أهالي المنطقة يعيشون «مأساة» يومية بسبب «دهاليز أمغرة» وكثيرون يفكرون في هجر منازلهم
بيوت «سعد العبدالله» ... إطلالة على «معاناة» السكراب... ورعب الكلاب
يعبر الطريق بعد أخذ ضالته من المنازل
الشارع الفاصل بين المنازل والسكراب
مهملات أمام مركز صحي حديث
طفل يلهو أمام منزله
عمالة سائبة
الكلاب الضالة تغزو المنطقة
سلندرات الغاز سبب مباشر للحرائق المتكررة
منازل «سعد العبدالله» تطل مباشرة على «دهاليز» سكراب أمغرة (تصوير نايف العقلة)
| كتب نواف نايف |
يجلس أبو سعود على كرسيه في بلكونة منزله المطلة على أكوام الحديد المتراكم فوق بعضه البعض، يراقب عن كثب الدخان المتطاير من فوقها حاملا معه ملوثات لا يعلم أحد مدى ضررها الصحي باعثة روائح كريهة تعجز الأنوف عن تحملها.
هنا مشهد مسموم، كئيب ومخيف، ملوث بصريا وسمعيا وصحيا، لا تجمله البيوت الحديثة الشاهقة المحاذية للمكان الذي يتحول مع حلول الظلام إلى مرتع للكلاب الضالة وفندق لمخالفي الإقامة والهاربين من القانون وغيرهم.
هنا هاجس خوف لا يفارق قاطني منطقة سعد العبد الله «جنوب الجهراء» وتحديدا قطعة 10 المحاذية لسكراب أمغرة، حيث البيوت تفتح مباشرة على «الحوطات» التي تباع فيها قطع الغيار المستعملة للسيارات وغيرها.
«الراي» حاولت رصد الاوضاع في مدينة سعد العبدالله قبل مغيب الشمس، حيث الحدود الزمانية للأطفال كي يلهوا امام منازلهم برفقة الخدم دون ان يتجاوزا الخطوط الحمر - السكراب - أو يقتربوا من العمالة السائبة.
دهاليز السكراب الكثيرة والمخيفة تزيد حرص الأهالي على عدم ترك أبنائهم للهو أمام المنزل خوفا عليهم من خطر هذه «الدهاليز» التي ينتهي العمل فيها عند المساء ومن ثم تبدأ الحركة «غير الطبيعية» داخلها.
ومع غياب آخر خيوط أشعة الشمس يبدو المشهد موحشا بعلو أصوات نباح الكلاب التي تعبر من السكراب نحو المنازل باعداد مخيفة لتغزوا المنطقة، فيما يظهر وسط الظلام الدامس بعض الأنوار الخافتة بألوان مختلفة دالة على حركة ما بين حطام السيارات وسط غياب تام للأمان.
ومع اقتراب الساعة من العاشرة مساء، تبدأ حركة غير طبيعية داخل دهاليز السكراب وسط الظلام الحالك، فتارة يخرج عامل يحمل اكياسا سوداء، وتارة اخرى تظهر مجاميع من وسط الظلام عابرة الشارع الذي يفصل بين المنطقة والسكراب الى جهات غير معلومة، في حين يقوم اصحاب المنازل باغلاق الابواب بإحكام شديد وبعضهم يضع ابوابا حديدية حتى لا يتم اختراقها بسهولة، بسبب تعرضها للسرقات باستمرار.
... ومع استمرار جولتنا لرصد الأوضاع في المنطقة، يتحول الوضع مرعبا مع حلول منتصف الليل، فالسكون والظلام الحالكان يخيمان على المكان، ويشد انتباهك عيون تتلامع بين خيوط الظلام ما ان تقترب لتتحقق منها تجدها مجاميع من الكلاب الضالة والمتعطشة التي تبحث عن فريسة لتسد جوعها، والغريب انها لا تنبح حتى لا تدل على مكانها، بينما هي جاهزة لتفترس من يؤذيها بأعدادها المخيفة التي لها صولات وجولات بين المنازل المجاورة لها.
وسيرا وراء الضوء الخافت، دخلنا وسط «دهاليز» السكراب، حتى وصلنا إلى مصدره الذي تبين انه سراج من داخل احدى السيارات المحترقة وإلى جانبه مسجل صغير يصدح بأغان غربية بغياب أي أثر للأشخاص الذي اختفوا بمجرد سماع خطواتنا.
وفيما ظلام الليل الحالك يخيم على المنطقة، تشتعل السماء بألسنة اللهب المتصادعة وسط السكراب بفعل حرق العمال للاطارات، لتنبعث رائحتها عبر غيوم دخانية تتجه نحو المنازل بسمومها وأمراضها المتعددة.
ويشد الانتباه خلال ساعات النهار لهو الأطفال وانهماكهم في اللعب أمام منازلهم بحدود لا يتجاوزونها رغم ضيق المساحة المتاحة لهم، بينما يقف والدهم (ابو علي) على مقربة من المكان مراقبا لهم دون كلل أو ملل.
يتنهد أبو علي شارحا «اعمل مراقبا لابنائي الذين يحتاجون للعب والتنفيس قليلا، فأضطر إلى ملازمتهم خوفا عليهم من الكلاب الضالة أو بعض العمالة السائبة».
ويضيف: «الوضع الذي نمر فيه تجاوز مرحلة الحزن لأننا لم نفرح في منازلنا، السكراب ملاصق لنا بدهاليزه وخباياه، فصراخنا على قدر الالم، ولا أحد يشعر بذلك إلا الاهالي الذين سئموا الوضع، حتى ان بعض العمالة لا يحترمون حرمات الناس كونهم لا يعرفون العادات والتقاليد ويرتدون زيا يخدش الحياه وبعضهم يخرج عاريا لا تستره سوى لفافة حريرية يلفها أسفل بطنه!!».
ويكمل أبو علي حديثه لـ «الراي» بأسى: «اعتدت على الذهاب بشكل شبه يومي بعد منتصف الليل الى المستشفى لأنقل احد ابنائي الذي يعاني من حساسية مزمنة (ربو) نتيجة الغازات السامة الصادرة من المصانع القريبة لنا وحرق الاطارات، وكلما اذهب للعمالة وابلغهم ضرورة اطفاء النيران لا يردون ويقولون انها مشتعلة بفعل الطبيعة، والغريب في الامر انني لا أرى أي دوريات تمر ولو حتى مرور الكرام، فالامن معدوم تماما، والبيوت في كل يوم تتعرض للسرقة، والبيئة ايضا ملوثة، ونحن ننتظر المسؤولين الذين وعدونا بنقل السكراب، ولكن انا اعرف ان يوم المسؤولين بعشر سنوات لذلك سأقوم بتأجير منزلي الذي لم اهنأ به وابحث عن منزل اخر بعيد عن المنطقة للعيش فيه».
اما جاره ابو سالم فيوافق أبو علي الكلام «الوضع بات خطيرا جدا ووصل إلى مرحلة لا يمكن السكوت عنها»، ويتساءلان «هل من المعقول أن تجاورنا عمالة عزابية سائبة غالبهم مخالفين قانون الإقامة، ناهيك عن الغازات السامة وحركة سوق السكراب، وعند الليل تبدأ حالة من الرعب وعدم الشعور بالأمان إذ نقوم بإحكام قفل جميع أبواب المنزل خوفا من شيء ما غير متوقع في ضل الأوضاع التي نعيشها».
ويؤكد ابو سالم أن المشكلة «أصبحت مؤرقة جدا، ولطالما رفعنا شكاوى للجهات المعنية ولكن للأسف لا تحرك ساكنا، وقرار الازالة الذي تحدثوا عنه لم ينفذ حتى الآن، ولا بد أن تكون هناك وقفة جادة وان يلتفت المسؤولون إلى الوضع الذي نعيشه قبل وقوع الحوادث التي نترقبها، لأن المشهد في المساء لا يوصف عندما تفتح نافذة الشباك على دهليز مظلم لا تسمع منه سوى صوت نباح الكلاب وأنوار سيارات تتخاطف بين لحظة وأخرى، والسكون الذي يخيم المكان يشعرني بعدم الاستقرار، خصوصا وان أبنائي لا يمكن أن يخرجوا للهو في الساحة المقابلة كنوع من التنفيس دون أن أكون معهم».
وطالب ابو سالم بضرورة «التدخل السريع من الجهات المعنية وان يضعوا حلا جذريا، فإما ازالة السكراب أو منحنا منازل في مناطق أخرى»، لافتا إلى أن «السكراب أصبح وضعه غير قانوني، وليس ثمة مداخل أو مخارج قانونية له، فالبعض يقوم بخلع الأرصفة التي وضعتها وزارة الأشغال حديثا للشوارع الجديدة لمنازلنا حتى يكون مدخلا مختصرا غير شرعي للسكراب!»، مضيفا ان «الأمر أصبح لا يطاق ويجب أن تكون هناك وقفة جادة ووضع حلول سريعة سريعا».
ومن جهته، يقول ناصر الشمري: «وضعت أبوابا من الحديد خوفا من حالات السرقة التي تحدث باستمرار في المنطقة ولا احد يعرف مصدرها، فحوطات السكراب لا يفصلها عني سوى أمتار، والمنطقة في الليل تبدو مخيفة جدا، وجميعنا نعرف أن سكراب امغرة يضم الكثير من مخالفي الاقامة، فأمر الاختباء هنا بسيط جدا لان الدهاليز كثيرة وهم يعرفونها جيدا اضافة إلى الحرائق التي تحدث باستمرار وقد تمتد إلى منازلنا في أي لحظة».
ويضيف: «لن نشعر بالراحة إلى حين وضع حلول للوضع الذي نعيشه قبول وقوع الكوارث، فحينها لن ينفع شيء، فالبيوت حديثة البناء لكن السكراب الملتصق بنا يشوه منظرها الجميل، والفرحة لن تكتمل إلى حين الانتهاء من هذه المشكلة التي باتت تؤرقنا وتشكل هاجسا مرعبا لنا ولأبنائنا».
وتقاسم ابو سعد الحديث مع الشمري بالقول: «عند الصباح يزدحم الطريق بسبب الحركة الكثيفة في سوق السكراب، الأمر الذي يعرقلنا عن الوصول إلى مقار أعمالنا، وعند المساء يتحول الوضع مرعبا حيث السكون والظلام يخيمان على المكان، فالمسافة بين منازلنا والسكراب قريبة جدا، وكل يوم نترقب الأوضاع هناك من النوافذ إذ نرى في منتصف الليل حركة غير طبيعية وقد تكون مشبوهة، إذ نعيش متيقظين دائما خوفا من وقوع المشاكل، وهذا الأمر غير صحي ولكننا مجبرون على التعايش مع هذه الأوضاع، فمن غير المعقول أن نترك منازلنا، فالمسؤولون أكدوا أن ازالة السكراب قريبة جدا وحتى الآن لم تنفذ أي قرارات تتعلق بالإزالة».
ويضيف ابو سعد أن «الأعمال في السكراب تتوسع يوما بعد يوم وهذا مؤشر غير مبشر بأن عمر السكراب سيكون قصيرا، لذلك نحن على دراية بان الوضع لن يتغير وسيبقى على ماهو عليه».
مصانع للخمور
وأوكار للقمار وغياب
للمداهمات الأمنية
روى احد سكان المنطقة ان «هناك مصانع للخمور المحلية تديرها العمالة السائبة، فضلا عن اوكار للاتصالات ولعب القمار، مشيرا إلى ان «ثمة من يقوم بتأجير السكن للعمالة الخارجة على القانون كون السكراب يعتبر ملاذا امنا بسبب غياب المداهمات الأمنية، بحجة ان السكراب ستتم ازالته ولا داعي لبذل مجهود في القبض على الخارجين عن القانون الذين باتوا قريبين منا ويسكنون بجوارنا».
حادث مروري
... كل يوم
ذكر وليد الخالدي انه «في كل يوم يقع حادث مروري امام منزلي بسبب النسافات والتناكر التي تنقلب بسبب سرعتها، فامام منزلي دوار وهم يأتون بسرعة وحين يصلون إليه يختل المقود بسبب الحمولة وسرعان ما تنقلب المركبة، والامر يشكل هاجسا مخيفا ومقلقا من أن تكون الحوادث المقبلة أكبر وأن تزحف الى المنزل».
سبب الحرائق
المتكررة
خلال جولتنا في المنطقة توصلنا الى سبب الحرائق المتكررة في سكراب امغرة، والتي عادة ما تكون شبه يومية، فهي بسبب «سلندرات» الغاز والاوكسجين القابلة للاشتعال والمرمية بين الممرات على مرأى الجميع وفي وضح النهار، حيث تشتعل بعد وصول الشرارة نتيجة حرق الاطارات المتعمد، والأخطر من ذلك قرب هذه «السلندرات» من احدى مدارس البنين والمنازل أيضا التي قد تمتد إليها الحرائق في اي وقت.
هروب الطلبة للتدخين في السكراب
وتخوّف من «اختراق» مدارس البنات
تحدث احد اهالي المنطقة الذي يفتح منزله مباشرة على مدرستين واحدة للبنات واخرى للبنين ملاصقة للسكراب عن ظاهرة خطيرة جدا وهي «هروب بعض الطلبة من المدارس والجلوس في اوقات الدوام الرسمي بين دهاليز السكراب، اما ليدخنوا السجائر او اللهو بلعب الكرة! فهم لا يعون حجم الكارثة التي قد تقع نتيجة هروبهم والجلوس هناك».
واضاف ان «ظاهرة هروب الطلبة من دون ادنى شك موجودة في أماكن أخرى، ولكن هنا الوضع مختلف تماما، فالطلبة يتوجهون الى السكراب وفي دهاليز خطرة، ولابد ان تكون هناك وقفة جادة مع بداية العام الدراسي»، مبديا من جهة أخرى «تخوف وتوجس اولياء الامور من ان تخترق العمالة السائبة اسوار مدارس البنات فهي معرضة لذلك طالما هي قريبة جدا من مقر عملهم ومسكنهم».
يجلس أبو سعود على كرسيه في بلكونة منزله المطلة على أكوام الحديد المتراكم فوق بعضه البعض، يراقب عن كثب الدخان المتطاير من فوقها حاملا معه ملوثات لا يعلم أحد مدى ضررها الصحي باعثة روائح كريهة تعجز الأنوف عن تحملها.
هنا مشهد مسموم، كئيب ومخيف، ملوث بصريا وسمعيا وصحيا، لا تجمله البيوت الحديثة الشاهقة المحاذية للمكان الذي يتحول مع حلول الظلام إلى مرتع للكلاب الضالة وفندق لمخالفي الإقامة والهاربين من القانون وغيرهم.
هنا هاجس خوف لا يفارق قاطني منطقة سعد العبد الله «جنوب الجهراء» وتحديدا قطعة 10 المحاذية لسكراب أمغرة، حيث البيوت تفتح مباشرة على «الحوطات» التي تباع فيها قطع الغيار المستعملة للسيارات وغيرها.
«الراي» حاولت رصد الاوضاع في مدينة سعد العبدالله قبل مغيب الشمس، حيث الحدود الزمانية للأطفال كي يلهوا امام منازلهم برفقة الخدم دون ان يتجاوزا الخطوط الحمر - السكراب - أو يقتربوا من العمالة السائبة.
دهاليز السكراب الكثيرة والمخيفة تزيد حرص الأهالي على عدم ترك أبنائهم للهو أمام المنزل خوفا عليهم من خطر هذه «الدهاليز» التي ينتهي العمل فيها عند المساء ومن ثم تبدأ الحركة «غير الطبيعية» داخلها.
ومع غياب آخر خيوط أشعة الشمس يبدو المشهد موحشا بعلو أصوات نباح الكلاب التي تعبر من السكراب نحو المنازل باعداد مخيفة لتغزوا المنطقة، فيما يظهر وسط الظلام الدامس بعض الأنوار الخافتة بألوان مختلفة دالة على حركة ما بين حطام السيارات وسط غياب تام للأمان.
ومع اقتراب الساعة من العاشرة مساء، تبدأ حركة غير طبيعية داخل دهاليز السكراب وسط الظلام الحالك، فتارة يخرج عامل يحمل اكياسا سوداء، وتارة اخرى تظهر مجاميع من وسط الظلام عابرة الشارع الذي يفصل بين المنطقة والسكراب الى جهات غير معلومة، في حين يقوم اصحاب المنازل باغلاق الابواب بإحكام شديد وبعضهم يضع ابوابا حديدية حتى لا يتم اختراقها بسهولة، بسبب تعرضها للسرقات باستمرار.
... ومع استمرار جولتنا لرصد الأوضاع في المنطقة، يتحول الوضع مرعبا مع حلول منتصف الليل، فالسكون والظلام الحالكان يخيمان على المكان، ويشد انتباهك عيون تتلامع بين خيوط الظلام ما ان تقترب لتتحقق منها تجدها مجاميع من الكلاب الضالة والمتعطشة التي تبحث عن فريسة لتسد جوعها، والغريب انها لا تنبح حتى لا تدل على مكانها، بينما هي جاهزة لتفترس من يؤذيها بأعدادها المخيفة التي لها صولات وجولات بين المنازل المجاورة لها.
وسيرا وراء الضوء الخافت، دخلنا وسط «دهاليز» السكراب، حتى وصلنا إلى مصدره الذي تبين انه سراج من داخل احدى السيارات المحترقة وإلى جانبه مسجل صغير يصدح بأغان غربية بغياب أي أثر للأشخاص الذي اختفوا بمجرد سماع خطواتنا.
وفيما ظلام الليل الحالك يخيم على المنطقة، تشتعل السماء بألسنة اللهب المتصادعة وسط السكراب بفعل حرق العمال للاطارات، لتنبعث رائحتها عبر غيوم دخانية تتجه نحو المنازل بسمومها وأمراضها المتعددة.
ويشد الانتباه خلال ساعات النهار لهو الأطفال وانهماكهم في اللعب أمام منازلهم بحدود لا يتجاوزونها رغم ضيق المساحة المتاحة لهم، بينما يقف والدهم (ابو علي) على مقربة من المكان مراقبا لهم دون كلل أو ملل.
يتنهد أبو علي شارحا «اعمل مراقبا لابنائي الذين يحتاجون للعب والتنفيس قليلا، فأضطر إلى ملازمتهم خوفا عليهم من الكلاب الضالة أو بعض العمالة السائبة».
ويضيف: «الوضع الذي نمر فيه تجاوز مرحلة الحزن لأننا لم نفرح في منازلنا، السكراب ملاصق لنا بدهاليزه وخباياه، فصراخنا على قدر الالم، ولا أحد يشعر بذلك إلا الاهالي الذين سئموا الوضع، حتى ان بعض العمالة لا يحترمون حرمات الناس كونهم لا يعرفون العادات والتقاليد ويرتدون زيا يخدش الحياه وبعضهم يخرج عاريا لا تستره سوى لفافة حريرية يلفها أسفل بطنه!!».
ويكمل أبو علي حديثه لـ «الراي» بأسى: «اعتدت على الذهاب بشكل شبه يومي بعد منتصف الليل الى المستشفى لأنقل احد ابنائي الذي يعاني من حساسية مزمنة (ربو) نتيجة الغازات السامة الصادرة من المصانع القريبة لنا وحرق الاطارات، وكلما اذهب للعمالة وابلغهم ضرورة اطفاء النيران لا يردون ويقولون انها مشتعلة بفعل الطبيعة، والغريب في الامر انني لا أرى أي دوريات تمر ولو حتى مرور الكرام، فالامن معدوم تماما، والبيوت في كل يوم تتعرض للسرقة، والبيئة ايضا ملوثة، ونحن ننتظر المسؤولين الذين وعدونا بنقل السكراب، ولكن انا اعرف ان يوم المسؤولين بعشر سنوات لذلك سأقوم بتأجير منزلي الذي لم اهنأ به وابحث عن منزل اخر بعيد عن المنطقة للعيش فيه».
اما جاره ابو سالم فيوافق أبو علي الكلام «الوضع بات خطيرا جدا ووصل إلى مرحلة لا يمكن السكوت عنها»، ويتساءلان «هل من المعقول أن تجاورنا عمالة عزابية سائبة غالبهم مخالفين قانون الإقامة، ناهيك عن الغازات السامة وحركة سوق السكراب، وعند الليل تبدأ حالة من الرعب وعدم الشعور بالأمان إذ نقوم بإحكام قفل جميع أبواب المنزل خوفا من شيء ما غير متوقع في ضل الأوضاع التي نعيشها».
ويؤكد ابو سالم أن المشكلة «أصبحت مؤرقة جدا، ولطالما رفعنا شكاوى للجهات المعنية ولكن للأسف لا تحرك ساكنا، وقرار الازالة الذي تحدثوا عنه لم ينفذ حتى الآن، ولا بد أن تكون هناك وقفة جادة وان يلتفت المسؤولون إلى الوضع الذي نعيشه قبل وقوع الحوادث التي نترقبها، لأن المشهد في المساء لا يوصف عندما تفتح نافذة الشباك على دهليز مظلم لا تسمع منه سوى صوت نباح الكلاب وأنوار سيارات تتخاطف بين لحظة وأخرى، والسكون الذي يخيم المكان يشعرني بعدم الاستقرار، خصوصا وان أبنائي لا يمكن أن يخرجوا للهو في الساحة المقابلة كنوع من التنفيس دون أن أكون معهم».
وطالب ابو سالم بضرورة «التدخل السريع من الجهات المعنية وان يضعوا حلا جذريا، فإما ازالة السكراب أو منحنا منازل في مناطق أخرى»، لافتا إلى أن «السكراب أصبح وضعه غير قانوني، وليس ثمة مداخل أو مخارج قانونية له، فالبعض يقوم بخلع الأرصفة التي وضعتها وزارة الأشغال حديثا للشوارع الجديدة لمنازلنا حتى يكون مدخلا مختصرا غير شرعي للسكراب!»، مضيفا ان «الأمر أصبح لا يطاق ويجب أن تكون هناك وقفة جادة ووضع حلول سريعة سريعا».
ومن جهته، يقول ناصر الشمري: «وضعت أبوابا من الحديد خوفا من حالات السرقة التي تحدث باستمرار في المنطقة ولا احد يعرف مصدرها، فحوطات السكراب لا يفصلها عني سوى أمتار، والمنطقة في الليل تبدو مخيفة جدا، وجميعنا نعرف أن سكراب امغرة يضم الكثير من مخالفي الاقامة، فأمر الاختباء هنا بسيط جدا لان الدهاليز كثيرة وهم يعرفونها جيدا اضافة إلى الحرائق التي تحدث باستمرار وقد تمتد إلى منازلنا في أي لحظة».
ويضيف: «لن نشعر بالراحة إلى حين وضع حلول للوضع الذي نعيشه قبول وقوع الكوارث، فحينها لن ينفع شيء، فالبيوت حديثة البناء لكن السكراب الملتصق بنا يشوه منظرها الجميل، والفرحة لن تكتمل إلى حين الانتهاء من هذه المشكلة التي باتت تؤرقنا وتشكل هاجسا مرعبا لنا ولأبنائنا».
وتقاسم ابو سعد الحديث مع الشمري بالقول: «عند الصباح يزدحم الطريق بسبب الحركة الكثيفة في سوق السكراب، الأمر الذي يعرقلنا عن الوصول إلى مقار أعمالنا، وعند المساء يتحول الوضع مرعبا حيث السكون والظلام يخيمان على المكان، فالمسافة بين منازلنا والسكراب قريبة جدا، وكل يوم نترقب الأوضاع هناك من النوافذ إذ نرى في منتصف الليل حركة غير طبيعية وقد تكون مشبوهة، إذ نعيش متيقظين دائما خوفا من وقوع المشاكل، وهذا الأمر غير صحي ولكننا مجبرون على التعايش مع هذه الأوضاع، فمن غير المعقول أن نترك منازلنا، فالمسؤولون أكدوا أن ازالة السكراب قريبة جدا وحتى الآن لم تنفذ أي قرارات تتعلق بالإزالة».
ويضيف ابو سعد أن «الأعمال في السكراب تتوسع يوما بعد يوم وهذا مؤشر غير مبشر بأن عمر السكراب سيكون قصيرا، لذلك نحن على دراية بان الوضع لن يتغير وسيبقى على ماهو عليه».
مصانع للخمور
وأوكار للقمار وغياب
للمداهمات الأمنية
روى احد سكان المنطقة ان «هناك مصانع للخمور المحلية تديرها العمالة السائبة، فضلا عن اوكار للاتصالات ولعب القمار، مشيرا إلى ان «ثمة من يقوم بتأجير السكن للعمالة الخارجة على القانون كون السكراب يعتبر ملاذا امنا بسبب غياب المداهمات الأمنية، بحجة ان السكراب ستتم ازالته ولا داعي لبذل مجهود في القبض على الخارجين عن القانون الذين باتوا قريبين منا ويسكنون بجوارنا».
حادث مروري
... كل يوم
ذكر وليد الخالدي انه «في كل يوم يقع حادث مروري امام منزلي بسبب النسافات والتناكر التي تنقلب بسبب سرعتها، فامام منزلي دوار وهم يأتون بسرعة وحين يصلون إليه يختل المقود بسبب الحمولة وسرعان ما تنقلب المركبة، والامر يشكل هاجسا مخيفا ومقلقا من أن تكون الحوادث المقبلة أكبر وأن تزحف الى المنزل».
سبب الحرائق
المتكررة
خلال جولتنا في المنطقة توصلنا الى سبب الحرائق المتكررة في سكراب امغرة، والتي عادة ما تكون شبه يومية، فهي بسبب «سلندرات» الغاز والاوكسجين القابلة للاشتعال والمرمية بين الممرات على مرأى الجميع وفي وضح النهار، حيث تشتعل بعد وصول الشرارة نتيجة حرق الاطارات المتعمد، والأخطر من ذلك قرب هذه «السلندرات» من احدى مدارس البنين والمنازل أيضا التي قد تمتد إليها الحرائق في اي وقت.
هروب الطلبة للتدخين في السكراب
وتخوّف من «اختراق» مدارس البنات
تحدث احد اهالي المنطقة الذي يفتح منزله مباشرة على مدرستين واحدة للبنات واخرى للبنين ملاصقة للسكراب عن ظاهرة خطيرة جدا وهي «هروب بعض الطلبة من المدارس والجلوس في اوقات الدوام الرسمي بين دهاليز السكراب، اما ليدخنوا السجائر او اللهو بلعب الكرة! فهم لا يعون حجم الكارثة التي قد تقع نتيجة هروبهم والجلوس هناك».
واضاف ان «ظاهرة هروب الطلبة من دون ادنى شك موجودة في أماكن أخرى، ولكن هنا الوضع مختلف تماما، فالطلبة يتوجهون الى السكراب وفي دهاليز خطرة، ولابد ان تكون هناك وقفة جادة مع بداية العام الدراسي»، مبديا من جهة أخرى «تخوف وتوجس اولياء الامور من ان تخترق العمالة السائبة اسوار مدارس البنات فهي معرضة لذلك طالما هي قريبة جدا من مقر عملهم ومسكنهم».