يطلق مصطلح (كوارث) على الكوارث الطبيعية الكونية من زلازل وبراكين وفيضانات وأعاصير وملوثات بيئية قد تصل إلى حد الكوارث إن لم نُشّخصها ونحددها ونعالجها، فاسمحوا لي أن أستعير هذا المصطلح ألا هو الكوارث وأسقطه على الأوضاع والأحداث الحاصلة الحاضرة، وأقول اننا اليوم نعاصر ونعايش أيام الملوثات الفكرية والكوارث العقلية وهذه هي الضربة القاصمة للمجتمعات العربية المسلمة. كلنا مطّلع على حقائق الأوضاع الراهنة ونفقه من الحقائق الواقعة ما يشيب له رأس الرضيع، ويجعله ينبش في عمق الحقيقة ليصل إلى ما وراء الحقيقة والواقع حتى يفيق ويصحو عقله من الذهول الذي أصابه جراء الكوارث العقلية.
وما تؤول إليه الأمور اليوم من انحدار وانهزام في سياسة أنظمة الشعوب العربية أدى إلى تلوث فكري أصاب عقول الرجال والنساء في المجتمع الواحد، ولا يخفى على أحد أن كثيراً من الأفكار والمفاهيم الدخيلة على المجتمعات العربية الإسلامية هي سبب رئيسي وعمادي يكفل الإصابة بتلوث العقل بداء الارتجاج والزلزال العقلي والفوران البركاني للأفكار المبطنة، وفيضان للسلوكيات اللا مرغوبة التي تجر معها كل ما يعترض طريقها من أفكار حكيمة وآراء رزينة ومفاهيم حصيفة وقناعات حصينة، وإعصار يجعل المرء لا يرى ما حوله بل يجعله يدور حول نفسه وكأنه في دائرة مفرغة لا يعي شيئاً، وتنعدم الرؤية من حوله من ضنك وهول إعصار الأفكار الملوثة، فيبحث المرء عن ملاذ يلوذ به ويحتمي بداخله ليحصنه من الأعاصير الفكرية الذي يخشى أن تجرف معها ما تبقى له من قناعات ومبادئ استقاها من الأصول والثوابت والقواعد، وخبرات من التجارب التي مر بها خلال يوميات عاشها في استقرار وتوازن فكري نقي خالص مهذب لا يشوبه ويلوثه فكر في ظاهره الإصلاح والترميم والتشذيب وباطنه الإفساد والتدمير والتقويض.
إن لم نعي وندرك ما يدور ويجول من حولنا، ونستجمع قوانا ونوحد الكلمة والصف ونتكاتف ونقف كالبنيان المرصوص فسوف تنشق وتنفطر عقولنا من الزلزال الفكري وتهوي قيمنا ومبادئنا وقناعاتنا في صدوع الأفكار الملوثة ونخشى من مكوثها تحت الأنقاض إلى أن تتحلل وتتلاشى ونصبح بلا أفكار ومبادئ وقناعات تقودنا للسير في إيجاد علاج ناجع وناجح للقضاء على التلوث الفكري.
وهنا يجب علينا أخذ الحيطة والحذر من الكوارث العقلية المتمثلة بالأفكار الدخيلة، التي لا بد لنا أن نغربلها ونفلترها بتمريرها على مصفاة الأفكار المستقاة من الفكر الإسلامي المجتلب من المنهج القويم، ونضعها في الحسبان وفي عين الاعتبار، لمواجهة تلك الكوارث والملوثات الفكرية بأقل خسائر حتى لا تصبح عقولنا التي هي مستودع الأفكار ومصنع المفاهيم في عداد المفقودين، وعليه يتأتى فقدان التخطيط والتدبير لمجابهة ما يعترينا من تلوث ونتصدى للكوارث وإن كانت دخيلة ومستوردة ولا تتماشى مع مجتمع واع ذكي كالمجتمع الكويتي.
وقفة مهنية
كنا نستميت في المطالبات لتولي المرأة المناصب العسكرية أسوة بالرجال، وما أن وصلت افتخرنا وتفاخرنا بها ولكن تبقى هناك نماذج وقوالب لا تصلح لهذه المناصب العسكرية، وقع حادث مروري لشقيقتي وذهبت لاحد المخافر وكانت المحقق سيدة كويتية فاضلة، وأثناء التحقيق ثلاث مرات يرن الهاتف النقال للمحقق وترد عليه وتقول: (عندي تحقيق) وفي إحدى المكالمات كانت ابنة المحقق هي المتصلة فترد عليها وتقول: (ماما عندي تحقيق) كل هذا والمتخاصمون وقوف بانتظار المحقق الفاضلة، والطامة الكبرى عندما جاءت لتكتب وقائع الحادث في المحضر تسأل المتخاصمين ما اسم صندوق السيارة فردوا عليها (دبة صندوق شنطة ) وهي تضحك وتقول: لا، لا. وفي النهاية كتبت مؤخرة السيارة، وعند انتهاء التحقيق وصفت وصفة شعبية لأختي لتذهب عنها الروع والخوف!
إن كان هذا مستوى نسائنا العسكريات فلنقف عند هذا الحد ونقتل طموحنا بالمناصب العليا إلى أن يُصقلن ويرتقين بأسلوب المهنة العسكرية.
منى فهد عبدالرزاق الوهيب
m.alwohaib@gmail.com
twitter: @mona_alwohaib