إبراهيم أديب العوضي / اجتهادات / لا حلّ بالضرائب

تصغير
تكبير
يبدوا أن مسلسل التخبطات الحكومية لم ينته بعد وستظل حلقاته مستمرة ما لم يتغير نهجها في معالجة القضايا المصيرية وفي مواجهتها للأزمات التي تصنعها عادة بيدها! فقد تفاجأ الجميع من التصاريح الحكومية الأخيرة الداعية إلى فرض الضرائب على المواطنين فتحولت بقدرة قادر من حكومة معطاء ومانحة، تغدق المميزات والكوادر وأحيانا الرشاوى (لكل من هب ودب) إلى حكومة تسعى إلى التقشف وترشيد الانفاق تحسباً إلى أي خطر مستقبلي قد يهدد الميزانية العامة للدولة خلال الأعوام المقبلة. هذا الأمر أثار حفيظة وغضب المواطنين والذي أبدى الكثيرين منهم إعتراضهم الشديد عليه وهو أمر من وجهة نظري غير مستغرب حيث أن تغيير أيديلوجية وفكر المواطن الذي زرعته الدولة بنفسها لن ينقلب بين ليلة وضحاها، فكيف يقتنع مواطن على سبيل المثال بفرض الضرائب وتعلن الحكومة بعدها بيومين عن إقرار بدلات حملة الماجستير والدكتوراه للعاملين في القطاعات الحكومية؟

هذا المقترح الحكومي لم يأت من فراغ، فالكويت بلد نفطي بحت يشكل فيه النفط والغاز الطبيعي والصناعات التي تقوم عليها حوالي 95 في المائة من الدخل الإجمالي للدولة، وعليه فإن أي اختلال في أسعار النفط سيشكل خطراً على ميزانية الدولة، كما أن حجم المصاريف المتزايد والذي قدر بحوالي ثلاثة أضعاف بند المصروفات عما كانت عليه قبل ستة أعوام قد شكل بالفعل جرس إنذار حقيقي للدولة. إن الميزانية العامة للدولة والتي بنيت على أساس سعر 60 دولار للبرميل قد قدرت قيمة العجز لهذا العام بـ 22 بليون دينار، إلا أنه رب ضارة نافعة حيث أن الأحداث العربية الأخيره قد ساهمت في المحافظه على ارتفاع أسعار النفط، ومن المتوقع أن تحقق الدولة فائضاً في الميزانية السنوية بحوالي 41 بليون دولار. وتشير التوقعات أيضاً أن ميزانية الدولة ستشهد تساوياً في حجم المصروفات والإيرادات خلال العقد المقبل إذا استمر الوضع على ما هو عليه من زيادة لحجم المصروفات وعدم وجود بدائل أخرى للدخل.

الشاهد أن للحكومة أعينا لا ترى بها وأذن الا تسمع بها، فقد لجأت إلى أسهل الحلول في سعيها لتقليل حجم المصروفات من خلال إشراك المواطن في تحمل جزء من هذه المصروفات عن طريق الضريبة، وهو حل بلا شك وقتي سيزيد من أعباء المعيشة التي أرهقت كاهل المواطن، وسيثبت على المدى البعيد عدم قدرته وحيداً في مواجهة الأزمة المتوقعة. إن من الأجدى على الحكومة أن تعزز من استثمار الفوائض المالية الناجمة عن زيادة أسعار النفط والتي بلغت خلال العشر أعوام الماضية 200 بليون دولار من خلال إيجاد فرص استثمارية مجدية ومربحة ذات مردود عالي، وعن طريق خلق بيئة استثمارية مناسبة داخل الدولة، وتشجيع قطاع التصنيع بشقيه البترولي وغير البترولي، ودعم المشاريع العقارية والترفيهية، وتوفير قاعدة صلبة للسياحة، وكل ذلك سيساهم في زيادة العوائد غير النفطية مما يؤدي إلى تقليل مساهمة النفط في إجمالي الناتج المحلي.

لكن للأسف لا حياة لمن تنادي، فالدولة لا تمتلك أدنى مقومات النجاح في الاعتماد على مصادر أخرى غير النفط، فها هو قانون المستثمر الأجنبي يواجه العثرة تلو الأخرى حتى أصبحت الكويت بيئة طارده للمستثمر، وها هي خطة التنمية لم ينجز منها إلا القليل، أما صناديق الأستثمار الكويتية فقد عانت الأمرين من أحداث الأزمة العالمية الأخيرة، وكذلك قانون الخصخصة الذي أضحى حبيساً للأدراج، وغيرها من العوائق التي لا يسع المجال لذكرها.

إن على الحكومة أن تقف وقفة جادة تسعى من خلالها لمعالجة الخطر المحدق، وأن تتكاتف الجهود لمواجهة هذه الأزمة الخطرة شئنا ام أبينا، وألا ننتظر كما انتظرنا في قضايا أخرى مشابهة حتى لا نندم حينها على الأيام التي قد خلت!



آخر كلام

الفقر والظلم فقط هما من كانا الدافع وراء الثوارات العربية.





إبراهيم أديب العوضي

Email: [email protected]

Twitter: @ibrahimAalawadi
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي