أماكن / قاهرة اليمن
جمال الغيطاني
| جمال الغيطاني |
لعل الموقع الطبيعي الفريد المحيط بمدينة تعز في اليمن... من أجمل ما رأت عيناي، لكم طفت شرقا وغربا، غير أنني لا أطالع مثل هذه الروعة التي تتمثل في الجبال المحيطة، والبيوت اليمنية العتيقة المطلة على الفراغات العُلا، على أطراف الكون، الطيور نراها من أعلى، لا ترقى مهما جاهدت إلى النقطة التي وصلنا إليها، فوق جبل صبر، والغمام يسبح تحتنا، والقمم ترد على بعضها بعضًا.
في صنعاء... نصحنا الأب الروحي لليمن الشاعر الدكتور عبدالعزيز المقالح... أن نجلس بمقهى يطل على المدينة من علٍ، ورغم أن الأصدقاء حجزوا لنا في الطائرة المتجهة من صنعاء إلى تعز حرصا على وقتنا وراحتنا، فإننا قررنا - الدكتور جابر عصفور وكاتب هذه السطور - أن نصل إلى تعز برا، هكذا خرجنا في الصباح الباكر قاصدين المدينة العريقة عبر الجبال، رحلة تستغرق في الطريق المرصوف جيدا الآن «ثلاث ساعات ونصف الساعة» تقريبا، وفي الماضي كان اليمنيون يقطعون المسافة في شهر، جبال وعرة، تصعد وتنزل يتوسطها السحاب.
الحديث عن الطريق... في حاجة إلى كتاب، وليس مجرد مقال، لكن الحوار الممتد بيني وبين أخي جابر عصفور تناول أمورا عديدة، كنا نبدأ وننتهي عند ذكر أديب يمني، له رواية بديعة أصبحت جزءا من التراث اليمني الذي يقرأه العالم بعدة لغات الآن، إنني أقصد رواية «الرهينة» للأديب الجميل زيد مطيع دماج، الذي رحل منذ شهور بعد صراع مرير مع المرض.
زرت اليمن أول مرة العام ثمانية وثمانين... عندما نظمت جامعة صنعاء، بمبادرة من رئيسها الشاعر العالم، عبدالعزيز المقالح ندوة كبرى لمساندة الانتفاضة الفلسطينية.
لا أذكر الآن... أين التقيت بزيد مطيع دماج، بالتأكيد في الندوة، لكن أذكر حديثا طويلا جرى بيننا، وكان ذلك بعد الظهر، ربما في المقبل الخاص بالدكتور المقالح، أذكره فيمثل أمامي شخص دمث... رقيق، متواضع إلى أقصى حد، وقد أحببت أديبين من اليمن، كلاهما رحل للأسف، الروائي زيد مطيع دماج، والشاعر عبداللطيف الربيع، لسنوات طويلة كنت أظن أن «زيد» هو نفسه بطل الرهينة، هذا الوصف الدقيق لقلعة القاهرة، وللأطفال الرهائن من أبناء شيوخ القبائل الذين كان يحتفظ الإمام بهم حتى لا يفكر آباؤهم في الثورة أو التمرد عليه، تجربة فريدة، غنية، شديدة الخصوصية، إلا أنني في صنعاء اكتشفت الحقيقة.
الرهينة الحقيقي
قبل توزيع جوائز مؤسسة السعيد الأدبية... فوجئت بالدكتور جابر يقدم إليّ صديقا له، نحيل، اسمر الملامح، قال: «تفضل يا سيدي... الرهينة الحقيقة».
وقال إنه أحمد قاسم دماج، ابن عم المرحوم زيد، إنه الرهينة الحقيقة... فلم يكن زيد رهينة، إنما كان يجيء ليزور ابن عمه أحمد في قلعة القاهرة، ومن تجربته استوحى هذا العمل الأدبي الجميل.
كان الحديث قبل الحفل سريعا، وتساءل الدكتور جابر مداعبا: و«ماذا عن الشريفة؟».كان يشير إلى قصة إحدى النساء في الرواية، وما يجري في الخبايا، غير أن أحمد قال باختصار: «كان الواقع أفظع من الرواية... كان بشعا إلى حد كبير...».
ثم قال: «كلما استيقظت الذاكرة واستعدت تلك الأيام يجافيني النوم، والله لا أقدر على النوم».
في نفس الحفل تعرفت على ابن المرحوم زيد، وهو أديب موهوب أصدر مجموعة قصصية، غير أن أثمن ما قدمه لي كتاب والده «الانبهار والدهشة» الصادر حديثا عن دار رياض الريس، سيرة ذاتية جميلة، موجزة، فريدة، غير أن ما يعنيني منها ما يتعلق بالرهينة.
القاهرة
من سفح جبل صبر... من مقهى يشرف على تعز القديمة والحديثة جلسنا نحدق في فراغ الليل، موقع المقهى عند الحافة، والإحساس القوي بوجود الفراغ الهائل الذي يسفر عنه توزيع الأضواء، وتناثرها إلى أعلى وإلى أسفل يجبر الإنسان على التأمل والتفكير، لا شيء يدفع الإنسان إلى التأمل مثل اللامدى، كأن يجلس أمام البحر أو الجبل أو الصحراء.
قال لنا صديق يمني ردا على تساؤلنا: «قلعة القاهرة في المواجهة تماما... أمامكما...».
رحت أحدق في القمة... غير أنني لم أكن قادرا على رؤية أي تفاصيل، خصوصا أن القلعة مهجورة، وغير مضاءة بأي مصابيح يدوية أو كهربائية، في اليوم التالي ظهرا، كنت أجلس في المقهى نفسه، وكانت تعز كلها أمامنا، والقلعة في مواجهتنا، كتلة هائلة من العمارة الحربية... تقوم فوق جبل يتوسط الفراغ ويشرف على المدينة القديمة وامتداداتها الحديثة، هنا عاش أحمد قاسم دماج كرهينة منذ طفولته، حتى شبابه، وعبر هذا المرتفع الوعر كان يصل إليه الأديب زيد مطيع ليزوره ويطمئن عليه.
هنا وجدت نفسي أعود إلى السيرة الذاتية للمؤلف، كي أقف على ما ذكره عن تلك القلعة. وظروف الرهائن.
القلعة
يقول زيد مطيع دماج: «كانت بداية معرفتي ومشاهدتي لهذه القلعة عندما صعدت إليها من المدينة في طريق مدرج بالحجارة إلى مزار (الشبزي) الذي يزوره اليمنيون رجالا ونساء وأطفالا، والمزار عبارة عن كهف صغير بابه مقضض بالنورة، وحوله كراسي من الحجارة المنحوتة ليجلس عليها الزائرون، في تلك المرحلة من الطفولة والصبا لم أكن أعرف شيئا عن هذا (الشبزي) ولم يتسن لي معرفة كونه أديبا وشاعرا وشخصية يهودية مشهورة إلا أخيرا.
ينتهي الطريق المدرج بالحجارة... عند هذا المزار، وبعد ذلك كان عليّ الصعود في طريق وعرة شقتها عبر الزمن أرجل الصاعدين والنازلين، كانت قد فتحت فجوة من السور مستحدثة للدخول والخروج تدعى (عين الدمة) منها يؤدي الطريق إلى البوابة الرئيسة للقلعة (بمرحل) معبد بالحجارة المصقولة يصعد منها الناس والإمدادات وعربات المدافع التي تجرها البغال، كان المرحل ملتويا ويستدعي المرء للاستراحة في كل منعطف به».
عند البوابة المنيعة يقف زيد مطيع دماج، ولنعرف ماذا شاهد؟
«فتحت هذه النافذة الصغيرة المحصنة بالأسياخ من الحديد الغليظة، رغم أنها لا تسمح بدخول رأس كلب أو قط فما بالك برأس إنسان؟!
- من تريد؟
- أريد أن أقابل ابن عمي الرهينة؟
واطبق النافذة الصغيرة في وجهي بعد أن بصق من فمه «الشمة» فاتسخ ثوبي فوق ما هو متسخ، بعد فترة انتظار طويلة فتح الباب الصغير المقوس من أعلاه محدثا صوتا مزعجا، كنت أول الداخلين وخلفي مجموعة من الرجال الزائرين لأبنائهم يكادون يدفعونني إلى الأرض، لكن الحارس «الجلف» استطاع برجله الغليظة أن ينظم دخولنا بانضباط دقيق، فتشني بدقة وبسرعة، وأخذ من مصروف ابن عمي «ريالين»، وعندما حاولت التلكؤ والاحتجاج لكزني الذي كان ورائي وهمس في أذني بألا أعترض وأن أمشي سريعا.
بعد مراحل من المعاملة الخشنة، وسلب ما يحمله «زيد» من نقود يصل أخيرا إلى المكان الذي يقف فيه الرهائن، ويرى ابن عمه أحمد... يقول زيد:
«عندما سمح لنا الشيخ (المحجاتي)... بالالتقاء بالرهائن انزعجت لصوت جلجلة القيود الحديدية على أرجلهم، لم أعد أتذكر أي ملمح لصورة ابن عمي ولا هو، لكن صلة الدم كانت رائحتها تقودني وتقوده لنعرف بعضنا بعضًا، هرولت إليه وحاول أن يهرول إليّ رغم قيده الغليظ، وعندما اقتربنا من بعضنا تعانقنا، وتمسكت به وأنا أتشنج باكيا حتى علا صوتي».
يقول زيد مطيع دماج - رحمه الله - إنه لم يعرف في كل أسفاره... التي تمت فيما بعد قلعة منيعة كقلعة القاهرة، مقر الحكم في اليمن خلال الدولة الرسولية، والسجن الرهيب للرهائن في زمن حكم الإمام أحمد... من زيارات زيد لابن عمه استوحى هذا العمل الأدبي الجميل «الرهينة»، وبقيت القلعة مشاهدة على ماضٍ شديد القسوة في بيئة وطبيعة باهرة الجمال.
لعل الموقع الطبيعي الفريد المحيط بمدينة تعز في اليمن... من أجمل ما رأت عيناي، لكم طفت شرقا وغربا، غير أنني لا أطالع مثل هذه الروعة التي تتمثل في الجبال المحيطة، والبيوت اليمنية العتيقة المطلة على الفراغات العُلا، على أطراف الكون، الطيور نراها من أعلى، لا ترقى مهما جاهدت إلى النقطة التي وصلنا إليها، فوق جبل صبر، والغمام يسبح تحتنا، والقمم ترد على بعضها بعضًا.
في صنعاء... نصحنا الأب الروحي لليمن الشاعر الدكتور عبدالعزيز المقالح... أن نجلس بمقهى يطل على المدينة من علٍ، ورغم أن الأصدقاء حجزوا لنا في الطائرة المتجهة من صنعاء إلى تعز حرصا على وقتنا وراحتنا، فإننا قررنا - الدكتور جابر عصفور وكاتب هذه السطور - أن نصل إلى تعز برا، هكذا خرجنا في الصباح الباكر قاصدين المدينة العريقة عبر الجبال، رحلة تستغرق في الطريق المرصوف جيدا الآن «ثلاث ساعات ونصف الساعة» تقريبا، وفي الماضي كان اليمنيون يقطعون المسافة في شهر، جبال وعرة، تصعد وتنزل يتوسطها السحاب.
الحديث عن الطريق... في حاجة إلى كتاب، وليس مجرد مقال، لكن الحوار الممتد بيني وبين أخي جابر عصفور تناول أمورا عديدة، كنا نبدأ وننتهي عند ذكر أديب يمني، له رواية بديعة أصبحت جزءا من التراث اليمني الذي يقرأه العالم بعدة لغات الآن، إنني أقصد رواية «الرهينة» للأديب الجميل زيد مطيع دماج، الذي رحل منذ شهور بعد صراع مرير مع المرض.
زرت اليمن أول مرة العام ثمانية وثمانين... عندما نظمت جامعة صنعاء، بمبادرة من رئيسها الشاعر العالم، عبدالعزيز المقالح ندوة كبرى لمساندة الانتفاضة الفلسطينية.
لا أذكر الآن... أين التقيت بزيد مطيع دماج، بالتأكيد في الندوة، لكن أذكر حديثا طويلا جرى بيننا، وكان ذلك بعد الظهر، ربما في المقبل الخاص بالدكتور المقالح، أذكره فيمثل أمامي شخص دمث... رقيق، متواضع إلى أقصى حد، وقد أحببت أديبين من اليمن، كلاهما رحل للأسف، الروائي زيد مطيع دماج، والشاعر عبداللطيف الربيع، لسنوات طويلة كنت أظن أن «زيد» هو نفسه بطل الرهينة، هذا الوصف الدقيق لقلعة القاهرة، وللأطفال الرهائن من أبناء شيوخ القبائل الذين كان يحتفظ الإمام بهم حتى لا يفكر آباؤهم في الثورة أو التمرد عليه، تجربة فريدة، غنية، شديدة الخصوصية، إلا أنني في صنعاء اكتشفت الحقيقة.
الرهينة الحقيقي
قبل توزيع جوائز مؤسسة السعيد الأدبية... فوجئت بالدكتور جابر يقدم إليّ صديقا له، نحيل، اسمر الملامح، قال: «تفضل يا سيدي... الرهينة الحقيقة».
وقال إنه أحمد قاسم دماج، ابن عم المرحوم زيد، إنه الرهينة الحقيقة... فلم يكن زيد رهينة، إنما كان يجيء ليزور ابن عمه أحمد في قلعة القاهرة، ومن تجربته استوحى هذا العمل الأدبي الجميل.
كان الحديث قبل الحفل سريعا، وتساءل الدكتور جابر مداعبا: و«ماذا عن الشريفة؟».كان يشير إلى قصة إحدى النساء في الرواية، وما يجري في الخبايا، غير أن أحمد قال باختصار: «كان الواقع أفظع من الرواية... كان بشعا إلى حد كبير...».
ثم قال: «كلما استيقظت الذاكرة واستعدت تلك الأيام يجافيني النوم، والله لا أقدر على النوم».
في نفس الحفل تعرفت على ابن المرحوم زيد، وهو أديب موهوب أصدر مجموعة قصصية، غير أن أثمن ما قدمه لي كتاب والده «الانبهار والدهشة» الصادر حديثا عن دار رياض الريس، سيرة ذاتية جميلة، موجزة، فريدة، غير أن ما يعنيني منها ما يتعلق بالرهينة.
القاهرة
من سفح جبل صبر... من مقهى يشرف على تعز القديمة والحديثة جلسنا نحدق في فراغ الليل، موقع المقهى عند الحافة، والإحساس القوي بوجود الفراغ الهائل الذي يسفر عنه توزيع الأضواء، وتناثرها إلى أعلى وإلى أسفل يجبر الإنسان على التأمل والتفكير، لا شيء يدفع الإنسان إلى التأمل مثل اللامدى، كأن يجلس أمام البحر أو الجبل أو الصحراء.
قال لنا صديق يمني ردا على تساؤلنا: «قلعة القاهرة في المواجهة تماما... أمامكما...».
رحت أحدق في القمة... غير أنني لم أكن قادرا على رؤية أي تفاصيل، خصوصا أن القلعة مهجورة، وغير مضاءة بأي مصابيح يدوية أو كهربائية، في اليوم التالي ظهرا، كنت أجلس في المقهى نفسه، وكانت تعز كلها أمامنا، والقلعة في مواجهتنا، كتلة هائلة من العمارة الحربية... تقوم فوق جبل يتوسط الفراغ ويشرف على المدينة القديمة وامتداداتها الحديثة، هنا عاش أحمد قاسم دماج كرهينة منذ طفولته، حتى شبابه، وعبر هذا المرتفع الوعر كان يصل إليه الأديب زيد مطيع ليزوره ويطمئن عليه.
هنا وجدت نفسي أعود إلى السيرة الذاتية للمؤلف، كي أقف على ما ذكره عن تلك القلعة. وظروف الرهائن.
القلعة
يقول زيد مطيع دماج: «كانت بداية معرفتي ومشاهدتي لهذه القلعة عندما صعدت إليها من المدينة في طريق مدرج بالحجارة إلى مزار (الشبزي) الذي يزوره اليمنيون رجالا ونساء وأطفالا، والمزار عبارة عن كهف صغير بابه مقضض بالنورة، وحوله كراسي من الحجارة المنحوتة ليجلس عليها الزائرون، في تلك المرحلة من الطفولة والصبا لم أكن أعرف شيئا عن هذا (الشبزي) ولم يتسن لي معرفة كونه أديبا وشاعرا وشخصية يهودية مشهورة إلا أخيرا.
ينتهي الطريق المدرج بالحجارة... عند هذا المزار، وبعد ذلك كان عليّ الصعود في طريق وعرة شقتها عبر الزمن أرجل الصاعدين والنازلين، كانت قد فتحت فجوة من السور مستحدثة للدخول والخروج تدعى (عين الدمة) منها يؤدي الطريق إلى البوابة الرئيسة للقلعة (بمرحل) معبد بالحجارة المصقولة يصعد منها الناس والإمدادات وعربات المدافع التي تجرها البغال، كان المرحل ملتويا ويستدعي المرء للاستراحة في كل منعطف به».
عند البوابة المنيعة يقف زيد مطيع دماج، ولنعرف ماذا شاهد؟
«فتحت هذه النافذة الصغيرة المحصنة بالأسياخ من الحديد الغليظة، رغم أنها لا تسمح بدخول رأس كلب أو قط فما بالك برأس إنسان؟!
- من تريد؟
- أريد أن أقابل ابن عمي الرهينة؟
واطبق النافذة الصغيرة في وجهي بعد أن بصق من فمه «الشمة» فاتسخ ثوبي فوق ما هو متسخ، بعد فترة انتظار طويلة فتح الباب الصغير المقوس من أعلاه محدثا صوتا مزعجا، كنت أول الداخلين وخلفي مجموعة من الرجال الزائرين لأبنائهم يكادون يدفعونني إلى الأرض، لكن الحارس «الجلف» استطاع برجله الغليظة أن ينظم دخولنا بانضباط دقيق، فتشني بدقة وبسرعة، وأخذ من مصروف ابن عمي «ريالين»، وعندما حاولت التلكؤ والاحتجاج لكزني الذي كان ورائي وهمس في أذني بألا أعترض وأن أمشي سريعا.
بعد مراحل من المعاملة الخشنة، وسلب ما يحمله «زيد» من نقود يصل أخيرا إلى المكان الذي يقف فيه الرهائن، ويرى ابن عمه أحمد... يقول زيد:
«عندما سمح لنا الشيخ (المحجاتي)... بالالتقاء بالرهائن انزعجت لصوت جلجلة القيود الحديدية على أرجلهم، لم أعد أتذكر أي ملمح لصورة ابن عمي ولا هو، لكن صلة الدم كانت رائحتها تقودني وتقوده لنعرف بعضنا بعضًا، هرولت إليه وحاول أن يهرول إليّ رغم قيده الغليظ، وعندما اقتربنا من بعضنا تعانقنا، وتمسكت به وأنا أتشنج باكيا حتى علا صوتي».
يقول زيد مطيع دماج - رحمه الله - إنه لم يعرف في كل أسفاره... التي تمت فيما بعد قلعة منيعة كقلعة القاهرة، مقر الحكم في اليمن خلال الدولة الرسولية، والسجن الرهيب للرهائن في زمن حكم الإمام أحمد... من زيارات زيد لابن عمه استوحى هذا العمل الأدبي الجميل «الرهينة»، وبقيت القلعة مشاهدة على ماضٍ شديد القسوة في بيئة وطبيعة باهرة الجمال.