رؤى / نفوس مضطربة


| لطيفة جاسم التمار* |
رواية واقعية تعرض للحياة السياسية المصرية صراحة،فكانت أول رواية تضع الحركة الحزبية والسياسية تحت المجهر وتنقدها نقدا صريحا، كانت لأحمد زكي مخلوف صدرت عام 1946، وهي تجربة رائدة بعد تجربة «الأرض» لعبد الرحمن الشرقاوي 1930، يعرض الكاتب في روايته صورة واسعة من صور التردي العام الذي كانت منه مصر، في صورة جزئية حالة التردي الحزبي السياسي، فظهرت صور التعصب الذاتي للزعيم وليس للمبدأ أو الحزب، بسبب طغيان الحياة المادية وتراجع المثل والأخلاق. فكم هائل من البشر يجرون وراء مكاسب مادية من وراء الزعيم.
الشخصية المحورية في الرواية شخصية «الشيخ حسن» رجل مؤمن بالوطنية وبالحزب آمن بالثورة وبسعد زغلول، لكن الحزب لم ينصفه لكنه يبذل كل ما يملك من أجل الوطن والحزب، وينسى الرجل جرحه القديم ويهب إلى نصرة الوطن. شخصية «الشيخ» هي شخصية الإنسان العربي المهمش في وطنه، والذي يعاني من هذا التهميش من قبل أشخاص ساندهم وآمن بقضيتهم، وعند الحاجة يذوب هذا التهميش ويبدأ الرجاء في طلب المساعدة من هذه الفئة الكبيرة في وطننا العربي، والتي يسيطر عليها قيادات حزبية سياسية صنعتهم وعشقوها، وبذلك انتقل العشق من الوطن إلى الإيمان بالزعيم فمن حب الوطن إلى محبة الزعيم. ويصبح الزعيم هو المسيطر على تلك الفئة والتي تمثلت في الرواية بشخصية «الشيخ حسن»، فكانت شخصية الشيخ تدفعه للإيمان بوصول هذا الزعيم للحزب ووضعه في وظيفة مناسبة، وهو لا يملك الموهبة الفعلية التي تجعله يتقلدها. وظل مؤمنا بزعيمه وحزبه حتى مات.
الشخصية هنا رمز للإفلاس السياسي في ظل حكم الملكية في مصر، وكان الموت في النهاية رمزا معبرا عن رفض هذا الإفلاس السياسي ورغبة جامحة في القضاء عليه ونشر حرية الرأي والمساواة بين الناس. تتعدد الجوانب السلبية في الرواية، لكن الجانب الأكبر كان إيجابيا خصوصا أن الرواية استطاعت أن تناقش الحياة السياسية بشكل واقعي بعيدا عن الرمز أو الإشارة فقط، وواجهت مشكّلة مرحلتها ومن هنا نجدها تنجذب إلى أن تكون رواية ناضجة ذات شخصيات واقعية ومن خلال واقعية موضوعية حتى ولو لم تكن الأحداث مشكلة تشكيلا جيدا يتناسب مع تقنيات العمل الروائي. هذه الرواية في زمنها استطاعت أن ترفع صرخة مدوية في وجه الأحزاب التي رفعت شعار الشعب، وهي بعيدة كل البعد عنه حتى أنها لم تتحمل مسؤوليتها تجاهه، وأظهرت السعي وراء المصالح والأهواء الشخصية، والجري وراء الماديات ودهس الشعب من أجل وصول بعض زعماء الأحزاب إلى مقاعد الحكم. صورة واقعية نراها اليوم في برلمانات عربية من ضمنها البرلمان الكويتي، فالكثير من زعماء الأحزاب أو النواب يهيجون الشعب من أجل مصالح غير معلن عنها، وهذا ما وجدناه في مظاهرات الجمع الفائتة، هذه الشخصيات تتشابه مع شخصية «الشيخ حسن» في الرواية. لكن الذي أريد أن أرسله لكل مواطن كويتي أن يحب وطنه وأن يتعلم كيف يحب هذا الوطن من خلال سلوكه الذي ينعكس على حبه لوطنه، وأدعو الله أن يحمي الكويت من كل شر ومن كل مدعي حب.
* ماجستير أدب عربي
Latifa-altammar@hot mail.com
رواية واقعية تعرض للحياة السياسية المصرية صراحة،فكانت أول رواية تضع الحركة الحزبية والسياسية تحت المجهر وتنقدها نقدا صريحا، كانت لأحمد زكي مخلوف صدرت عام 1946، وهي تجربة رائدة بعد تجربة «الأرض» لعبد الرحمن الشرقاوي 1930، يعرض الكاتب في روايته صورة واسعة من صور التردي العام الذي كانت منه مصر، في صورة جزئية حالة التردي الحزبي السياسي، فظهرت صور التعصب الذاتي للزعيم وليس للمبدأ أو الحزب، بسبب طغيان الحياة المادية وتراجع المثل والأخلاق. فكم هائل من البشر يجرون وراء مكاسب مادية من وراء الزعيم.
الشخصية المحورية في الرواية شخصية «الشيخ حسن» رجل مؤمن بالوطنية وبالحزب آمن بالثورة وبسعد زغلول، لكن الحزب لم ينصفه لكنه يبذل كل ما يملك من أجل الوطن والحزب، وينسى الرجل جرحه القديم ويهب إلى نصرة الوطن. شخصية «الشيخ» هي شخصية الإنسان العربي المهمش في وطنه، والذي يعاني من هذا التهميش من قبل أشخاص ساندهم وآمن بقضيتهم، وعند الحاجة يذوب هذا التهميش ويبدأ الرجاء في طلب المساعدة من هذه الفئة الكبيرة في وطننا العربي، والتي يسيطر عليها قيادات حزبية سياسية صنعتهم وعشقوها، وبذلك انتقل العشق من الوطن إلى الإيمان بالزعيم فمن حب الوطن إلى محبة الزعيم. ويصبح الزعيم هو المسيطر على تلك الفئة والتي تمثلت في الرواية بشخصية «الشيخ حسن»، فكانت شخصية الشيخ تدفعه للإيمان بوصول هذا الزعيم للحزب ووضعه في وظيفة مناسبة، وهو لا يملك الموهبة الفعلية التي تجعله يتقلدها. وظل مؤمنا بزعيمه وحزبه حتى مات.
الشخصية هنا رمز للإفلاس السياسي في ظل حكم الملكية في مصر، وكان الموت في النهاية رمزا معبرا عن رفض هذا الإفلاس السياسي ورغبة جامحة في القضاء عليه ونشر حرية الرأي والمساواة بين الناس. تتعدد الجوانب السلبية في الرواية، لكن الجانب الأكبر كان إيجابيا خصوصا أن الرواية استطاعت أن تناقش الحياة السياسية بشكل واقعي بعيدا عن الرمز أو الإشارة فقط، وواجهت مشكّلة مرحلتها ومن هنا نجدها تنجذب إلى أن تكون رواية ناضجة ذات شخصيات واقعية ومن خلال واقعية موضوعية حتى ولو لم تكن الأحداث مشكلة تشكيلا جيدا يتناسب مع تقنيات العمل الروائي. هذه الرواية في زمنها استطاعت أن ترفع صرخة مدوية في وجه الأحزاب التي رفعت شعار الشعب، وهي بعيدة كل البعد عنه حتى أنها لم تتحمل مسؤوليتها تجاهه، وأظهرت السعي وراء المصالح والأهواء الشخصية، والجري وراء الماديات ودهس الشعب من أجل وصول بعض زعماء الأحزاب إلى مقاعد الحكم. صورة واقعية نراها اليوم في برلمانات عربية من ضمنها البرلمان الكويتي، فالكثير من زعماء الأحزاب أو النواب يهيجون الشعب من أجل مصالح غير معلن عنها، وهذا ما وجدناه في مظاهرات الجمع الفائتة، هذه الشخصيات تتشابه مع شخصية «الشيخ حسن» في الرواية. لكن الذي أريد أن أرسله لكل مواطن كويتي أن يحب وطنه وأن يتعلم كيف يحب هذا الوطن من خلال سلوكه الذي ينعكس على حبه لوطنه، وأدعو الله أن يحمي الكويت من كل شر ومن كل مدعي حب.
* ماجستير أدب عربي
Latifa-altammar@hot mail.com