زين الشامي / نظام التشبيح يريد استعادة «لواء اسكندرون»!

تصغير
تكبير
على ضوء التطورات في الموقف التركي والانتقادات الشديدة اللهجة لرئيس الوزراء طيب رجب أردوغان للقمع الوحشي للمدنيين في سورية، أطلق عدد من الناشطين الموالين للرئيس السوري بشار الأسد صفحة على موقع «فيس بوك» على شبكة الانترنت، تحت اسم «الحرية للواء الاسكندرون المحتل»، كما اطلقوا صفحة أخرى باسم «الثورة السورية لتحرير لواء الاسكندرون من المحتل العثماني».

هذه الخطوة جاءت بعد أن شن عدد من الإعلاميين السوريين الموالين للنظام والصحف السورية حملة ضد اردوغان ووزير خارجيته أحمد داوود أوغلو، بسبب مواقفهما من الاحتجاجات المتصاعدة في سورية منذ 15 مارس الماضي، إضافة إلى استضافة تركيا مؤتمرات نظمتها شخصيات وفصائل سورية معارضة، وتصاعد التظاهرات المعارضة للنظام السوري في المدن التركية.

ووصفت صحيفة «الوطن» السورية التي يملكها رجل الأعمال رامي مخلوف قريب الرئيس السوري، والمقربة جداً من دوائر القرار في النظام، اردوغان بأنه «واعظ»، وأن مواقفه «متسرعة وغير مدروسة»، بينما لقبت داوود أوغلو بـ «مهندس العثمانية الجديدة». وكتب أحد المشاركين على صفحة «الحرية للواء الاسكندرون المحتل» وأن «لواء الاسكندرون السوري العربي سيعود».

ليس ذلك فحسب، بل ان مواقع الكترونية تابعة وتدور في فلك النظام السوري، بدأت تتحدث عن «خطة أميركية لتدخل عسكري محدود للجيش التركي على الحدود بين تركيا وسورية، وبالتحديد في محافظة إدلب ومناطقها الحدودية».

وحسب تلك المواقع فإن تفاصيل هذه الخطة تقوم على نشوب تحركات شعبية واضطرابات في بعض مناطق محافظة إدلب السورية المحاذية للحدود مع تركيا أو القريبة منها، يتبعها تدخل لقوات الشرطة والأمن السوريين، وتحت غطاء حماية المدنيين السوريين تقوم قوات من الجيش التركي بتدخل عسكري محدود داخل الأراضي السورية لإقامة منطقة عازلة على الحدود بين البلدين تكون مركزاً لتحرك عسكري ضد النظام كما حصل مع بنغازي الليبية التي أصبحت نموذجاً يقتدى به غربيا لبعض البلدان العربية. لا بل ان تلك المواقع نقلت عن «مصادر في دمشق» أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وافق على هذه الخطة.

طبعا لا يخفى على أحد أن النظام كان يمهد لإرسال وحدات من الجيش السوري إلى جسر الشغور القريبة من الحدود مع تركيا، وفعلاً دخلت تلك الوحدات العسكرية إلى هناك وقامت كالعادة باتباع سياسة الأرض المحروقة مثلما فعلت سابقاً في درعا وبانياس وتلكلخ وتلبيسة والرستن حيث قتلت المئات واعتقلت الالاف وسرق جنودها البيوت واغتصبوا الأعراض.

سياسة «التشبيح» التي يقوم بها النظام لم تستهدف مواطنيه فقط، بل تركيا نظراً لمواقفها الأخلاقية والإنسانية المتعاطفة مع السوريين، وفيما بعدت استهدفت سياسة «التشبيح» فرنسا نظراً لمواقفها الحازمة اتجاه بطش النظام السوري ضد المدنيين، وبسبب مواقف باريس التي قادت التحركات على مستوى الاتحاد الاوروبي لوضع الرئيس السوري بشار الأسد وأركان نظامه على لائحة العقوبات، وفيما بعد سعيها في مجلس الأمن لاستصدار قرار يدين النظام السوري.

لقد افتعل النظام السوري وبمشاركة من موظفين في السفارة السورية في باريس قضية تقديم استقالة السفيرة لمياء شكور على الهواء مباشرة عبر قناة «فرانس 24» والتي تبين فيما بعد أنها لعبة استخبارية مفبركة مئة في المئة، وهو الأمر الذي تسبب بإحراج للقناة الفرنسية، حين ظهرت كما لو أنها لا تتمتع بالمصداقية وأنها تقود حملة ضد «مواقف سورية»، حسب الإعلام السوري الرسمي.

«التشبيح» السوري الرسمي ضد فرنسا لم يقتصر على ذلك بل أن عدداً من المحامين الموالين للنظام في سورية والذين يعملون في مؤسساته أو مستشارين لدى الجهات الأمنية بدأوا منذ أيام بدراسة «إقامة دعوى ضد فرنسا لمطالبتها بتعويض عن فترة استعمارها لسورية في القرن الماضي» حسب ما أعلنت مواقع على الانترنت مقربة من النظام في دمشق.

أيضاً اتبع نظام التشبيح سطوته لدى منظمات ومؤسسات ثقافية عربية تتواجد في العاصمة الألمانية برلين لمنع ندوة كان من المفترض أن يشارك فيها المفكر السوري برهان غليون، فقررت الغاء الندوة. كذلك مارس «الشبيحة» سطوتهم في بيروت بلبنان الشهر الماضي لمنع مؤتمر أو اجتماع لمثقفين متضامنين مع الشعب السوري، ونجحوا في ذلك.

نظام التشبيح في دمشق لايزال يعيش في ذهنية الثمانينات حين ارتكب مجزرتي في حماه وجسر الشغور، ويعتقد أنه من خلال ترهيب السوريين في الداخل، يستطيع فرض الأسلوب نفسه على الخارج، ويعممه على الدول التي تنتقده... نظام التشبيح لا يعرف أنه نظام ساقط، ولا يعرف أنه يعيش أيامه الأخيرة.



زين الشامي

كاتب سوري
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي