لا تجلس وتنظر إلى وضع الكويت الاقتصادي الذي لا يمت إلى الواقع بأي صلة. لا تنظر إلى ميزانية الدولة وتصر على توجه تحويل الكويت إلى مركز مالي واقتصادي. لا تتوقع النهوض بالاقتصاد الكويتي والمناصب القيادية توكل لغير الكفاءات. لا تتوقع من نواب المساومات والمصالح خيرا فهم أحد أسباب تدهور حال البلاد والعباد. ولا تتوقع إن تنبيهنا هذا تعبير عن حالة تشاؤم بل على العكس... إنه تعبير عن واقع تعيشه الكويت.
إن الواقع ينذر بحدوث أزمة مالية ستواجهها في المستقبل حيث ان 95 في المئة من إيرادات الميزانية العامة للدولة من النفط، والواقع يقول أنهم لا يفقهون العلاقة بين الخصخصة ورأس المال المراد استقطابه من المستثمر الأجنبي، إنهم لا يفقهون الفرق بين القيادة والإرادة كما أشرنا في المقال السابق، إنهم لا يدركون خطورة كسب الولاء السياسي على وضع الاقتصاد الكويتي!
ولأنهم لم يعيدوا هيكلة الاقتصاد الكويتي، ظلت بيئة العمل في الكويت طاردة للمستثمر الأجنبي ناهيك عن السباق المحموم في كسب ما يمكن كسبه من ميزانية الدولة من مشاريع وخلافه من زيادات وإنفاق غير مدروس، تراجعت الكويت وستتراجع مادامت القيادة اللاأخلاقية منهجاً متبعاً!
أقول هذا وأنا قبل أسبوع قد أنهيت رحلة الدكتوراه في رسالة بحثية عنوانها «أهمية القيادة الجيدة والأخلاقية في تحويل الاقتصاد الكويتي»... دراسة مبنية على منهج بحث نوعي امتد إلى قرابة العامين التقيت من خلالها مع قياديين لكبرى الشركات الكويتية، ووجدت ما وجدت، وتبقى النتائج في انتظار النهاية الرسمية، ولا نستطيع البوح عنها في وقتنا الحالي لأسباب أكاديمية!
خلاصة القول إن الكويت في حاجة إلى إعادة هيكلتها الاقتصادية، تغيير مفهوم اختيار القياديين في القطاعين العام والخاص، وضرورة تعديل القوانين وإيجاد حوكمة تحد من قرارات بعض القياديين التي «خربطت» وضع الكويت في مؤشر الفساد والشفافية!
إذاً، أعود وأكرر لا تتوقعي عزيزتي وعزيزي القارئ ان الكويت تستطيع الخروج من أزمتها في ظل التجاذب بين بعض أعضاء مجلس الأمة من جانب وتوزيع المناصب حسب الولاءات من جانب الحكومة! إننا في حاجة إلى صحوة تبعد كل نائب أو نائبة من المعترك السياسي الذي أساءوا له فقط لأنهم يتبعون مصالحهم وهم معروفون، وإن شاء الله يأتي اليوم الذي لا نشاهد فيه هذه النوعية من النواب ولا نشاهد قياديين فاشلين ولا فضائح من الوزن الثقيل... إننا في حاجة إلى القيادة الأخلاقية بشكل ملح جداً وإلا فسلام على التنمية المراد بلوغها. والله المستعان!
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
[email protected]