يعتقد بعض أعضاء المجلس النيابي، كما يلاحظ في تصريحاتهم الإعلامية أن رياح تغيير الأنظمة العربية والتي تسود هذه الأيام بعض أرجاء المنطقة العربية لن تكون الكويت بمنأى عنها بسبب الفساد المستشري بين المسؤولين، فالرياح التي تعصف بالأمم، كما يظن هؤلاء، أسبابها واحدة مع انها مختلفة ودوافعها متباينة، وانعكاساتها ليست واحدة، فالأشياء أمامها غير ثابتة وراسخة.
البعض، مع الأسف، يأخذه الحماس فيندفع نحو المجهول بسبب ما يعايش من مشكلات ظنا بأنها مشكلات واحدة يعاني منها كل الناس، ولا يفرق بين المشكلات وتداعياتها أو بين الثوابت والمتغيرات، فتختلط الأوراق لديه أمام الرغبة في تقليد الآخرين والسير على نهجهم، فكيف يتساوى الواقع المعاش في بلدنا مع دول عانت كثيرا من الظلم والتخلف، ولماذا تطمس الحقائق التي تؤكد على المستويات كافة في اننا نعيش رغد العيش، ونتمتع بدستور وديموقراطية وحرية في الفكر والرأي والتعبير مازال الكثيرون يحسدوننا عليها؟
فإذا كانت الرياح العربية آتية علينا، كما يدعي البعض، فإننا نتمنى ألا تكون رياحا فاسدة تهدم حياتنا ونعيش أوضاعاً مأسوية، كما تعيشها الشعوب الأخرى، فنحن لا نتفق مع الذين يريدون اقتلاع النظام السياسي والقاء كل ما تم انجازه من مكاسب لأن البعض منا لا يدرك عواقب الأمور والتصرفات، ويجعل العاطفة في مكان الصدارة بدل التعقل، بسبب الاندفاع نحو التكسب على حساب الوطن والولاء له بدل الولاء لأطراف تربطه بها مصالح مشتركة.
حاجتنا إلى رياح الاصلاح ومحاربة الفساد هي الأهم، وهذه لا تتحقق بأداة الرياح الثورية العربية، وإنما بالوحدة الوطنية، وسعي كل مواطن للاخلاص في عمله، وتنقية النفوس من الشوائب، ومحاربة الفساد في الضمائر، فليس هناك أفضل نظام سياسي قائم على الحرية والديموقراطية وتكافؤ الفرص في منطقتنا ولدى كثير من الشعوب مثل نظامنا الديموقراطي الذي يتيح لنا أن نستجوب رئيس الوزراء تحت قبة البرلمان، وأن نعبر بكل حرية عن تمنياتنا ورغباتنا رغم أن البعض يتطاول على البعض، ولا يتردد في إيذاء الناس. الناس في ظل الدستور تعيش في أمان، فلا زوار الفجر على أعتاب منازلهم، ولا اغتيالات أو سجون لمن يخالف الرأي، أو استبداد لحقوق الناس بمنعهم من اللجوء إلى القضاء العادل، ولا ظاهرة «خرج ولم يعد» كما يحصل في كثير من الدول، فاتقوا الله في بلدكم والتفتوا إلى مسؤولياتكم كنواب للأمة، فلقد طفح الكيل وعلى الناخبين تحمل المسؤوليات إذا شاءت الظروف أن يُحل هذا المجلس قبل انتهاء مدته ويعاد الانتخاب على أسس جديدة مبنية على نوايا صادقة وتعاون يصب في خدمة المصالح العليا للبلاد.
د. يعقوب أحمد الشراح
كاتب كويتي
[email protected]