الطلبة بين مؤيد ومعارض... والمدرسون يتحملون جزءا من مسؤولية الظاهرة

الدروس الخصوصية من الضرورات... ولو كلفت الساعة 50 دينارا !

تصغير
تكبير
| كتب علي الفضلي |

لا تزال الدروس الخصوصية قدرا محتوما يلاحق الطلبة منذ بداية ولوجهم للمدرسة وحتى التخرج فيها، اذ لم تقف عند هذا الحد، بل تجاوزت واخترقت المرحلة الجامعية حتى أضحت ظاهرة منتشرة بين الاوساط الطلابية في الجامعة، بالرغم من أهمية هذه المرحلة الجامعية - التي يفترض ان يكون الطالب مستغنيا فيها عن المدرس الخصوصي وتسهيلاته وتلخيصاته التي يقدمها، لكن الرياح تجري بما لا تشتهي رياح العملية التعليمية، وأصبح الطلبة يلاحقون الدروس الخصوصية للحاق بما تبقى من المقرر الدراسي.

ورغم سلبيات اللجوء الى المدرس الخصوصي وارتفاع سعر الساعة الدراسية الى ما يناهز الـ 50 دينارا، فان هناك من يبرر هذا التوجه بسبب عدم مقدرة بعض الاساتذة على ايصال المعلومة بالشكل المناسب للطالب وبالطريقة التي تتوافق مع عقلية الطالب، حيث كشفت دراسة سابقة أجرتها ونشرتها جامعة الكويت الى اجماع ما يعادل «50 في المئة» من اجمالي العينة على ان السبب الرئيسي الذي يدفعهم للدروس الخصوصية هو ضعف في أداء أستاذ المقرر الدراسي، وبشكل كبير طلبة الهندسة والبترول، بينما «189» من الطلبة يتفقون على ان صعوبة المقرر الدراسي هي سبب الاستعانة بالدروس الخصوصية، في ظل تأييد «58 في المئة» من الطلبة الاستعانة بمدرس خصوصي أثناء الدراسة الجامعية بينما «42 في المئة» لا يؤيدون ذلك.

«الراي» دنت بمجهرها أكثر صوب هذه الظاهرة للتعرف على آراء الطلبة وأعضاء هيئة التدريس، فكان التحقيق التالي:



«اذا كانت هناك حاجة ملحة لا يوجد لدي ثمة مانع»، بهذه الكلمات يعبر الطالب محمد عبدالكريم عن تأييده للاستعانة بالمدرس الخصوصي خلال دراسته الجامعية، مبينا ان ما يميز هذا النوع من التعليم الاضافي بالنسبة للطالب هو امكانية فهم واستيعاب المادة العلمية في اسرع وقت واقل جهد، حيث يتمكن الطالب الذي يلجأ للمدرس الخصوصي من ان يقطع اشواطا كبيرة في المنهج الدراسي الذي عادة ما يتطلب الملازمة والمراجعة أولا بأول حتى ترتكز المعلومة في ذهن الطالب بشكل أعمق.

ويوضح عبدالكريم انه لجأ ذات مرة الى المدرس الخصوصي من اجل ان يفك شيفرات بعض المسائل المعقدة بالنسبة له، فلم يكن مواظبا بالشكل الكبير على فهم واستيعاب ما يقدمه الاستاذ في المحاضرة، وهو الامر الذي استدعى اللجوء للمدرس الخصوصي من خارج الجامعة.

ويشدد عبدالكريم على عدم موافقته للمدرس الخصوصي في حال ما اذا قام هذا المدرس بتسريب الامتحانات الى الطلبة، وهو الامر الذي سيشكل ظلما كبيرا على شريحة واسعة من الطلبة.

بدورها، تتذمر أمينة الرشيدي من انتشار هذه الظاهرة السلبية، مبينة انها لا تليق بالطالب الجامعي الذي يجب عليه ان يعتمد على نفسه في دراسته، فالدراسة الجامعية ليست تحصيلا علميا فقط، بل هي خليط متجانس من المهارات المكتسبة والخبرات العلمية، مشيرة الى ان الاساتذة هم من يجبرون الطلبة على ذلك فهم «يقرقون وايد في المحاضرات» ويتحدثون في كل شاردة وواردة على حساب الطالب، وبعضهم يرد على الطالب ويقول له «ما تفهم شيء».

وتلفت الرشيدي الى ان الدروس الخصوصية تشجع الطالب على الغياب عن المحاضرة، وتهمش دور المؤسسة التعليمية في ضبط أساليب وقواعد الشرح والتدريس.

من جانبه، يرى علي عبدالمنعم ان انتشار ظاهرة المدرس الخصوصي بين طلبة الجامعة أمر سلبي ينم عن خلل واضح في العملية التعليمية في البلاد، مبينا ان هذه الظاهرة تبتغي منا الانتباه والحذر منها كثيرا ودراسة ابعادها على كل المستويات، فمثل هذه الظاهرة تعزز من خصلة الكسل والاتكالية، وبالتالي فان الطالب لن يستطيع ان يطوّر مستواه، مبينا ان ثقافة الكسل والبحث عن الاسهل والاسرع في مجتمعنا انتقلت بين الطلبة، واصبح العديد منهم لا يكترثون للتحصيل العلمي أكثر من الخلاص من الدراسة.

ويعترف عبدالمنعم ان من أهم أسباب لجوء الطلبة للمدرس الخصوصي هو اهمالهم الدراسي وعدم انتباههم اثناء المحاضرة، نظرا لانشغالهم في اللعب بأجهزة الهاتف.

على الجانب الآخر، يتفق كل من عبدالله ذياب وعثمان محمد على أهمية المذاكرة الفردية والمتابعة أولا بأول للمادة العلمية، دون الاتكال على استاذ المادة او اللجوء الى المدرسين الخصوصيين، لا سيما وان المحاضرات الدراسية باتت اليوم لا تؤدي دورها المطلوب منها، وهذه الظاهرة ستستدرج العملية التعليمية الى الوراء بدلاء من الاخذ بها نحو التقدم.

ويعترف عبدالعزيز العبدالمنعم بوجود خلل في أسلوب وطريقة الاساتذة في توصيل المعلومة للطالب، فهناك عدم مرونة من قبل بعض الدكاترة في الجامعة في تقديم المنهج الدراسي الذي يحتاج الى المزيد من الشرح والقراءة المتفحصة، مبينا ان هناك العديد من الطلبة ممن يتميزون بمستوى عال من الفهم والاستيعاب هم أيضا يلجأون للمدرس الخصوصي حتى يرفعوا من معدلاتهم من خلال الاحاطة بكل شيء لم يحط به دكتور المادة.

ويعتقد العبدالمنعم ان حاجة الطالب الجامعي للمدرس الخصوصي أصبحت حاجة ملحة في ظل عدم أداء بعض الدكاترة لمهامهم في توصيل المعلومة على أكمل وجه، معترفا بانه لجأ الى مدرس خصوصي في مادة الرياضيات حيث حقق الاستفادة المرجوة من ذلك وتحصل على الاسئلة المهمة والمختصرة.

ويؤكد العبدالمنعم ان الطالب يعاني الأمرين في حياته الجامعية، فحينما يذهب للجامعة قد لا يجد الاساتذة الذين يحيطون بالمنهج الدراسي على اكمل وجه، وان استعان بمدرس خارجي فقد يكون غير مهيأ لتدريس الطالب الجامعي، وعادة ما يكون متخصصا في تدريس المرحلة الابتدائية وهنا طامة كبرى.

من جهتها، تعتقد انفال غريب ان انتشار المدرس الخصوصي بين طلبة الجامعة ظاهرة فيها من السلبيات والايجابيات، فمن الناحية الايجابية يفيد المدرس الخصوصي الطالب الجامعي بان يفهم أكثر، لان بعض الدكاترة أحيانا يتعمدون عدم ايصال المعلومة بالشكل الصحيح للطالب، واحيانا تنبع المشكلة من اسلوب الدكتور نفسه.

وتعترف غريب بان بعض الاساتذة يستغلون جل المحاضرة في الحديث عن حياتهم الاكاديمية وعن مواضيع بعيدة عن فحوى المادة المقررة، لكن هذا لا يعني وجود دكاترة ذوي مستوى عال في ايصال المعلومة وفي هذه الحالة فان المشكلة تكمن في الطالب نفسه.

من جانبها، تؤكد هبة الهران عدم جدوى الحديث والتفاهم مع بعض الاساتذة الذين لا يؤدون دورهم على أكمل وجه في ايصال المعلومة للطلبة، حيث ينعكس ذلك سلبا على الطالب ويولد نوعا من عدم القبول من قبل الأساتذة، لافتة الى أهمية اقامة حلقات نقاشية بين الطلبة واساتذتهم لتبادل الافكار والتفاهم اكثر للوصول الى عملية تعليمية مميزة. وتبين الهران ان الدروس الخصوصية تحمل مزايا عدة أهمها انها توفر مرونة في اختيار مكان ووقت التعلم، وزيادة التحصيل العلمي للطالب بنسبة تختلف عما لو كان يعتمد على مجهوده الشخصي في الدراسة، خاصة لمن يعاني من ضعف في الاستيعاب.

 



أجرت استبيانا شمل 492 طالبا وطالبة



جامعة الكويت: 62 في المئة من الطلبة

سبقت لهم الاستعانة بمدرس خصوصي



تؤكد الدراسة التي أجرتها جامعة الكويت في ما يخص انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية في الجامعة والتي شملت 492 طالبا وطالبة الى وجود «62 في المئة» من الطلبة سبقت لهم الاستعانة بمدرس خصوصي أثناء دراستهم الجامعية، موضحة ان غالبية الطلبة يحتاجون الدروس الخصوصية في المقررات العلمية، ونسبة قليلة منهم يستعينون بالمدرس الخصوصي لمقررات اللغات. أما بالنسبة للمقررات الأدبية فان النسبة قليلة جداً. ولفتت الدراسة الى ان « 8 في المئة» فقط من الطلبة يستعينون بمدرسين خصوصيين من نفس الكلية وهي نسبة مساوية لعدد الطلبة الذين يستعينون بمدرسين من كليات أخرى. أما الغالبية العظمى التي تمثل «84 في المئة» فيستعينون بمدرسين من خارج الجامعة.

كما اجمع (248) من الطلبة المشاركين بالاستطلاع على ان الحل الأفضل من وجهة نظرهم للقضاء على هذه المشكلة هو حرص أستاذ المقرر الدراسي على توصيل المعلومة للطلبة من خلال الشرح الوافي والكافي للمادة الدراسية. وتوزعت بقية الآراء على الحلول الأخرى مثل اقامة دورات تقوية وضرورة ربط أسئلة الاختبار بمحتوى المقرر الذي تم شرحه.

وبينت ان أكثر الكليات التي أيدت الاستعانة بمدرس خصوصي « كلية الهندسة والبترول» و «كلية العلوم الادارية». حيث بلغت نسبة المؤيدين في كلية الهندسة 68 في المئة والمعارضين 32 في المئة. أما في كلية العلوم الادارية فكانت نسبة المؤيدين 57 في المئة. وخلصت الدراسة الى ان طلبة المقررات العلمية هم الأكثر استعانة بالدروس الخصوصية، كما بينت ان غالبية الطلبة يفضلون الدراسة بمفردهم ويجدونها طريقة جيدة لفهم واستيعاب المقرر الدراسي، حيث يمكن للطالب التركيز أكثر ويتمكن من تكرار الأجزاء التي يصعب عليه استيعابها، دون التأثير على بقية الطلبة وعلى الوقت المسموح لهم به، سواء كان ذلك في المحاضرات أو المجموعات الدراسية.

وأوصت الدراسة بأهمية حرص أستاذ المقرر الدراسي على الشرح الوافي وتبسيط المعلومات خصوصاً المبهم منها ليتمكن الطالب من فهمها واستيعابها، علاوة على متابعة أعضاء هيئة التدريس الذين تزداد وتتكرر معدلات الرسوب والتقديرات المنخفضة في شعبهم الدراسية لمعرفة أسباب الخلل، بالاضافة الى أهمية تشديد أعضاء هيئة التدريس على حضور وغياب الطلبة وتطبيق اللائحة الخاصة بذلك.





فادي ديب: ضعف المستوى الدراسي للطالب أحد أسباب اللجوء إلى الدروس الخصوصية



يؤكد فادي ديب، الاستاذ في قسم علم الحاسوب في احدى الجامعات الخاصة ان الحجة قائمة على الطالب في ظل تواجد أستاذ المقرر في ساعات مكتبية مستعد خلالها لاستقبال الطلبة ومناقشة أي مسألة معهم، فضلا عن توافر المعيدين في القسم العلمي ما يساعد الطالب بشكل كبير على فهم واستيعاب المادة بدلا من اللجوء الى المدرس الخصوصي.

ويرى ديب ان سبب انتشار مثل هذه الظاهرة قد ينبع من طريقة بعض الاساتذة التي قد لا تناسب قدرات استيعاب الطلبة، وقد يكون بسبب عدم ممارسة الطالب حل المسائل والواجبات حيث يرى الطالب ان اللجوء الى المدرس الخصوصي الطريقة الاسهل لحل الواجب لكن لا يعلم حجم آثارها ونتائجها على مستواه الدراسي.

ويعترف ديب بان من يلجأ الى المدرسين الخصوصيين عادة من يكون لديهم ضعف في المستوى الدراسي، مؤكدا ان قسم علم الحاسوب في الجامعة التي يدرس فيها لا يعاني من هذه المشكلة بالشكل الذي يمكننا من ان نطلق عليها ظاهرة، حيث يتميز القسم بالاهتمام باعطاء الطالب تدريبات اكثر وامتحانات قصيرة تعمل على تحفيز الجانب العقلي لديه ويستطيع الطالب ان يتميز أكثر في ظل وجود المعيدين.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي