الشعب البريطاني يكره الإعلاميين والسياسيين ويعتقد بأنهما يشتركان في صفة واحدة وهي الكذب والتهويل، لكن لم يدر بخلده أن يتحول الإعلام من وسيلة لنشر الأخبار وكشف الحقائق إلى وسيلة للتجسس على الناس وهتك خصوصياتهم إلا بعد أن تفجرت فضيحة صحيفة (نيوز أوف ذاوورلد) التي تبين بأنها قد تجسست على آلاف المواطنين البريطانيين والأميركيين منهم ضحايا أحداث سبتمبر 2001 ومنهم رجال مشهورون وممثلون، ودخلت على بريدهم الإلكتروني وتنصتت على مكالماتهم وجمعت معلومات عن حياتهم الشخصية.
وصحيفة (نيوز أوف ذا وورلد) هي إحدى صحف المجموعة الإعلامية (نيوز كوربوريشن) التي يمتلكها اليهودي الاسترالي (روبرت ميردوخ) الذي هاجر من استراليا إلى الولايات المتحدة الأميركية واستطاع الحصول على جنسيتها عام 1985 بطرق ملتوية، ثم أسس مجموعته الإعلامية التي تعتبر بحق أعظم امبراطورية إعلامية في العالم، وتمتلك صحيفة (الصنداي تايمز) البريطانية و(نيويورك بوست) الأميركية وصحيفة (التايمز) البريطانية العريقة و(الصن) وشبكة فوكس نيوز المتطرفة وقنوات الناشيونال جيوغرافك الشهيرة والشبكة الإلكترونية (ماي سبيس) وغيرها.
وقد استغل ميردوخ امبراطوريته في تكوين نفوذ سياسي خطير له والتدخل في كل شأن في بريطانيا والولايات المتحدة ودعم سياسيين وتسبب في نجاحهم انتخابياً أمثال (توني بلير) الذي قال عنه مرة: (إذا أراد بلير انتخابه في مجلس العموم فليقم بزيارتي في مكتبي).
وبالفعل فقد زاره بلير في مكتبه ثم نجح إلى أن أصبح رئيساً لوزراء بريطانيا.
كما دعم ميردوخ المحافظين الجدد في الولايات المتحدة ووقف مع الرئيس السابق (جورج بوش) وهو الذي حرّض الولايات المتحدة على غزو العراق ودعم وشجع الكيان الصهيوني لغزو لبنان عام 2006.
أما علاقته باللوبي اليهودي وإسرائيل فهي واضحة وضوح الشمس وتعتبره جمعية الصداقة الأميركية - الإسرائيلية من أهم مناصريها، لكن القضية الأخطر من هذا الدعم لليهود هي أنه يحرص على إفساد الأخلاق من خلال ما يبثه من أفكار إباحية وتحريض ضد الفضيلة وسط غفلة من العالم، بل وإنه قد تغلغل إلى الدول العربية من خلال مشاركته للملياردير الوليد بن طلال الذي يملك قنوات (روتانا) المتخصصة في الطرب والغناء وانتاج الأفلام المائعة، كما انه قد شارك رجل الأعمال التركي (أنور أوران) في شراء صحيفة تركيا ووكالة إخلاص التركيتان.
ويلقبه الكثيرون بأنه الشيطان الذي لوّث الصحافة، وها هو يدخل عالم الإنترنت ويسعى إلى إفساده.
يبشر الكثير من المحللين الغربيين بأن تلك الفضيحة الأخيرة هي بداية النهاية لهذا الكابوس الذي جثم على صدر الدول الغربية عقوداً طويلة وأفسدها، فهل يتحقق ذلك الحلم أم يرجع الناس إلى غفلتهم من جديد؟!
د. وائل الحساوي
[email protected]