أرق / أمي وأبي... عذراً

تصغير
تكبير
| أمل العبيد |

يفتقر الكثير من العائلات والأسر الى مبادئ أساسية في التعامل مع الأطفال وتربيتهم، تستطيع من خلالها تجنب حالات سلبية عديدة في حياة أولادهم.

ورغم تعدد السلبيات التي يقع فيها الآباء والأمهات في التعامل التربوي مع أبنائهم.. وكثرة البحوث العلمية والتطبيقية والبرامج الاسرية حول أفضل الطرق التربوية يعد اختلاف الأب والأم في تربية الأولاد من أكثر المشاكل تكراراً في الأسر ومن أعمها ضرراً وأبلغها أثراً وأسرعها ملاحظة وظهوراً.

وتأتي هذه الحالة عندما يقوم أحد الطرفين «الأب أو الأم» بتربية أحد أبنائهم بطريقة معينة وفق فكر معين، ويأتي الطرف الآخر لينقض تلك التربية وذلك الفكر بفكر وطريقة مختلفة، قد تصل حد التضاد، ما يوقع الابن في حيرة مركبة، ويضيع بالتالي تعب الطرفين في تحقيق أي أثر ناجح في تربيتهما.

بعض الأسر يوجد فيها اختلاف حول وجهات النظر في تربية الطفل بين الأم والأب كأن يؤمن الأب بالصرامة والشدة بينما تؤمن الأم باللين، وتدليل الطفل أو يؤمن أحدهما بالطريقة الحديثة، والآخر بالطريقة التقليدية.

رغم تعدد السلبيات التي يقع فيها الآباء والأمهات في التعامل التربوي مع أبنائهم، يعد اختلاف الأب والأم، في تربية الأولاد من أكثر المشاكل تكراراً في الأسر ومن أعمها ضرراً وأبلغها أثراً وأسرعها ملاحظة وظهوراً

المشكلة الحقيقية لا تقع على الآباء والأمهات - مع كل أسف - وهما المعنيّان الأساسيان في هذه القضية، بل تقع على الأبناء الذين يحتارون بين أفكار الأب والأم وبين طرق تعامل الأب والأم، ويؤثر ذلك على مستقبل الأبناء أنفسهم.

فالرسالة التربوية التي يحرص الأب على ايصالها ستضيع ويتلاشى أثرها ان قامت الأم بتوجيه رسالة تربوية مغايرة لها.

ورسالة الأم ذاتها تضيع في ظل وجود رسالة الأب... وفي معظم الأحيان يختار الأبناء الرسائل التي تتماشى مع أهوائهم وميولهم ورغباتهم، رغم الأفكار والكتب والمحاضرات التي تتكلم بشكل مستمر عن مسألة اختلاف تربية الأب والأم لأولادهما... والسلبيات التي تنتج عن ذلك، وأفضل الطرق لتلافي هذه المشكلة... الا أنها تبقى من أكثر المشاكل التي تحدث داخل العائلات... وأن ما يحدث في هذه الحالة أن يحكم الأب والأم عاطفتهما في محاسبة وتربية الابن... بعيداً عن العقل والمنطق... والا لكان على الطرفين ان يتفقا على طريقة واحدة في التربية ونحن في منحى قوي الاتجاه وهو عدم الثقة بين الطرفين...؟

وان تكون المسألة شخصية بين الأب والأم عبر خلافات بينهما.. تنعكس على طريقة تربية الأولاد.

وأن يعلما ان المشكلة الأساسية تسيء لأبنائهم قبل كل شيء وأن آثارها ستبقى لسنوات طويلة في أذهانهم وان نعي تماما اهمية... الحوار والنقاش المسبق بين الآباء والأمهات لانه أقرب الطرق وأسهلها لتلافي حدوث أي مشاكل من هذا النوع بين الطرفين.

ولعل من المناسب جداً أن يكون هناك اتفاق مبدئي بين الأب والأم على عدم قيام أي طرف منهما بتوجيه رسالة تربوية مخالفة للرسالة التي وجهها أحدهما لتوه الى الأبناء، خصوصا أمامهم، وفي حال خطأ أحد الطرفين أو فرض عقوبة معينة أو توجيه رسالة تربوية معينة يراها الطرف الآخر خاطئة، يجب عدم لفت انتباه الطفل لذلك، ومن ثم النقاش حول صحة وخطأ هذا التصرف في مكان آخر بعيداً عن أعين الأبناء، مع الحرص على عدم المشادات أو الاختلاف بين الطرفين أمام الأبناء، فذلك يولد لديهم احساساً بأن الخطأ قابل لأن يكون صواباً، وأن الصواب قابل لأن يك ون خطأ في ظل غياب أحد الأبوين وبيد اقواهم شكيمة؟

وسيكون الابناء متملصين من المشاكل التي يقعون بها في توجيهها بشكل غير مباشر للوالدين لكي يكون في مأمن من العقاب وهو تصرف جبل عليه من عدم الثقة بينكم ويصبح الابناء يلعبون دورا ذكيا في الوصول الى غاياتهم، علي حساب احد الوالدين في مختلف سنواتهم العمرية وضعف الوازع الديني الذي يجب أن يحضر أمام أعين الطرفين بأن التربية مسؤولية كبيرة يقع على عاتقها جيل كامل... وأن كلا منهما راعٍ ومسؤول عن رعيته، وليس الاباء اصحاب سلطة وعبودية تضر بتنشئة الابناء. كما أخبر نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - «كلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته»، وبالتالي فان الأب والأم سيقدمان نفس الرسالة التربوية لأبنائهما وان اختلفت الطريقة بينهما... بل على العكس قد تكون سبباً في ثبات هذه الرسالة التربوية ورسوخها في ذهن الابن.

يجب مراقبة الله - عز وجل - في مسألة تربية الأبناء، والاتفاق مسبقاً على الطرق التربوية الصحيحة والتوجهات الاسلامية الأساسية في التعامل مع الطفل، واعتبار الدين المرجع في تبيان صحة هذه الرسالة من خطئها في تربيه الابناء، وان نتعلم ان نثق بأن تربيه ابنائنا لا تزيد رقعة المساحة بين الوالدين بل تزيدهما قربا وألا تكون سببا في تفكك الاسر.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي