وليد الرجيب / أصبوحة / لحظة الخروج من الشرنقة

تصغير
تكبير
عندما دخلت القوات الأميركية وقوات التحالف الدولي الكويت عام 1991، كان ذلك بقرار مجلس الأمن ولغرض تحريرها من احتلال خارجي لأراضيها تم رغماً عن إرادة شعبها ونظامها الشرعي، وكان الأمر يبدو مشروعاً بسبب الغطاء وشبه الاجماع الدوليين.

وفي عام 2003م دخلت القوات الأميركية والبريطانية العراق، من أجل تخليص الشعب من شرور الديكتاتورية وبحجة امتلاك صدام لأسلحة دمار شامل لم يوجد لها أثر، وأيضاً تدخلت قوات الناتو عسكرياً في ليبيا لمساعدة الشعب في اسقاط نظامه الديكتاتوري، كما ترتفع بعض الأصوات داخل المعارضة السورية مطالبة بالتدخل الأجنبي لاسقاط النظام السوري البعثي.

وبالنظرة الأولية نرى أنه من المستحيل على الشعوب العراقية والليبية والسورية الانتصار على أنظمتها الوحشية، والتي تتلقى مساعدات من دول خارجية مثل إسرائيل ومرتزقة أفريقيين في حالة ليبيا، وإيران وحزب الله اللبناني في حالة سورية، والتدخل العسكري سيبدو استجابة للقدر لمعاناة هذه الشعوب.

وبغض النظر عن جزئية استنكار بعض الشعوب العربية وقواها السياسية لاستعانة الكويت بالأجنبي من أجل تخليصها من الاحتلال الجائر، وبغض النظر عن فوبيا أو متلازمة أميركا المرضية، فإننا لا نجد في التدخل الأجنبي والأميركي بالذات فعلاً بريئاً أو نية صادقة، بغض النظر عن كل تعقيدات وخصوصية كل دولة وما حدث ويحدث فيها.

فبغياب الثنائية القطبية وتوقف الحرب الباردة، ارتبطت سياسة المحافظين الجدد بالحروب العدوانية ووضع مخطط بالتعاون مع اسرائيل من أجل شرق أوسط جديد يرمي إلى تفتيت الدول العربية لصالح التفوق الاسرائيلي، ضمن مسرحية الاعتدال والممانعة، رغم ان جذور تبعية وعمالة الأنظمة العربية تعود لعام 1948 والتي كشفها قرار التقسيم وما لحقه من تمثيليات الحرب العربية - الاسرائيلية التي تم خداع الشعوب العربية بها.

كل تلك التدخلات بما فيها تدخل درع الجزيرة في الشأن البحريني وهو تدخل مرفوض وفي غير الهدف الذي من أجله تم تأسيس هذه القوات، أقول كل تلك التدخلات سببها حماقة وديكتاتورية الأنظمة العربية نفسها، فمن سمح لقوات التحالف لدخول الكويت؟ أليس السبب صدام حسين؟ وهذا ينطبق على تعنت وعنف معمر القذافي وربما لاحقاً وحشية النظام السوري وعدم تلبيتهما لمطالب شعبيهما السلمية، دون اغفال التدخلات الايرانية وأداتها حزب الله في الشؤون العربية.

إن الثورات العربية أربكت الحسابات الغربية وبالأخص الأميركية - الاسرائيلية، ووجدت في غباء وتعنت وتسلط الأنظمة العربية خير منفذ إلى التدخل في الشأن العربي وإعادة نفوذها الذي فقدته جراء ثورات الشعوب العربية، هذه التدخلات أربكت الوعي السياسي للبعض.

انه من الطبيعي أن يلد الوعي الجديد من الوعي القديم في غمرة صراع الشعوب العربية مع إسرائيل وأميركا وأنظمتها الموالية لهما، انه عهد جديد وهناك من سيستوعبه ويواكبه، وهناك من مازال يعيش صدمة التغيير ويتمسك بتقاليد الوعي السياسي القديم، وهناك من يكشف عن اصطفافه الديني والمذهبي ويدخل في هستيريا جراء هزيمة وعيه، فنحن نعيش لحظة الخروج من الشرنقة.





وليد الرجيب

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي