سياسة «استحمار» البشر

تصغير
تكبير
| علي الفضلي |

منذ أن وطئت قدما الانسان الأرض والابتلاءات تأخذه يمينا وشمالا، فتارة يبتليه رب الجلالة بأن يسلط عليه طاغية نزعت من قلبه العدل والرحمة، فيعيش الحر في ظل هذه الأجواء حياة المقيد الذي لا يملك أن يرد الباطل ان فرض عليه، ويعيش فيها السفيه منعما مكرما يخيل لنفسه أنه حيز الدنيا والآخرة، وتارة يبتلى الانسان بانقلاب موازين الحق والعدل بين بني جلدته وهذا من أشد الابتلاءات، حتى يصل الابتلاء مرحلة يشعر فيها صاحب الحق المتمسك بحقوقه وكأنه قد أقبل على هلاك نفسه.

على مر الزمان كان ولا يزال الطغاة - باختلاف أشكالهم وألوانهم - أهل عقيدة واحدة وسياسة واحدة من ركائزها الأساسية سياسة استحمار بني البشر، فعندما يطبق الطاغية هذه السياسة يكون قد سهل على نفسه أمورا كثيرة، لأنه اذا أراد في يوم من الايام أمرا ما فانه لن يكلف نفسه سوى أن يهش بعصاه على غنمة كما يرى هو ( من المفترض أن يكونوا بشرا) ويأتونه طائعين متذللين اليه، ان أمرهم يمينا فلا بد أن يسيروا يمينا وان أمرهم شمالا لا بد أن يسيروا على ما يريد دون أن يعبر أحدهم عن رأيه أو يقدم فكرته، وهو - الطاغية - يعلم في الوقت ذاته بوجود الأحرار بين رعيته لكن ذلك يزيده كثيرا على الاسراف في استخدام سياسة الاستحمار.

وما أكثر من يستخدم سياسة الاستحمار في أيامنا هذه، فالعالم بأسره يتعرض لهذه السياسة من قبل زعيم الاستحمار العالمي الولايات المتحدة الاميركية، تطبقه بأخبث الصور وأبشعها وآخرها رفضها لقبول اعلان دولة فلسطين!، فأغلب الدول بشتى أنحاء العالم ساندت القضية الفلسطينية لكنهم كانوا بانتظار عصا باراك أوباما على أي اتجاه ستهش.

وفي وطننا العربي الكبير تبلغ سياسة الاستحمار مبلغا كبيرا لدى العديد من الأنظمة، تجعل الانسان أحيانا كثيرة متشككا في انسانيته وأحيانا يضطر الى أن يتجرد منها، فهذه الأنظمة تحاول بشتى الاتجاهات غرس بذور هذه السياسة في قلوب الناس حتى تنبت معهم حينما يكبرون.



اضرابات ناس فاضية

في كل يوم بعد ربيع الثورات العربية يخرج لنا عدد من الموظفين الذين يطالبون بالكادر والانصاف والمساواة، أقول لهم : الى متى هذا الدلع واللهاث وراء الدينار وأغلبكم لا يقدم شيئا؟ ... استحوا شوية.



جامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا

تخصص علم الحاسوب
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي