عاجَل حكومة ميقاتي بإطلاق العمل لإسقاطها قبل جلسة عملها الأولى

الحريري فجّر معركة بـ «ثلاثة أبعاد» تبدأ في بيروت ولا تستثني ... دمشق

تصغير
تكبير
 | بيروت ـ «الراي» |

وضع زعيم المعارضة اللبنانية، رئيس الحكومة السابق سعد الحريري المواجهة العاصفة في بيروت، في اطار مثلث الابعاد: حماية المحكمة الدولية وضمان الانصياع للتعاون معها، العمل على اسقاط الحكومة، التي قال انها «حكومة حزب الله»، وانتشال لبنان من المحور السوري ـ الايراني.

وإذ شكل كلام الحريري من «منفاه الطوعي» في باريس اول من امس اول إطلالة لزعيم عربي على ما يجري في سورية من «ظلم وجريمة»، لفت إعلانه انه «لا يمكن ألا نتضامن مع الشعب السوري»، في إشارة بالغة الدلالة الى رفع الصوت في وجه نظام الرئيس بشار الاسد.

وترددت في بيروت امس وبقوة اصداء المواقف التي اطلقها الحريري، في اول اطلالة اعلامية له بعد تشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي وصدور مذكرات توقيف عن المحكمة الدولية بحق اربعة من «حزب الله»، الذي كان امينه العام السيد حسن نصرالله اعلن عدم اعترافه بالمحكمة ورفضه تسليم المتهمين.

ورأت الدوائر المراقبة في العاصمة اللبنانية في مواقف الحريري «إشارة انطلاق» لمعركة المعارضة من اجل اسقاط حكومة ميقاتي، التي عاجلها زعيم «تيار المستقبل» بإعلانه الحرب السياسية عليها وهي تستعد لعقد اول جلسة عمل في السرايا الكبيرة اليوم الخميس.

وأشار الذين زاروا السرايا امس الى «صدمة» من جراء وصف الرئيس ميقاتي بأنه «وكيل حزب الله» واتهامه بـ «الغدر والخيانة» والاعلان عن الاستعداد لإسقاط حكومته حتى ولو اقتضى الامر اللجوء الى التظاهر في الشارع والى كل الوسائل الديموقراطية الاخرى.

وإذ لم يشأ نواب من «حزب الله» التعليق على ما قاله الحريري بسبب قرار يحصر كلام الحزب بأمينه العام، فإن الاوساط السياسية في بيروت رأت ان الهوة بين الحريري ونصرالله الى اتساع من الصعب ردمه، خصوصاً مع اتهام المحكمة الدولية لـ «أفراد» من «حزب الله» باغتيال الحريري.

وسارعت الامانة العامة لحركة «14 آذار» الى الاعلان امس عن «بدء» معركة إسقاط الحكومة على نحو عملي، ملوحاً باللجوء الى الشارع في حال عملت الحكومة على التفلت من الالتزامات حيال المحكمة الدولية، مشيرة الى ان سقف معركتها اتفاق الطائف والشرعية الدولية. وثمة من يعتقد في بيروت ان المحطة الاكثر اثارة في المعركة العاصفة ستكون مع الكشف عن مضمون القرار الاتهامي في جريمة اغتيال رفيق الحريري في مطلع اغسطس المقبل، اي بعد انقضاء مهلة الـ 30 يوماً لتسليم «حزب الله» المتهمين الذين لن يصار الى تسليمهم.

ورأت اوساط واسعة الاطلاع ان ما يتضمنه القرار الاتهامي، المرتقب الكشف عنه، من ادلة وقرائن، سيوفر للمعارضة ادوات صلبة في مواجهتها للحكومة المتهمة بأنها تشكل غطاءً يحتمي به «حزب الله» الذي يمسك بمفاتيح اللعبة داخل الحكومة وتوازناتها.

وكان الرئيس الحريري وجّه من منزل والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري في باريس الذي تقطنه السيدة نازك الحريري، سلسلة رسائل باتجاه الداخل، خصوصاً «حزب الله» والرئيس ميقاتي (كان في الطائرة عائداً الى بيروت لحظة الحديث التلفزيوني) والخارج لا سيما سورية، أمكن اختصارها بالآتي:

* اعلان انه سيعود الى بيروت في اقرب وقت وانه اختار الغياب في هذه المرحلة «لإفساح المجال امام الاخوان لتشكيل الحكومة، نافياً ما تردد عن أنه كانت هناك محاولة لاغتياله على طريق المطار.

* اعلانه انه «لو ظهر السيد نصر الله في 300 مؤتمر صحافي فلن يغير حرفاً في القرار الاتهامي، فهناك متهَمون يجب أن يمثلوا أمام المحكمة»، مضيفاً أنه لو كانت حكومته قائمة «كنا سنبحث عن المتهمين، ومن المؤكد اننا كنا سلمناهم إلى المحكمة».

* وصفه الحكومة الجديدة بانها «حكومة «حزب الله» والرئيس ميقاتي بانه «وكيل» الحزب وانه مع الوزير محمد الصفدي «ادوات».

* اعلانه الصريح ان قرار إسقاط حكومة الوحدة الوطنية اتخذه شخصان: الرئيس السوري بشار الأسد والسيّد حسن نصر الله «وهو الأمر الذي يعرفه قادة عرب وأتراك ودول أخرى».

* ردّه على ما قيل في موضوع الـ «سين ـ سين» والاتهامات بأنه كان يساوم على دم والده الآخرين مقابل البقاء في السلطة، معلناً: «كانت المبادرة السعودية ـ السورية مبنية على أساس أن يعطى كل شيء للدولة، وكان ثمة مصالحة ومسامحة، وكان السلاح موضوعاً على الطاولة». مضيفاً: «يوجد مثَل لبناني يقول: «إلحق الكذاب الى باب الدار»، أنا مشيت في مبادرة وكنت صادقاً فيها، وكنت مستعداً للعض على الجرح من أجل لبنان، وكنت أعلم في قرارة نفسي أن بعض الموجودين في لبنان، إن كان «حزب الله» أو حلفاءه في الخارج، كانوا يناورون، لأن هدفهم في النهاية التخلص من «14 آذار» ومن سعد الحريري».

* تشديده على أن اي حوار مع السيد نصر الله اذا حصل فلن يشارك فيه هذه المرة «الا بوجود شهود او على الكاميرا، اذ لا أريد أن أخبئ شيئاً على أحد، كي لا تصدر غداً تسريبات بأنني عرضت صفقة على السيد حسن».

* مخاطبته الرئيس نبيه بري بـ «اننا نريدك شريكاً في الوطن وليس شريكاً في تخبئة المتهمين» باغتيال الرئيس الحريري.

* اعلان التضامن مع الشعب السوري «الذي يقول كلمته ولا يمكن اتهامه بأنه يخرب البلد، وهناك طريق إصلاح حاول ان يمشي بها الأسد ولكن حتى الآن لا إصلاحات»، مضيفاً: «نحن لا نتدخل والذي يحصل هو ظلم وجريمة، ولا يمكن أن لا نتضامن مع الشعب السوري. وأقول للرئيس الأسد إن أحداً ليس أكبر من بلده وإن الشعب السوري هو عماد الدولة السورية، يجب الحفاظ عليه»

* وصفه زعيم «التيار الوطني الحر» النائب العماد ميشال عون بأنه «ضابط صف ثانٍ عند حزب الله».

* توجهه الى السيّد نصر الله بقوله: «رفيق الحريري كان يقول «لا أحد أكبر من بلده»، وعليك أن تقول نفس الشيء، وأن تتواضع معنا شوي، والمقاومة أنجزت التحرير فلا تضيعوا إنجازاتها».

* تأكيده «أن لا فتنة بين السنّة والشيعة، والكلام بأن المتهمين وهم شيعة هو كلام ممنوع، فهؤلاء، اذا ثبت ارتكابهم الجريمة ليسوا مسلمين بل مجرمين».

* اعلانه المباشر «اننا الآن في المعارضة وسنسعى لإسقاط الحكومة «وقد يكون الشارع إحدى الخطوات، وهي لن تصمد طويلاً، وسنعمل على ربح الانتخابات المقبلة».

* وصفه النائب وليد جنبلاط بانه «زعيم له تاريخ وطني، وأول من حمل دم رفيق الحريري، وأشكره على كل المرحلة التي تعاونّا فيها معاً»، مشيراً الى الاختلاف معه في السياسة حالياً.

* اعتباره ان السلاح هو المشكل الاساسي وقد بات مشكلة لـ «حزب الله»، ولن نسكت بعد اليوم، ولن يفرّقني عن حلفائي إلا الموت.

وقد لاقت الامانة العامة لقوى «14 آذار» كلام الحريري اذ اعلن منسقها العام الدكتور فارس سعيْد «بدء مرحلة العمل من أجل اسقاط الحكومة ومواجهتها بشتى الوسائل، مع الحفاظ على الطابع السلمي والديموقراطي لهذه المعارضة».

وقال سعيد بعد «الاجتماع التقويمي» للامانة العامة لـ «14 آذار»: «قوّمنا بدقة الإمكانات المتوافرة لدينا كجمهور ورأي عام وتيار سياسي وأحزاب وشخصيات لمواجهة هذه الحكومة»، موضحاً أنّ «الهدف ليس فقط اسقاط حكومة الرئيس ميقاتي وانما انتقال لبنان من موقع غير طبيعي موجود فيه اليوم حيث تتحكم به قوى مسلحة خارج إطار الشرعية نحو لبنان الذي يجب ان يكون في موقع الدولة القادرة التي تحصر السلاح في يدها وتلتزم قرارات الشرعية الدولية».

واكد «ان لا عودة الى حوار يتخذ الشكل القديم لطاولة الحوار التي يترأسها رئيس الجمهورية والتي هي فقط من أجل تقطيع الوقت واستيعاب كلامي ولفظي لمشكلات حقيقية في لبنان، فاذا عاد فريق «حزب الله» الى وعيه السياسي والوطني وتقدم بأطروحة حقيقية قابلة للنقاش حول موضوع حصرية السلاح في يد الدولة، فعندها نعود لبحث داخل «14 اذار» عما سيكون موقفنا».

وتعليقاً على كلام الحريري، قال وزير المال محمد الصفدي: «لم يكن الشيخ سعد مضطرا إلى توسل الغرائز المذهبية ليحرض على رئيس الحكومة ووزير المال محمد الصفدي»، مبدياً اسفه «ان يكون صدر عن الرئيس الحريري هذا الكلام النابي بحق الرئيس ميقاتي وبحقي، وطرابلس ليست ملكا لأحد ولا الطائفة السنية يمكن اختصارها بشخص مهما علا شأنه. فكما أن لا أحد أكبر من بلده، كذلك لا أحد أكبر من طائفته».

وسائلاً: «ألا يكفي التحريض المذهبي بين السنة والشيعة وبين السنة والعلويين كي يضاف إليه التحريض بين السنة أنفسهم؟».

واعتبر نائب «حزب الله» كامل الرفاعي (سني) أنّ «الرئيس الحريري أثبت من خلال كلامه أنّه لا يزال يعيش فترة عدم تقبل خروجه من الحكم»، وقال «لا تبنى الأوطان ولا تكون معارضة بضرب أركان الوطن عبر تهديد الحكومة والشعب واستقواء الرئيس الحريري بعلاقاته الدولية التي ورثها عن والده».

وأسف في تصريح لـ «وكالة الانباء المركزية» لأنّ «الشيخ سعد لم يكن بما أدلى به، ابن أبيه»، سائلا «كيف تكون المعارضة ديموقراطية وقد هدد بالنزول الى الشارع واللجوء الى التظاهرات والتهويل بالتأكيد مرارا أنّ الدول ستنغلق على لبنان اقتصاديا؟».

وعن اتهام الحريري «حزب الله» والرئيس السوري بإطاحة حكومته، قال «يعيش الشيخ سعد هذا الهاجس، لكن نلفت الى أنّ لدى الرئيس الأسد ما يكفي من المشاكل والمفاوضات داخل بلاده إضافة الى أزمة دولية مع نظامه، بالتالي فهو لا يحتاج الى فتح جبهة في لبنان واستعداء جزء من شعبه. أمّا على صعيد «الحزب» فصبر كثيرا على الرئيس الحريري في موضوع شهود الزور وتأجيل جلسات مجلس الوزراء طويلا، إذا الحكومة لم تسقط لمجرد الإطاحة بالشيخ سعد بل لعلمه بمؤامرة مبرمجة تريد النيل من المقاومة وسلاحها في لبنان».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي