حصد جائزة الدولة التقديرية في مصر
حوار / الروائي فؤاد قنديل: بئس ما نحصل عليه ... إذا كان الثمن كرامتنا

فؤاد قنديل


| القاهرة - من تامر الدريدي |
خالف الروائي المصري فؤاد قنديل- الفائز بجائزة الدولة التقديرية أخيرا- جموع المثقفين المصريين، حينما أعلن أن وزير الثقافة المصري الأسبق فاروق حسني لم يكن وراء تدجين المثقفين، وأن أي خطأ وقع سببه المثقفون أنفسهم.
وقال: «من يهاجمون التدجين كانوا داخل حظيرة فاروق حسني».
وأكد صاحب «المفتون»- في حوار مع «الراي»- أن الثورة المصرية مازالت في مرحلة التدشين، لذلك لم يحدث تغيير في سياسة منح جوائز الدولة، فمازالت التربيطات والتوجيهات والاتصالات موجودة.
وهذا ما دار معه من حوار:
* كيف ترى فوزك بجائزة الدولة «التقديرية»؟
- لم أكن أتوقعها، حتى أنني تجنبت الحوار عنها قبل إعلانها، وعندما كانت زوجتي تحاول فتح هذا الموضوع أرد عليها بحدة وأطلب ألا يتحدث أحد أمامي عنه، فأنا لا أحب القلق ولا الانتظار، فهما ضد الحرية، خصوصا أنني أعرف أن الجائزة من الممكن أن تغيب عاما أو اثنين وربما ثلاثة، وحين جاءني نبأ الفوز راجعت من أبلغني أكثر من مرة ثم انصرفت لشكر الله.
* هل شعرت أنها تأخرت؟
- أظن أن كل شيء يأتي في التوقيت المناسب، وأنا لم أكن أطمع في جائزة بعينها، بل العكس أستشعر دائما أنه لابد أن أبذل المزيد من الجهد.
أما الجوائز فليست مهمة، المهم هو القراء، فما فائدة أن يحصل كاتب على أرفع الجوائز وهو غير مقروء، فمثلا نجيب محفوظ فاز بجائزة نوبل ولم يتعد قراؤه ألفا أو على الأكثر ألفين، ومعظم من عرف محفوظ عرفه عن طريق مشاهدة الأفلام التي أخذت عن رواياته، لذا كتبت «نجيب محفوظ كاتب العربية الأول» ليعرف الناس ما قدمه محفوظ للأدب.
* ما رأيك فيما قاله بعض أعضاء المجلس الأعلى للثقافة تعليقا على أسماء الفائزين، من أن الثورة لم تغير شيئا، وأن هناك من فازوا بـ «التربيطات»؟
- الثورة ليست قادرة بعد على التغيير، فهي في مرحلة التدشين، والتغيير لم يبدأ بعد، وبالفعل للأسف هناك تربيطات واتصالات وتوجيهات، لكن أنا لم أفعل ذلك لأنه يصطدم بكرامتي، فبئس ما نحصل عليه إذا كان الثمن كرامتنا، لابد أن يكون ذلك نتاج جهد وعرق.
* ما رأيك في الجوائز العربية ولما أنت عازف عنها؟
- قد حدثت بيني وبين زملائي الكتّاب حوارات كثيرة حول هذا الأمر، ولست أخفي أنه في بعض المواطن أشعر أني أقل من أن أتقدم لها، أو ربما أكون أقل من أحقق نجاحا فيها.
* هل ترى أن بساط الثقافة يترك القاهرة ويتجه نحو الشرق؟
- هذه الحالة من التصور خاطئة، فالبساط لا ينسحب من تحت الكتاب المصريين، بل يتسع للعالم العربي كله.
أما إذا كان المقصود دور مصر القيادي للحركة الثقافية فهو مرتبط بالجهود الواعية، فمثلا عندما كان جابر عصفور أمين عام المجلس حقق نتائج جيدة جدا على مستوى قيادة مصر للعالم العربي، وكذلك عماد أبوغازي وعلي أبوشادي، لكن أقل مما كان عليه الوضع إبان جابر عصفور، لأن الكتاب والمفكرين كانوا ينظرون إلى جابر عصفور بوصفه ناقدا كبيرا وجزءًا من المنظومة، وما حدث هو أننا تخلينا عن دورنا وانشغلنا بالمعارك الجانبية، وفي النهاية أشعر بالفرح عندما يظهر كاتب في أي دولة عربية، فأنا أحب التنافس.
* لجأت في أعمالك إلى الرمز لتعبر عن رأيك، فهل كان ذلك حيلة من أجل تجنب الصدام مع السلطة، وهل ستغير نهج كتابتك بعد الثورة؟
- لا، لم أكن أتجنب الصدام مع السلطة، بدليل أنني لم أشعر بالقمع، فأنا أحب الرمزية واللامعقول والفنتازيا لكي أختلف عمن كانوا قبلي، لذا اتبعت هذه الأساليب منذ رواية «السقف».
* البعض يقول إن رواية «المفتون» لا هي سيرة ذاتية صريحة ولا هي تأريخ خالص فهل قصدت ذلك؟
- لم أعتزم كتابة سيرتي ذاتية إلا عندما لاحظت أن هناك درجة من التشابه بين حياتي وبين ما عاشته مصر، فدرجة الوعي لدي بدأت مع ثورة يوليو، وعشت فترات المراهقة العاطفية مع مراهقة الدولة السياسية «فترة جمال عبدالناصر»، ثم تعرضنا للصدمات معاً، فقد رسبت في الثانوية العامة يوم انفصال سورية عن مصر مع أنني كنت من أوائل الطلبة، ثم حدث تحسن نسبي في حياتي كما حدث في مصر.
وفي العام 67 عندما عانت مصر من النكسة عانيت لفقدان حبيبتي وزوجتي، فقد طلقتها رغما عني، وكانت حماتي كأميركا في بطشها وجبروتها، لذا مزجت بين السيرة الذاتية وتأريخ الفترة، بين الخاص والعام، بين الشخص والوطن، وقدمت هذه الحقبة من خلال إطار روائي بعيدا عن صلادة التاريخ.
* وأنت تكتب عملا جديدا هل تفكر في أن مركز الأكثر مبيعا؟
- لا أفكر في شيء إطلاقا إلا في موضوع العمل، ولا أرى أي شيء ولا حتى بيتي، حتى أنني أفقد علاقتي بمن حولي، فمثلا عندما جاءتني فكرة رواية «موسم العنف الجميل» التي تدور أحداثها عن حرب أكتوبر تركت رواية كنت أعمل فيها، لأن الجنود كانوا يخرجون لي من بين السطور، وينتقل ذهني مما أكتب إلى خط بارليف.
لذا ظللت خمس سنوات لا أكتب، بل أجمع كل شيء عن الحرب: أفلام ومجلات إنكليزية وفرنسية وعبرية، من أجل أن تحتشد بداخلي الحرب لأكتب هذه الرواية، أما بخصوص فكرة تسليع الثقافة، فمن حق أي جهة أن تفعل ما تشاء ما دامت لا تجور على فكرتي.
* هل تظن أن وزارة الثقافة ستتغير بعد 25 يناير وتنتهي فكرة تدجين المثقفين؟
- كل شيء سيتغير في مصر بعد الثورة حتى الأرض التي نسير عليها، وأتصور أن وزارة الثقافة من خلال حواري مع وزير الثقافة الدكتور عماد أبوغازي وعدد من القيادات ستتحول إلى خدمات، وستقترب من الناس، ستكون الندوات في الساحات والميادين والنجوع، لأن هذا هو الحل لحدوث نهضة ثقافية.
أما عن مسألة التدجين فأنا لا أعترف بها، لأن وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني أراد أن ينشئ أنشطة كثيرة ويفتح مجالات، فكان لابد من أن يدعو مثقفين ويدفع لهم نظير ذلك.
ولست أدافع عن فاروق حسني لكني أعرف ادعاءات المثقفين، وأي خطأ يعود إليهم وليس إلى غيرهم، فمثلا أحمد نوار كرئيس لهيئة قصور الثقافة وصابر عرب كرئيس لدار الكتب هما المسؤولان عن أي خطأ يحدث لأن عليهما كمثقفين.. أن يستخدما تلك المنابر لإحياء الثقافة.
أما ما كان يحدث من توصيات وتربيطات ومحابة فهو ما أفسد الحياة الثقافية، والمستفيدون هم الذين يشتكون، ولست أرى أعجب من هذا، فمن يهاجمون التدجين كانوا داخل حظيرة فاروق حسني، وحينما تحدثت عنهم في الصحف غضبوا مني.
خالف الروائي المصري فؤاد قنديل- الفائز بجائزة الدولة التقديرية أخيرا- جموع المثقفين المصريين، حينما أعلن أن وزير الثقافة المصري الأسبق فاروق حسني لم يكن وراء تدجين المثقفين، وأن أي خطأ وقع سببه المثقفون أنفسهم.
وقال: «من يهاجمون التدجين كانوا داخل حظيرة فاروق حسني».
وأكد صاحب «المفتون»- في حوار مع «الراي»- أن الثورة المصرية مازالت في مرحلة التدشين، لذلك لم يحدث تغيير في سياسة منح جوائز الدولة، فمازالت التربيطات والتوجيهات والاتصالات موجودة.
وهذا ما دار معه من حوار:
* كيف ترى فوزك بجائزة الدولة «التقديرية»؟
- لم أكن أتوقعها، حتى أنني تجنبت الحوار عنها قبل إعلانها، وعندما كانت زوجتي تحاول فتح هذا الموضوع أرد عليها بحدة وأطلب ألا يتحدث أحد أمامي عنه، فأنا لا أحب القلق ولا الانتظار، فهما ضد الحرية، خصوصا أنني أعرف أن الجائزة من الممكن أن تغيب عاما أو اثنين وربما ثلاثة، وحين جاءني نبأ الفوز راجعت من أبلغني أكثر من مرة ثم انصرفت لشكر الله.
* هل شعرت أنها تأخرت؟
- أظن أن كل شيء يأتي في التوقيت المناسب، وأنا لم أكن أطمع في جائزة بعينها، بل العكس أستشعر دائما أنه لابد أن أبذل المزيد من الجهد.
أما الجوائز فليست مهمة، المهم هو القراء، فما فائدة أن يحصل كاتب على أرفع الجوائز وهو غير مقروء، فمثلا نجيب محفوظ فاز بجائزة نوبل ولم يتعد قراؤه ألفا أو على الأكثر ألفين، ومعظم من عرف محفوظ عرفه عن طريق مشاهدة الأفلام التي أخذت عن رواياته، لذا كتبت «نجيب محفوظ كاتب العربية الأول» ليعرف الناس ما قدمه محفوظ للأدب.
* ما رأيك فيما قاله بعض أعضاء المجلس الأعلى للثقافة تعليقا على أسماء الفائزين، من أن الثورة لم تغير شيئا، وأن هناك من فازوا بـ «التربيطات»؟
- الثورة ليست قادرة بعد على التغيير، فهي في مرحلة التدشين، والتغيير لم يبدأ بعد، وبالفعل للأسف هناك تربيطات واتصالات وتوجيهات، لكن أنا لم أفعل ذلك لأنه يصطدم بكرامتي، فبئس ما نحصل عليه إذا كان الثمن كرامتنا، لابد أن يكون ذلك نتاج جهد وعرق.
* ما رأيك في الجوائز العربية ولما أنت عازف عنها؟
- قد حدثت بيني وبين زملائي الكتّاب حوارات كثيرة حول هذا الأمر، ولست أخفي أنه في بعض المواطن أشعر أني أقل من أن أتقدم لها، أو ربما أكون أقل من أحقق نجاحا فيها.
* هل ترى أن بساط الثقافة يترك القاهرة ويتجه نحو الشرق؟
- هذه الحالة من التصور خاطئة، فالبساط لا ينسحب من تحت الكتاب المصريين، بل يتسع للعالم العربي كله.
أما إذا كان المقصود دور مصر القيادي للحركة الثقافية فهو مرتبط بالجهود الواعية، فمثلا عندما كان جابر عصفور أمين عام المجلس حقق نتائج جيدة جدا على مستوى قيادة مصر للعالم العربي، وكذلك عماد أبوغازي وعلي أبوشادي، لكن أقل مما كان عليه الوضع إبان جابر عصفور، لأن الكتاب والمفكرين كانوا ينظرون إلى جابر عصفور بوصفه ناقدا كبيرا وجزءًا من المنظومة، وما حدث هو أننا تخلينا عن دورنا وانشغلنا بالمعارك الجانبية، وفي النهاية أشعر بالفرح عندما يظهر كاتب في أي دولة عربية، فأنا أحب التنافس.
* لجأت في أعمالك إلى الرمز لتعبر عن رأيك، فهل كان ذلك حيلة من أجل تجنب الصدام مع السلطة، وهل ستغير نهج كتابتك بعد الثورة؟
- لا، لم أكن أتجنب الصدام مع السلطة، بدليل أنني لم أشعر بالقمع، فأنا أحب الرمزية واللامعقول والفنتازيا لكي أختلف عمن كانوا قبلي، لذا اتبعت هذه الأساليب منذ رواية «السقف».
* البعض يقول إن رواية «المفتون» لا هي سيرة ذاتية صريحة ولا هي تأريخ خالص فهل قصدت ذلك؟
- لم أعتزم كتابة سيرتي ذاتية إلا عندما لاحظت أن هناك درجة من التشابه بين حياتي وبين ما عاشته مصر، فدرجة الوعي لدي بدأت مع ثورة يوليو، وعشت فترات المراهقة العاطفية مع مراهقة الدولة السياسية «فترة جمال عبدالناصر»، ثم تعرضنا للصدمات معاً، فقد رسبت في الثانوية العامة يوم انفصال سورية عن مصر مع أنني كنت من أوائل الطلبة، ثم حدث تحسن نسبي في حياتي كما حدث في مصر.
وفي العام 67 عندما عانت مصر من النكسة عانيت لفقدان حبيبتي وزوجتي، فقد طلقتها رغما عني، وكانت حماتي كأميركا في بطشها وجبروتها، لذا مزجت بين السيرة الذاتية وتأريخ الفترة، بين الخاص والعام، بين الشخص والوطن، وقدمت هذه الحقبة من خلال إطار روائي بعيدا عن صلادة التاريخ.
* وأنت تكتب عملا جديدا هل تفكر في أن مركز الأكثر مبيعا؟
- لا أفكر في شيء إطلاقا إلا في موضوع العمل، ولا أرى أي شيء ولا حتى بيتي، حتى أنني أفقد علاقتي بمن حولي، فمثلا عندما جاءتني فكرة رواية «موسم العنف الجميل» التي تدور أحداثها عن حرب أكتوبر تركت رواية كنت أعمل فيها، لأن الجنود كانوا يخرجون لي من بين السطور، وينتقل ذهني مما أكتب إلى خط بارليف.
لذا ظللت خمس سنوات لا أكتب، بل أجمع كل شيء عن الحرب: أفلام ومجلات إنكليزية وفرنسية وعبرية، من أجل أن تحتشد بداخلي الحرب لأكتب هذه الرواية، أما بخصوص فكرة تسليع الثقافة، فمن حق أي جهة أن تفعل ما تشاء ما دامت لا تجور على فكرتي.
* هل تظن أن وزارة الثقافة ستتغير بعد 25 يناير وتنتهي فكرة تدجين المثقفين؟
- كل شيء سيتغير في مصر بعد الثورة حتى الأرض التي نسير عليها، وأتصور أن وزارة الثقافة من خلال حواري مع وزير الثقافة الدكتور عماد أبوغازي وعدد من القيادات ستتحول إلى خدمات، وستقترب من الناس، ستكون الندوات في الساحات والميادين والنجوع، لأن هذا هو الحل لحدوث نهضة ثقافية.
أما عن مسألة التدجين فأنا لا أعترف بها، لأن وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني أراد أن ينشئ أنشطة كثيرة ويفتح مجالات، فكان لابد من أن يدعو مثقفين ويدفع لهم نظير ذلك.
ولست أدافع عن فاروق حسني لكني أعرف ادعاءات المثقفين، وأي خطأ يعود إليهم وليس إلى غيرهم، فمثلا أحمد نوار كرئيس لهيئة قصور الثقافة وصابر عرب كرئيس لدار الكتب هما المسؤولان عن أي خطأ يحدث لأن عليهما كمثقفين.. أن يستخدما تلك المنابر لإحياء الثقافة.
أما ما كان يحدث من توصيات وتربيطات ومحابة فهو ما أفسد الحياة الثقافية، والمستفيدون هم الذين يشتكون، ولست أرى أعجب من هذا، فمن يهاجمون التدجين كانوا داخل حظيرة فاروق حسني، وحينما تحدثت عنهم في الصحف غضبوا مني.