، ترجم من خلال تأملاته تلك عشرات المنتجات، وألهم مئات الآلاف من البشر على الإبداع وفق رؤيته، بل انه تجاوز ذلك إلى إلهام منافسيه في سوق الحواسيب الشخصية ومشغلات الموسيقى والهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، وقد قال ذات يوم «يميز الإبداع بين القائد والتابع».
كما لا أخفي حزني أيضا من نمط تفكير بعض العقليات التي استنكرت انشغال الناس في وفاته في تويتر وغيره، وكأنه يجب علينا ألا نذكر هذا الرجل الأسطورة الذي غير وجه العالم وطريقة حياة الملايين من الناس.
أحبك يا ستيف أحببت فيك إصرارك وإرادتك وعزيمتك الجبارة وصبرك على التحديات والعقبات التي واجهتها لتخرج لنا بإبداعاتك التي سهلت علينا حياتنا، أحببت فيك ثقتك بنفسك ورؤيتك بعيدة المدى، أحببت فيك أيها الرجل عطاءك لشركتك وحبك لها، أحب فيك إيمانك بالعمل الجماعي من خلال إبرازك لمساعديك ومعاونيك من العاملين معك في أبل في المؤتمرات، وقد أكدت أن «الطريقة الوحيدة لتنجز عملا مبدعا هو أن تعشق ما تقوم به».
أحيي فيك أيها الأسطورة استقالتك من منصب المدير التنفيذي لشركة عملاقة عندما داهمك المرض، وقد كان من آخر خطاباته المؤثرة: «لطالما قلت أنه إذا أتى يوم لا أستطيع فيه أداء واجباتي أو الوصول إلى مستوى الطموحات كمدير تنفيذي لأبل، سأكون أول شخص يخبركم بهذا، وللأسف لقد جاء هذا اليوم قد، أنا الآن أستقيل من منصبي كمدير تنفيذي لشركة آبل، أود أن أخدم أبل اذا رأى المجلس أن ذلك ممكن، كرئيس للمجلس وكموظف في «أبل»، كما أوصي بشدّة أن تكون الخطوة المقبلة تسمية تيم كوك رئيسا تنفيذيا لأبل».
ويكمل: «أؤمن بأن ألمع أيام أبل وأكثرها ابتكارا بانتظارها، وأتطلع أن أرى وأن أساهم في نجاحها في مرحلتها المقبلة، لقد كسبت العديد من أفضل الأصدقاء الذين عرفتهم في حياتي في أبل، شكرا لكم جميعا على السنين العديدة التي عملنا فيها جنبا إلى جنب».
يقولون إن ستيف جوبز يتحدر من والدين سوريين، وأعتقد أنه لو لم يمت بسرطان البنكرياس في أميركا، لمات برصاص الجيش البعثي أو شبيحته.
د.عبداللطيف الصريخ
كاتب كويتي
Twitter : @Dralsuraikh