كمال علي الخرس / الرحمة بالأرض

تصغير
تكبير
«خلافاً للطيور والحيوانات، الجنس البشري يدمر الغابات، يحرق الوقود الخام، يجفف المسطحات الرطبة، يلوث الأنهار والغابات، وينهب الأرض من معادنها النفيسة ومن موادها الخام الأخرى.»

المؤرخ بول كينيدي

في منتصف تسعينات القرن الماضي صدر كتاب مهم للمؤرخ والكاتب الأميركي الشهير بول كينيدي تحت عنوان «التحضير للقرن الواحد والعشرين.» تناول فيه المؤلف أهم التحديات التي تواجه الأرض وسكانها مع بداية القرن الحالي. في الدول النامية هناك الكثافة السكانية مع نقص الغذاء وخطر المجاعات، أما الدول المتطورة فهي تملك القوة ورأس المال والاستقرار السياسي والشركات العالمية إلا أنها تمثل تحدياً آخر للأرض وسلامتها عبر استنزافها الحاد لموارد الطبيعة وما ينتج عن ذلك من تلوث وتسخين حراري وغيره.

ويرى المؤلف في بحثه بأن الحد من النمو السكاني لا يمثل حلاً أمثل لمشاكل الأرض لأن فيه أحياناً أضراراً اجتماعية واقتصادية. فالعوائل الكبيرة في الدول النامية تمثل نمط استهلاك اقل، ففيها الضمانة الاجتماعية عبر نظام تكافل اجتماعي يعيل الصغير الذي فقد معيله ويتكفل بالكبير بعد هرمه وعجزه، أما حال العوائل الصغيرة في الدول المتطورة فالدولة تتحمل عبأ الضمان الاجتماعي لكبار السن والأطفال الذين لا يجدون مأوى اجتماعي لهم وذلك يشكل عبأ على الميزانية كما هو الحال في الولايات المتحدة حسب وصف الكاتب.

للتدليل على ذلك يذكر الكاتب مقارنة مدهشة لنمط استهلاك الإنسان في الدول المتطورة وثقل وطأته على الأرض وبيئتها، وبين الإنسان في الدول النامية. فيشير في بحثه أن الطفل الأميركي مثلاً يمثل نمط استهلاكه دماراً للبيئة ضعف ما يسببه الطفل السويدي وثلاثة أضعاف الايطالي وثلاثة عشر ضعف الطفل البرازيلي وخمسة وثلاثين ضعف الطفل الهندي، ثم مائتن وثمانين ضعف الطفل التشادي أو الهاييتي. وأن الصين لو واكب تطورها التكنولوجي وإنتاجها الصناعي النمط الاستهلاكي الغربي أو الياباني مع كثافتها السكانية لكانت النتائج السلبية على الأرض مهولة.

يبدو ان مصطلح الإنسان قاهر الطبيعة لم يعد مصطلحا ايجابيا يدعو للفخر والاعتزاز، لأن قهر الطبيعة تحول إلى تدمير ممنهج وعبث غير مسؤول للأرض ولخيراتها.

يقول المؤلف في نقطة مهمة ان الدول أصبحت اقل استقلالية وأكثر اعتماداً على بعضها البعض ولا تستطيع أن تواجه التحديات التي تتعرض لها الأرض إلا بجهود متضافرة.

ما ينطبق على دول العالم ينطبق على الكويت، فالكويت تحتاج أولاً أن تنسق مع جوارها البري والبحري للحفاظ على موارد البر والبحر وثرواتها السمكية والزراعية والحيوانية، قد تختلف الدول وتتنافس وخصوصاً الجيران إلا انه يجب ان يكون هناك توافق وتنسيق أكبر للحفاظ على ثروات المنطقة في البر والبحر لأن هذا الموضوع مصيري ومشترك لا يمكن العمل فيه بشكل منفرد.

في الداخل الكويتي يجب أن يكون هناك اهتمام اكبر وأكثر جدية بالثروة البحرية والسمكية لما تمثله من مورد غذائي مهم في الوقت الحالي وما تمثله من ضمانة مستقبلية، لذلك يجب العمل على وقف الصيد الجائر للأسماك، والحفاظ على بيئات نموها وتكاثرها، وتكثيف الرقابة على من يخالف ذلك. وأما الثروة الحيوانية والزراعية فمن المفترض أن يكون هناك اهتمام اكبر بمربي الماشية والمزارعين والاهتمام بالثروة الحيوانية وتربيتها وان كان هناك سلبيات ومشاكل في حقل الزراعة والثروة الحيوانية فيجب تلافيها بإيجاد حلول مثلى لها وليس الحل في إهمال هذه الثروة والقائمين عليها، لأنها تشكل ضمانة طبيعية مهمة تستوجب الرعاية الأكبر والاهتمام.





كمال علي الخرس

كاتب كويتي
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي