أوراق ملونة / جامع صنعاء الكبير

تصغير
تكبير
| بريشة وقلم علي الجاسم |

أجمعت الروايات التاريخية على أن تأسيس جامع صنعاء الكبير قد حدث في السنة السادسة للهجرة، فيروى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ارسل وبر بن يحنس الى صنعاء والياً عليها في العام السادس الهجري بعد موت باذان الفارسي قال له: «ادعهم الى الايمان، فان اطاعوك فاشرع لهم الصلاة، فاذا اطاعوا لك فمر ببناء مسجد لهم في بستان باذان من الصخرة التي في اصل غمدان، واستقبل به الجبل الذي يقال له «ضين»، فعمل «وبر» ما امر به نبيه الكريم فأسس المسجد على هذه الصفة وخط بناءه ما كانت عليه عمارة المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة، فجاء فناء الجامع منتصفا تحيط به أربعة أروقة أعمقها رواق القبلة ، مربع الشكل طول ضلعه اثنا عشر متراً، له باب واحد من الناحية الجنوبية وبداخل الاروقة اثنا عشر عموداً أشهرها المنقورة وهو العمود السادس من ناحية الجوار الشرقي الحالي، والمسمورة، وهو العمود التاسع من ناحية الجوار الشرقي- أيضاً- وكان يوجد بالرواق الشمالي المحراب الأصلي وقد بنيت جدران الجامع الخارجية من حجر البازلت الإسفنجي ، وتعرض الجامع خلال العصور الإسلامية المتتابعة إلى تجديدات وتوسيعات عديدة، وكان من أوائلها ما قام بها الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك 86 - 96هـ- 705 - 715مـ، حين شمل التوسع في الاتجاه الشمالي من ناحية القبلة الأولى إلى موضع القبلة الحالية، وفي فترة أول خلافة بني العباس في صنعاء، نقلت أحجار أبواب الجامع من قصر غمدان ومنها المدخل الذي يقع على يمين المحراب وبه صفائح من الفولاذ متقنة الصنع...وفي عام 265هـ أجرى الأمير محمد بن يعفر الحميري توسيع كان من ضمنه السقوف الخشبية المصنوعة من خشب الساج، ذات زركشات فنية مرسومة بطريقة الحفر الملونة.

وللجامع القديم كما يعرف بعض الاحيان مئذنتان، في الناحية الجنوبية واحدة، والثانية في الناحية الغربية منه... وتعتبر من أقدم المآذن الباقية باليمن، فالمئذنة الشرقية جددت بداية القرن السابع الهجري، وأعيد تجديدها في أوائل القرن الثالث عشر الهجري، وتتكون هذه المئذنة من قاعدة حجرية مربعة الشكل بها مدخلان أحدهما في الناحية الشمالية والآخر في الناحية الشرقية يقوم عليها بدن مستدير تعلوه شرفة مزدانة بصوف في المقرنصات ويعلو البدن بدن آخر سداسي الشكل بكل ضلع فتحة نافذة معقودة، ويتوج هذا البدن بقبة صغيرة وقد وصفها الرازي في كتابه «تاريخ مدينة صنعاء» بأنها لم يعمل مثلها إلاَّ في دمشق أو في منارة الأسكندرية... أما المئذنة الغربية فهي تشبه المئذنة الشرقية إلى حد كبير مبنية على قاعدة مربعة 4.25 متر، يبلغ ارتفاع هذه القاعدة حوالي خمسة مترات، ويوجد غرب المنارة الغربية مكتبة مملوءة بذخائر التراث العلمي والثقافي اليمني في كافة المجالات، وفيها المخطوطات النادرة ومنها نسخ من القرآن الكريم الذي نسخ في عهد الخليفة عثمان بن عفان - رضي الله عنه - كما يوجد قبران في فناء الجامع تحت المنارة الشرقية.





* كاتب وفنان تشكيلي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي