المرشح المحتمل للانتخابات الرئاسية المصرية كشف سر استبعاده من قيادة قوات بلاده في حرب تحرير الكويت
بلال لـ «الراي»: تعنّت مبارك السبب الرئيسي لنجاح الثورة

محمد علي بلال







|القاهرة ـ من محمود متولي |
قال القائد العسكري المصري السابق أحد المرشحين المحتملين للانتخابات الرئاسية في بلاده اللواء محمد علي بلال، وهو صاحب سجل حافل بالنجاحات طوال فترة عمله بالقوات المسلحة المصرية، تقلد خلالها العديد من المناصب الرفيعة أبرزها مساعد رئيس أركان حرب القوات المسلحة ورئيس هيئة تفتيش القوات المسلحة، وقائد القوات المصرية في حرب تحرير الكويت في العام 1991، فضلاً عن مشاركته في حروب 56 واليمن وأكتوبر 73: إن تكرار سيناريو الثورات العربية في الخليج أمر مستبعد.
بلال الذي أعلن قبل فترة ترؤسه للحزب القومي المصري «تحت التأسيس» ليكون أحد الأحزاب الفاعلة في ساحة ما بعد الثورة، كشف في حواره مع «الراي» عن أسباب استبعاده من قيادة القوات المصرية في حرب تحرير الكويت. كما كشف عن أسباب استبعاد وزير الدفاع المصري الراحل المشير محمد عبدالحليم أبوغزالة من منصبه.
وفيما يلي نص الحوار:
• ما رؤيتك للمشهد السياسي المصري حالياً بعد سقوط نظام مبارك؟
- أي ثورة من الثورات لابد أن يحدث بعدها نوع من عدم الاستقرار، وهذا ما حدث بعد ثورة 25 يناير، فالمشهد السياسي المصري حالياً يمر بأسوأ مراحله لعدم وجود خطة سياسية واضحة تحدد مستقبل البلاد لاستعادة دورها الريادي بعد انحساره في العهد السابق، خصوصا على الصعيدين العربي والإقليمي. لذلك من المهم الآن القيام بخطوات لتعزيز العلاقات مع الدول الأفريقية، خصوصا دول حوض النيل من أجل التوصل إلى حل لأزمة مياه النيل بشكل يرضي جميع الأطراف، كما أطالب بإعادة النظر في علاقات مصر السياسية مع الدول العربية بما يحقق المصالح القومية لمصر ولا يتعارض مع مصالح هذه الدول.
• أعلنت قبل فترة عن عزمك الترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة، فما الذي شجعك على هذا القرار؟
- قرار ترشحي للرئاسة جاء لخدمة مصر وليس لحكمها بعد أن وجدت الكثير من الوجوه السياسية والحزبية والشخصيات العادية من المجتمع المصري تقدم نفسها للترشح لهذا المنصب، وللأسف ما لمسته منهم أنهم لايزالون يتحدثون بصيغة الماضي ويتناسون أن مصر ما قبل ثورة 25 يناير انتهت بلا رجعة، وإذا كانت مصر كتب لها أن تشهد عهدا جديدا فلابد أن يكون فكر من يتولون سدة الحكم فيها مختلفا.
• وما أبرز ملامح برنامجك الانتخابي؟
- برنامجي الانتخابي يتلخص في تحقيق الكرامة للمواطن التي فقدها في الفترة الماضية، وتوسيع دائرة الحريات، وعدم التضييق على المواطنين كما كان يحدث في عهد النظام السابق، والنهوض بمصر عن طريق وضع استراتيجية متكاملة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الأساسية، وفي مقدمتها القمح، كما يتضمن البرنامج الانتخابي وضع خطة لاستعادة مصر لدورها الريادي والقيادي في المنطقة.
• هل تؤيد النظام الرئاسي أم البرلماني خصوصا أن حولهما خلافات واسعة حاليا على الساحة المصرية؟
- أؤيد النظام البرلماني لأنه يؤدي إلى حكم الشعب للشعب، بمعنى أن من سيحكم هو الذي اختاره الشعب للقضاء على مؤسسة الفرد الواحد، وفي النظام البرلماني يكون رئيس الجمهورية مجرد رمز. وأرى أن المؤسسة الجماعية هي الأسلوب الأمثل لقيادة البلاد إلى الأفضل، ويجب أن تكون القرارات كلها غير معتمدة على رأي رئيس الجمهورية فقط وحاشيته المقربة كما كان في السابق، وبالتالي أي فرد يتولى منصب الرئيس عليه أن يعي تماما أنه موجود لخدمة المصريين ومصالحهم.
فالقرار السليم يجب أن يكون مشتركا وقائما على تحقيق مصلحة البلاد فقط، ومن يتولى هذا المنصب هو في مهمة خدمة عامة.
• ألا تخشى من تحفظ الشارع المصري على مسألة ترشحك في هذا المنصب باعتبارك تنتمي للمؤسسة العسكرية، خشية إعادة إنتاج رئيس عسكري؟
- أنا مواطن مصري مدني عادي خرجت من المؤسسة العسكرية منذ أكثر من 10 أعوام، وهنا يجب التفريق بين المؤسسة العسكرية ككيان له تقديره واحترامه وبين الأفراد الذين يخرجون للحياة العامة منها كالرؤساء الثلاثة السابقين، فمصر منذ ثورة 1952 يحكمها عسكريون وكانت بداية مبشرة ولكن طول المدة الزمنية التي حكموا خلالها مصر وراء تخوف البعض من تولي شخصية عسكرية منصب الرئاسة.
• ماذا عن الحزب القومي المصري «تحت التأسيس» الذي تترأســــــه، وأبرز أهـــــدافه، ومبــــــادئه؟
- الحزب القومي المصري تنتمي إليه نخبة كبيرة من شباب مصر ولا تنتمي إليه أي وجوه سياسية أو اجتماعية معروفة، وكان هذا مقصدا مهمًّا حتى تكون بالحزب دماء جديدة ولا ينتمي له أي واحد كان محسوبا على أي تيارات أو أحزاب سابقة. وبمعنى آخر لم يتلوث فكره الحزبي بعد، وتعتمد مبادئ الحزب على العمل والتخطيط لكي تكون مصر دولة عظمى سواء كان ذلك على المستوى الداخلي أو الخارجي سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وعلميا.
• ألا تخشى من قوة المنافسة مع بقية المرشحين لمنصب الرئيس، خصوصاً أن منهم وجوهًا بارزة ومعروفة؟
- أنا أراهن على التاريخ الشخصي لي كرجل عمل طويلا في خدمة الوطن بكل نزاهة وأمانة، ولا أخشى قوة المنافسين وتاريخهم، نعم هم معروفون ووجوههم تملأ الصحف والمجلات منذ أعوام.
ولكن المواطن المصري ذكي ويعرف تماما تاريخ كل مرشح ومواقفه وتوجهاته، والأهم هو ألا يسيء أي مرشح للآخر في حملته الانتخابية ويترك الحكم للشعب وإرادته.
• ما تعليقك على قيام جماعة «الإخوان المسلمون» وبعض الجماعات الدينية الأخرى في مصر بتعبئة وتوجيه المواطنين للتصويت بـ «نعم» على الاستفتاء على التعديلات الدستورية الأخيرة بدعوى أنها تضمن استقرار البلاد؟
- الشعب المصري قال كلمته دون توجيه من أحد، فهو على وعي كامل بمصلحة بلده، وأنا عن نفسي قلت «نعم» للتعديلات الدستورية رغم أنني لست إخوانيا، وكانت لي مبرراتي الواضحة وهي أن هناك ترتيبات محددة يقوم بها المجلس الأعلى للقوات المسلحة ستؤدي في النهاية إلى صياغة دستور جديد للبلاد بعد انتهاء الفترة الانتقالية، وهو المطلب الأساسي للشعب المصري.
• وهل كان الاستفتاء بـ «لا» سيغير من ذلك؟
- عدم الموافقة على التعديلات الدستورية كان من الممكن أن يؤدي إلى استمرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة في إدارة البلاد فترة أطول من الفترة المحددة، وهي 6 أشهر أو لحين إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
• هل تعتبر جماعة «الإخوان المسلمون» خطرا على مستقبل مصر السياسي في ضوء تحركاتهم الحالية على الساحة السياسية والحزبية؟
- «جماعة الإخوان» لا تمثل فزاعة أو خطرا على البلاد كما كان يروج النظام السابق، فهم مواطنون مصريون لهم حقوق وعليهم واجبات، ويحسب لهم أنهم عانوا الأمرّين خلال العهد السابق ومع ذلك فهم منظمون وقادرون على وضع استراتيجية محددة يتعاملون بها مع جميع المتغيرات.
• تعددت الروايات والأقاويل حول حقيقة قرار تخلي مبارك عن الحكم... برأيك هل كان التنحي طواعية أم أجبر على ذلك؟
- بداية هو ليس تنحيا، بل تخلّ.. فهو لم يحدث طواعية بل بالأمر، والدليل أن مبارك ترك السلطة لمصلحة المجلس الأعلى للقوات المسلحة وليس لرئيس مجلس الشعب كما ينص الدستور في حالات التنحي. وأستطيع أن أقول إن ما حدث كان شبه انقلاب عسكري تم بالتراضي أو متفق عليه وكان هذا هو المخرج الوحيد نزولا على رغبة الشعب وإنقاذ البلاد.
• هل توقعت أن يتخلى مبارك عن الحكم؟
- نعم توقعت ذلك يوم 10 فبراير الماضي، عندما عقد المجلس الأعلى للقوات المسلحة اجتماعا من دون حضور الرئيس السابق، ولاحظت وربما آخرون أن صورة مبارك ليست على الحائط، وهذا قبل إصدار المجلس العسكري بيانه الأول الذي أكد أن الجيش يتفهم مطالب الشعب ولن يضرب الثوار.
وكان من المفترض أن يعلن مبارك التنحي عن الحكم في هذا اليوم 10 فبراير، إلا أن بعض زبانيته وحاشيته ضغطوا عليه ليستمر في المنصب ويفوض صلاحياته لنائبه عمر سليمان، لكن ذلك لم يرض الثوار واتسع نطاق المظاهرات في اليوم التالي، ووصل المتظاهرون إلى القصر الرئاسي بضاحية مصر الجديدة فاضطر مبارك للتنحي وتفويض سلطاته للقوات المسلحة، وأيا ما كانت المسميات فقد جاء خروجه من الحكم إجباريا ولم يكن خيارا شخصيا له إعلانا بنهاية فترة حكمه.
• برأيك ما سر تحليق الطائرة «إف 16» على ارتفاعات منخفضة فوق ميدان التحرير قبيل تنحي مبارك؟
•• أراد بها مبارك أن يدخل الخوف والرعب في قلوب المحتجين لفض مظاهراتهم، كما أراد أن يعطي انطباعا بأن الجيش معه ويمكن أن يضرب الثوار، وهو ما رفضه الجيش في موقف بطولي رائع يضاف إلى سجله الناصع والمشرف.
• وما سر الطائرة المروحية «الهليكوبتر» التي حلقت فوق الميدان أكثر من مرة خلال الثورة؟
- كانت لرصد الوضع ومعرفة أعداد الثوار ومداخل ومخارج ميدان التحرير، حيث كانت الصور التي تنقل عبر معظم وسائل الإعلام المصرية والعربية غير واضحة ولا تعبر عن كل ما يحدث فكان لابد من وسيلة لرصد الأوضاع عن قرب، والهليكوبتر هي أنسب وسيلة لذلك.
• وما صحة ما نشرته بعض الصحف والمواقع الإلكترونية من أن مبارك طلب من الجيش ضرب الثوار؟
- مهما قيل عن مبارك، إلا أنه يعلم تماما أنه من المستحيل أن يتعامل الجيش مع الشعب المصري بطريقة يفقد بها مكانته لديه، وأعلن الجيش بعد نزوله الشارع عن احتضان ومساندة الثورة وضمان مطالبه وأنه يستمد شرعيته منها. وبالطبع لولا احتضان الجيش للثورة لما نجحت وهذا الموقف يضاف إلى السجل الناصع للجيش مثل موقفه بعد اندلاع انتفاضة الجوع في العام 1977 وأحداث الأمن المركزي في العام 1986.
• الكثيرون يرون أن مبارك ساهم بنسبة كبيرة في نجاح الثورة بسبب تعنته وتباطئه في اتخاذ قرارات تأتي غالبا متأخرة في وقت يرتفع فيه سقف مطالب الثوار... ما تعليقك؟
- بلا شك ساهم أسلوب إدارة مبارك للأزمة في تطور ورفع سقف المطالب من جانب الثوار بسبب بطء قراراته، وانتهى الأمر بسقوط النظام بالكامل، ولو استجاب الرئيس السابق في بداية الثورة لمطالب المتظاهرين لما حدث السيناريو الذي رأيناه.
• كنت قائداً للقوات المصرية المشاركة في تحرير الكويت خلال حرب الخليج الثانية، هل كانت هي البداية الحقيقية لاحتلال العراق لاحقاً؟
- بكل تأكيد، كانت كذلك فالقوات الأميركية لم تكن تريد فقط تحرير الكويت بل عمدت إلى تدمير العراق وتحديدا بنيته التحتية ومنشآته، كما تم استدراج القوات المسلحة العراقية بهدف «تركيعها» ومن ثم التمهيد لاحقا لاحتلال العراق.
• هل يعني ذلك أنك اعترضت على مشاركة القوات المصرية بها؟
- نعم كان قرار مشاركة القوات المصرية في هذه الحرب اضطراريا، لأن أميركا هي المتحكمة في مقدرات الدول العربية والعالم كله، ولم تعارض أي دولة قرار الولايات المتحدة الأميركية بشن هذه الحرب.
• هل صحيح أنك طلبت من الرئيس السابق زيارة القوات المصرية في حفر الباطن إبان حرب تحرير الكويت؟
•• نعم طلبت من رئيس أركان الجيش المصري وقتها الفريق صفيّ الدين أبوشناف أن يعرض على مبارك زيارة القوات المصرية في حفر الباطن لتحية الجنود ورفع روحهم المعنوية. وطالبت بذلك بعدما جاء الرئيس الأميركي الأسبق بوش الأب للقاء القوات الأميركية، وكذلك رئيس الوزراء البريطاني وقتها جون ميجور، وغيرهما، وعندما جاء مبارك حضر معه وزير الدفاع آنذاك الفريق يوسف صبري أبوطالب واللواء عمر سليمان والدكتور زكريا عزمي والدكتور يوسف والي وآخرون، ولولا طلبي هذا ما قام مبارك بهذه الزيارة.
• وما الأسباب الحقيقية وراء إقالتك من منصبك كقائد للقوات المصرية في حرب تحرير الكويت؟
- حدثت بعض المشكلات خلال وجود القوات المصرية في حفر الباطن وكان قوامها نحو 34 ألف جندي تتعلق بأسلوب المعاملة بشكل أقل من معاملة القوات الأميركية فيما يتعلق بالمبيت والإقامة، علاوة على اعتراضي على الدور المكلفة به القوات المصرية هناك، حيث أعلنت أن مهمتها الدفاع عن حدود السعودية وليس الهجوم في اتجاه الكويت.
• تعددت الروايات حول السبب الحقيقي وراء إقالة الرئيس السابق لوزير الدفاع الراحل المشير عبدالحليم أبوغزالة من منصبه في العام 1989... البعض يؤكد أن ارتفاع شعبيته هي السبب وآخرون يعتقدون أن السبب هي ضغوط أميركية وإسرائيلية بسبب قيامه «أي أبوغزالة» بتنفيذ برنامج تطوير صواريخ «كوندور 2» متوسطة المدى... برأيك ما السبب الحقيقي وراء الإقالة؟
- ارتفاع شعبية أبوغزالة كانت السبب في إقالته، إذ تفوقت شعبيته على شعبية الرئيس السابق نفسه، ما أثار قلق مبارك سواء كان ذلك داخل الوزارة أو في الشارع، وقام مبارك بعد إقالته بتحديد إقامته، ولنحو 20 عاما منذ الإقالة كان ممنوعا من الظهور أو الوجود في الأماكن العامة، وممنوعا من السفر وممنوعا من الظهور في الإعلام، حتى عندما كان يذهب إلى النادي للعب التنس، كان يدخل من الباب الخلفي حتى لا يشعر به أحد، ومع ذلك كان الناس يترقبون مواعيد ذهابه ويلتفون حوله حتى وفاته في العام 2008.
قال القائد العسكري المصري السابق أحد المرشحين المحتملين للانتخابات الرئاسية في بلاده اللواء محمد علي بلال، وهو صاحب سجل حافل بالنجاحات طوال فترة عمله بالقوات المسلحة المصرية، تقلد خلالها العديد من المناصب الرفيعة أبرزها مساعد رئيس أركان حرب القوات المسلحة ورئيس هيئة تفتيش القوات المسلحة، وقائد القوات المصرية في حرب تحرير الكويت في العام 1991، فضلاً عن مشاركته في حروب 56 واليمن وأكتوبر 73: إن تكرار سيناريو الثورات العربية في الخليج أمر مستبعد.
بلال الذي أعلن قبل فترة ترؤسه للحزب القومي المصري «تحت التأسيس» ليكون أحد الأحزاب الفاعلة في ساحة ما بعد الثورة، كشف في حواره مع «الراي» عن أسباب استبعاده من قيادة القوات المصرية في حرب تحرير الكويت. كما كشف عن أسباب استبعاد وزير الدفاع المصري الراحل المشير محمد عبدالحليم أبوغزالة من منصبه.
وفيما يلي نص الحوار:
• ما رؤيتك للمشهد السياسي المصري حالياً بعد سقوط نظام مبارك؟
- أي ثورة من الثورات لابد أن يحدث بعدها نوع من عدم الاستقرار، وهذا ما حدث بعد ثورة 25 يناير، فالمشهد السياسي المصري حالياً يمر بأسوأ مراحله لعدم وجود خطة سياسية واضحة تحدد مستقبل البلاد لاستعادة دورها الريادي بعد انحساره في العهد السابق، خصوصا على الصعيدين العربي والإقليمي. لذلك من المهم الآن القيام بخطوات لتعزيز العلاقات مع الدول الأفريقية، خصوصا دول حوض النيل من أجل التوصل إلى حل لأزمة مياه النيل بشكل يرضي جميع الأطراف، كما أطالب بإعادة النظر في علاقات مصر السياسية مع الدول العربية بما يحقق المصالح القومية لمصر ولا يتعارض مع مصالح هذه الدول.
• أعلنت قبل فترة عن عزمك الترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة، فما الذي شجعك على هذا القرار؟
- قرار ترشحي للرئاسة جاء لخدمة مصر وليس لحكمها بعد أن وجدت الكثير من الوجوه السياسية والحزبية والشخصيات العادية من المجتمع المصري تقدم نفسها للترشح لهذا المنصب، وللأسف ما لمسته منهم أنهم لايزالون يتحدثون بصيغة الماضي ويتناسون أن مصر ما قبل ثورة 25 يناير انتهت بلا رجعة، وإذا كانت مصر كتب لها أن تشهد عهدا جديدا فلابد أن يكون فكر من يتولون سدة الحكم فيها مختلفا.
• وما أبرز ملامح برنامجك الانتخابي؟
- برنامجي الانتخابي يتلخص في تحقيق الكرامة للمواطن التي فقدها في الفترة الماضية، وتوسيع دائرة الحريات، وعدم التضييق على المواطنين كما كان يحدث في عهد النظام السابق، والنهوض بمصر عن طريق وضع استراتيجية متكاملة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الأساسية، وفي مقدمتها القمح، كما يتضمن البرنامج الانتخابي وضع خطة لاستعادة مصر لدورها الريادي والقيادي في المنطقة.
• هل تؤيد النظام الرئاسي أم البرلماني خصوصا أن حولهما خلافات واسعة حاليا على الساحة المصرية؟
- أؤيد النظام البرلماني لأنه يؤدي إلى حكم الشعب للشعب، بمعنى أن من سيحكم هو الذي اختاره الشعب للقضاء على مؤسسة الفرد الواحد، وفي النظام البرلماني يكون رئيس الجمهورية مجرد رمز. وأرى أن المؤسسة الجماعية هي الأسلوب الأمثل لقيادة البلاد إلى الأفضل، ويجب أن تكون القرارات كلها غير معتمدة على رأي رئيس الجمهورية فقط وحاشيته المقربة كما كان في السابق، وبالتالي أي فرد يتولى منصب الرئيس عليه أن يعي تماما أنه موجود لخدمة المصريين ومصالحهم.
فالقرار السليم يجب أن يكون مشتركا وقائما على تحقيق مصلحة البلاد فقط، ومن يتولى هذا المنصب هو في مهمة خدمة عامة.
• ألا تخشى من تحفظ الشارع المصري على مسألة ترشحك في هذا المنصب باعتبارك تنتمي للمؤسسة العسكرية، خشية إعادة إنتاج رئيس عسكري؟
- أنا مواطن مصري مدني عادي خرجت من المؤسسة العسكرية منذ أكثر من 10 أعوام، وهنا يجب التفريق بين المؤسسة العسكرية ككيان له تقديره واحترامه وبين الأفراد الذين يخرجون للحياة العامة منها كالرؤساء الثلاثة السابقين، فمصر منذ ثورة 1952 يحكمها عسكريون وكانت بداية مبشرة ولكن طول المدة الزمنية التي حكموا خلالها مصر وراء تخوف البعض من تولي شخصية عسكرية منصب الرئاسة.
• ماذا عن الحزب القومي المصري «تحت التأسيس» الذي تترأســــــه، وأبرز أهـــــدافه، ومبــــــادئه؟
- الحزب القومي المصري تنتمي إليه نخبة كبيرة من شباب مصر ولا تنتمي إليه أي وجوه سياسية أو اجتماعية معروفة، وكان هذا مقصدا مهمًّا حتى تكون بالحزب دماء جديدة ولا ينتمي له أي واحد كان محسوبا على أي تيارات أو أحزاب سابقة. وبمعنى آخر لم يتلوث فكره الحزبي بعد، وتعتمد مبادئ الحزب على العمل والتخطيط لكي تكون مصر دولة عظمى سواء كان ذلك على المستوى الداخلي أو الخارجي سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وعلميا.
• ألا تخشى من قوة المنافسة مع بقية المرشحين لمنصب الرئيس، خصوصاً أن منهم وجوهًا بارزة ومعروفة؟
- أنا أراهن على التاريخ الشخصي لي كرجل عمل طويلا في خدمة الوطن بكل نزاهة وأمانة، ولا أخشى قوة المنافسين وتاريخهم، نعم هم معروفون ووجوههم تملأ الصحف والمجلات منذ أعوام.
ولكن المواطن المصري ذكي ويعرف تماما تاريخ كل مرشح ومواقفه وتوجهاته، والأهم هو ألا يسيء أي مرشح للآخر في حملته الانتخابية ويترك الحكم للشعب وإرادته.
• ما تعليقك على قيام جماعة «الإخوان المسلمون» وبعض الجماعات الدينية الأخرى في مصر بتعبئة وتوجيه المواطنين للتصويت بـ «نعم» على الاستفتاء على التعديلات الدستورية الأخيرة بدعوى أنها تضمن استقرار البلاد؟
- الشعب المصري قال كلمته دون توجيه من أحد، فهو على وعي كامل بمصلحة بلده، وأنا عن نفسي قلت «نعم» للتعديلات الدستورية رغم أنني لست إخوانيا، وكانت لي مبرراتي الواضحة وهي أن هناك ترتيبات محددة يقوم بها المجلس الأعلى للقوات المسلحة ستؤدي في النهاية إلى صياغة دستور جديد للبلاد بعد انتهاء الفترة الانتقالية، وهو المطلب الأساسي للشعب المصري.
• وهل كان الاستفتاء بـ «لا» سيغير من ذلك؟
- عدم الموافقة على التعديلات الدستورية كان من الممكن أن يؤدي إلى استمرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة في إدارة البلاد فترة أطول من الفترة المحددة، وهي 6 أشهر أو لحين إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
• هل تعتبر جماعة «الإخوان المسلمون» خطرا على مستقبل مصر السياسي في ضوء تحركاتهم الحالية على الساحة السياسية والحزبية؟
- «جماعة الإخوان» لا تمثل فزاعة أو خطرا على البلاد كما كان يروج النظام السابق، فهم مواطنون مصريون لهم حقوق وعليهم واجبات، ويحسب لهم أنهم عانوا الأمرّين خلال العهد السابق ومع ذلك فهم منظمون وقادرون على وضع استراتيجية محددة يتعاملون بها مع جميع المتغيرات.
• تعددت الروايات والأقاويل حول حقيقة قرار تخلي مبارك عن الحكم... برأيك هل كان التنحي طواعية أم أجبر على ذلك؟
- بداية هو ليس تنحيا، بل تخلّ.. فهو لم يحدث طواعية بل بالأمر، والدليل أن مبارك ترك السلطة لمصلحة المجلس الأعلى للقوات المسلحة وليس لرئيس مجلس الشعب كما ينص الدستور في حالات التنحي. وأستطيع أن أقول إن ما حدث كان شبه انقلاب عسكري تم بالتراضي أو متفق عليه وكان هذا هو المخرج الوحيد نزولا على رغبة الشعب وإنقاذ البلاد.
• هل توقعت أن يتخلى مبارك عن الحكم؟
- نعم توقعت ذلك يوم 10 فبراير الماضي، عندما عقد المجلس الأعلى للقوات المسلحة اجتماعا من دون حضور الرئيس السابق، ولاحظت وربما آخرون أن صورة مبارك ليست على الحائط، وهذا قبل إصدار المجلس العسكري بيانه الأول الذي أكد أن الجيش يتفهم مطالب الشعب ولن يضرب الثوار.
وكان من المفترض أن يعلن مبارك التنحي عن الحكم في هذا اليوم 10 فبراير، إلا أن بعض زبانيته وحاشيته ضغطوا عليه ليستمر في المنصب ويفوض صلاحياته لنائبه عمر سليمان، لكن ذلك لم يرض الثوار واتسع نطاق المظاهرات في اليوم التالي، ووصل المتظاهرون إلى القصر الرئاسي بضاحية مصر الجديدة فاضطر مبارك للتنحي وتفويض سلطاته للقوات المسلحة، وأيا ما كانت المسميات فقد جاء خروجه من الحكم إجباريا ولم يكن خيارا شخصيا له إعلانا بنهاية فترة حكمه.
• برأيك ما سر تحليق الطائرة «إف 16» على ارتفاعات منخفضة فوق ميدان التحرير قبيل تنحي مبارك؟
•• أراد بها مبارك أن يدخل الخوف والرعب في قلوب المحتجين لفض مظاهراتهم، كما أراد أن يعطي انطباعا بأن الجيش معه ويمكن أن يضرب الثوار، وهو ما رفضه الجيش في موقف بطولي رائع يضاف إلى سجله الناصع والمشرف.
• وما سر الطائرة المروحية «الهليكوبتر» التي حلقت فوق الميدان أكثر من مرة خلال الثورة؟
- كانت لرصد الوضع ومعرفة أعداد الثوار ومداخل ومخارج ميدان التحرير، حيث كانت الصور التي تنقل عبر معظم وسائل الإعلام المصرية والعربية غير واضحة ولا تعبر عن كل ما يحدث فكان لابد من وسيلة لرصد الأوضاع عن قرب، والهليكوبتر هي أنسب وسيلة لذلك.
• وما صحة ما نشرته بعض الصحف والمواقع الإلكترونية من أن مبارك طلب من الجيش ضرب الثوار؟
- مهما قيل عن مبارك، إلا أنه يعلم تماما أنه من المستحيل أن يتعامل الجيش مع الشعب المصري بطريقة يفقد بها مكانته لديه، وأعلن الجيش بعد نزوله الشارع عن احتضان ومساندة الثورة وضمان مطالبه وأنه يستمد شرعيته منها. وبالطبع لولا احتضان الجيش للثورة لما نجحت وهذا الموقف يضاف إلى السجل الناصع للجيش مثل موقفه بعد اندلاع انتفاضة الجوع في العام 1977 وأحداث الأمن المركزي في العام 1986.
• الكثيرون يرون أن مبارك ساهم بنسبة كبيرة في نجاح الثورة بسبب تعنته وتباطئه في اتخاذ قرارات تأتي غالبا متأخرة في وقت يرتفع فيه سقف مطالب الثوار... ما تعليقك؟
- بلا شك ساهم أسلوب إدارة مبارك للأزمة في تطور ورفع سقف المطالب من جانب الثوار بسبب بطء قراراته، وانتهى الأمر بسقوط النظام بالكامل، ولو استجاب الرئيس السابق في بداية الثورة لمطالب المتظاهرين لما حدث السيناريو الذي رأيناه.
• كنت قائداً للقوات المصرية المشاركة في تحرير الكويت خلال حرب الخليج الثانية، هل كانت هي البداية الحقيقية لاحتلال العراق لاحقاً؟
- بكل تأكيد، كانت كذلك فالقوات الأميركية لم تكن تريد فقط تحرير الكويت بل عمدت إلى تدمير العراق وتحديدا بنيته التحتية ومنشآته، كما تم استدراج القوات المسلحة العراقية بهدف «تركيعها» ومن ثم التمهيد لاحقا لاحتلال العراق.
• هل يعني ذلك أنك اعترضت على مشاركة القوات المصرية بها؟
- نعم كان قرار مشاركة القوات المصرية في هذه الحرب اضطراريا، لأن أميركا هي المتحكمة في مقدرات الدول العربية والعالم كله، ولم تعارض أي دولة قرار الولايات المتحدة الأميركية بشن هذه الحرب.
• هل صحيح أنك طلبت من الرئيس السابق زيارة القوات المصرية في حفر الباطن إبان حرب تحرير الكويت؟
•• نعم طلبت من رئيس أركان الجيش المصري وقتها الفريق صفيّ الدين أبوشناف أن يعرض على مبارك زيارة القوات المصرية في حفر الباطن لتحية الجنود ورفع روحهم المعنوية. وطالبت بذلك بعدما جاء الرئيس الأميركي الأسبق بوش الأب للقاء القوات الأميركية، وكذلك رئيس الوزراء البريطاني وقتها جون ميجور، وغيرهما، وعندما جاء مبارك حضر معه وزير الدفاع آنذاك الفريق يوسف صبري أبوطالب واللواء عمر سليمان والدكتور زكريا عزمي والدكتور يوسف والي وآخرون، ولولا طلبي هذا ما قام مبارك بهذه الزيارة.
• وما الأسباب الحقيقية وراء إقالتك من منصبك كقائد للقوات المصرية في حرب تحرير الكويت؟
- حدثت بعض المشكلات خلال وجود القوات المصرية في حفر الباطن وكان قوامها نحو 34 ألف جندي تتعلق بأسلوب المعاملة بشكل أقل من معاملة القوات الأميركية فيما يتعلق بالمبيت والإقامة، علاوة على اعتراضي على الدور المكلفة به القوات المصرية هناك، حيث أعلنت أن مهمتها الدفاع عن حدود السعودية وليس الهجوم في اتجاه الكويت.
• تعددت الروايات حول السبب الحقيقي وراء إقالة الرئيس السابق لوزير الدفاع الراحل المشير عبدالحليم أبوغزالة من منصبه في العام 1989... البعض يؤكد أن ارتفاع شعبيته هي السبب وآخرون يعتقدون أن السبب هي ضغوط أميركية وإسرائيلية بسبب قيامه «أي أبوغزالة» بتنفيذ برنامج تطوير صواريخ «كوندور 2» متوسطة المدى... برأيك ما السبب الحقيقي وراء الإقالة؟
- ارتفاع شعبية أبوغزالة كانت السبب في إقالته، إذ تفوقت شعبيته على شعبية الرئيس السابق نفسه، ما أثار قلق مبارك سواء كان ذلك داخل الوزارة أو في الشارع، وقام مبارك بعد إقالته بتحديد إقامته، ولنحو 20 عاما منذ الإقالة كان ممنوعا من الظهور أو الوجود في الأماكن العامة، وممنوعا من السفر وممنوعا من الظهور في الإعلام، حتى عندما كان يذهب إلى النادي للعب التنس، كان يدخل من الباب الخلفي حتى لا يشعر به أحد، ومع ذلك كان الناس يترقبون مواعيد ذهابه ويلتفون حوله حتى وفاته في العام 2008.