بينما كان الخطيب العاشق يتمشى مع خطيبته على الجسر الخشبي الممتد الى داخل البحر، وهو يقول لها «تعرفي البحر شو كبير قد البحر بحبك» ويحكي لها كيف سيبنيان مستقبلهما الوردي، وكيف سيصبغ لها غرف البيت باللون الوردي، وكيف سيحكي لها حكايات العشق الوردية كل مساء...! استند الخطيب الولهان على حاجز الجسر، فجأة انكسر الحاجز المتهالك وسقط في البحر، الخطيبة راحت تولول، باحثة عن منقذ لزوج المستقبل، والخطيب العاشق متعلق بخشبة، ويصرخ مستنجدا!
تجمع الناس، لمتابعة الحدث:
• يا سيدتي من هذا؟
الخطيبة بخوف: خطيبي!
• ولو، عيب، نحن مسلمون، وهذا خطيبك، لا «كتب كتاب» ولا مأذون، الى متى نترك عاداتنا وتقاليدنا ونتبع الغرب!
• صحيح والله يا بوسالم، ما في احترام لا للعادات، ولا للتقاليد، ولا لثوابت هالأمة المسكينة!
الخطيبة تتدخل مرة اخرى: والله انا المسكينة، ممكن واحد ينقذ هالمسكين؟
• طيب هو كويتي!؟
• لا اعتقد لهجته غير كويتية!
• يعني مو كويتي، ويسبح ببحرنا، شلون وافد ويسبح من دون اذن!
الخطيبة تتدخل باكية: هو سقط غصبا عنه، ما رمى نفسه عمدا!
• بعد الزواج راح يرمي نفسه!
• وأنا أعتقد انه لن يغرق، لانه متعلق بالخشبة!
• ولكن قد يتعب ويترك الخشبة!
• هنا، هو من يتحمل المسؤولية!
• صحيح لانه لم يتعلم السباحة وركوب الخيل، ابناؤنا نعلمهم الركض خلف الكرة، ومتابعة المسخرة، بدلا من تعليمهم السباحة والخيل، حتى تيس ما نقدر نركب!
• انا شخصيا اعرف السباحة، وعندي حمام سباحة بالبيت استوردت سيراميكه من ايطاليا، فقط حتى اعلم ابنائي السباحة...! وعندي اسطبل خيول، اشتريتها من النمسا، لان ابنتي تحب تتعلم ركوب الخيل!
الخطيبة بحرقة تستنجد: وخطيبي يغرق ويموت!
• القضية لها ابعاد اكبر من الجسر، وانقاذ فرد، القضية قضية فساد في البلد، الاولى انقاذ البلد حتى لا يغرق غيره؟!
• طبعا وأنا أحمل الحكومة المسؤولية!
• انا اقول المجلس هو المسؤول، لانه لا يقوم بدوره الرقابي!
• كخبير دستوري اقول، انها مسؤولية رئيس الوزراء، ولولا تسيب وزرائه لما سقط الرجل!
الخطيبة بقلق تتدخل وتقطع الحوار: ممكن تتصلون بالمطافي، وبعدين تتناقشون عن رئيس حكومتكم!
• المطافي يطفئون الحرائق وليست مهمتهم انقاذ الغرقى!
• طيب، لماذا لا يوجد منقذون بحريون!
• صحيح، ليش مافي؟
• كيف يضعون منقذا بحريا، فرضا غرقت سيدة جميلة وفاتنة وبنت ناس، كيف ينقذها!
• اذا، يفترض تعيين منقذ، ومنقذة!
• منقذة، يعني لازم تلبس مايوه، سبحانك اني بريء من هذا الفساد!
• ممكن نلبس المنقذة (مايوه إسلامي)، مع اني اعتقد ان المايوه الاسلامي، ليس اسلامياً خالصاً!
الخطيبة ايضا تتدخل والدموع تغالبها: خطيبي، تعب، اين النجدة، اتصلت من نصف ساعة؟!
• سيصلون، ولكن عليك ان تعرفي، انه ليس زوجك فقط من يغرق، البلد كله غرقان، وهذا الرجل يعبر عن الواقع الاجتماعي والسياسي!
الخطيبة تصرخ: يا ناس خطيبي تعب، انقذوه، اي واحد فيكم!
• والله نتمنى، ولكن هذا يعتبر تداخلا في الاختصاصات، لا يجوز للطبيب ان يحارب، والمفتي ان يعالج، والوزير يشرع، والنائب يغني، كل مهنة ولها ناسها، مع انه في هالبلد كل شيء يصير!
الخطيبة تجهش بالبكاء: وخطيبي، يا ناس، انقذوه انه يغرق؟ّ!
في هذه اللحظة، يتدخل شاب ابن حلال، وابن عز ودلال، لانقاذ الموقف، يخلع رداءه ويغطي السيدة، ويخاطبها برقة الجو بارد، وانت بنت صغيرة وجميلة، والحياة امامك، لو تريدين انقاذ خطيبك انا حاضر، ولكن الم تتساءلي كيف لرجل لا يستطيع انقاذ نفسه، بامكانه انقاذك وقت الشدة؟ أنا ابن حلال، وابي عنده حلال، ومن اول نظرة دخلت قلبي، ومستعد ان اطرق باب بيتكم وادخله، لاخطبك من أهلك!
عندها مسحت دموعها وابتسمت، وذهبت معه!
جعفر رجب
[email protected]