وليد الرجيب / أصبوحة / صراع أجيال أم صراع مصالح

تصغير
تكبير
في نصف سنة فقط، سقط نظامان عربيان عن طريق ثورة اجتماعية، واهتزت أركان نظامين مهددين بسقوط مقبل، وعمد نظامان إلى تعديلات دستورية شبه جذرية، واستيقظت كل الشعوب العربية تقريباً، والتي تعيش الظروف نفسها.

هل نحتاج إلى التنبؤ حول ماذا سيحدث خلال نصف السنة المقبل، وذلك استناداً إلى التحليل السياسي ودروس التاريخ؟ أم انه ربما ستكون المفاجآت سيدة الموقف؟

أقول ذلك لحقيقة معروفة، وهي أن الثورات قد تذهب إلى آخر مدى، حسب صمودها ونضالها ووعي أحزابها السياسية، وتحقق جميع أهدافها، وقد ترتد هذه الثورات على شعوبها، في مجازر واعتقالات وقمع وحشي، في حال قبول الشعب الثائر بنصف الأهداف، أو التفاف النظام على الثورة باصلاحات جزئية وشكلية، أو ركوب قوى انتهازية موجة الثورة، لتحقيق مصالحها الجزئية.

كل شيء وارد في الستة أشهر المقبلة، أو فلنقل في السنتين المقبلتين، لنصبح أكثر واقعية، ولكن ما نراه يحدث في دول العالم، وليس العالم العربي فقط، يشي بتغيرات قد يكون بعضها جذرياً، وستحقق بعض الشعوب انتصارات تاريخية، مما يؤثر على بقية الشعوب، وستتأثر موازين القوى في العالم، فقد لا يعود هناك قطب واحد.

وقد ذهلت من حجم المعلومات، والقدرة على التحليل السياسي، حول الأوضاع العالمية والعربية، لدى شباب هذا الجيل، وهنا أنا لا أؤمن بنظرية القدرة الكلية للشباب لتغيير العالم، بل بحقيقة أن وسائل التكنولوجيا والتواصل الاجتماعي، جلبت أضعاف المعرفة والمعلومات لهذا الجيل، نسبة إلى ما كانت توفره لنا الكتب الشحيحة، والممنوعة أو التي تحظر السلطات تداولها.

فهل ستسهم هذه المعلومات وهذه التكنولوجيا في إنجاح الثورات القائمة والمنتظرة؟ وهل بالفعل يجب أن يتنحى القديم ووسائله وعقليته، ليترك للجديد مهمة التعاطي مع قضايا عصره؟

هذه الأسئلة قد تكون طرحت مع مجيء كل جيل، لكن ربما تطرح في هذه السنوات بشكل لحوح، لتثير ربكة وسوء تقدير، عند الكبار والشباب على حد سواء، فمنهم من يسفه الشباب ورعونته، ومنهم من يبالغ بإعطائه دوراً حاسماً، بمن فيهم الشباب نفسه.

وقد سمعت أحد الشباب يكرر في جميع مناقشاته: «يموت القديم فيظهر الجديد ليحل مكانه»، أما حسب الفلسفة العلمية، فإن كل جديد يولد من رحم القديم، ولا يوجد جديد ينطلق من الفراغ بعقلية جديدة ولغة جديدة، فاللغة كائن حي متطور، والجديد هو امتداد للقديم ومستند إليه، ولا حداثة دون تراث، ولعل الواقع يقول ان بعض الكبار، يحملون فكراً أكثر حداثة وتقدماً من بعض الشباب.

فلنكف عن نظرية صراع الأجيال الخاطئة، في كل شيء في الأدب والسياسة والفكر وغيرها، ونركز على صراع المصالح، التي تكون عادة بين الرجعية والتقدمية، والتي تتركز عادة في المصالح الاقتصادية والاجتماعية المتعارضة.





وليد الرجيب

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي