لغة الأشياء / قرينات أصحاب الفخامة
| باسمة العنزي |
«... لم يأبهوا!
وظلت الأيدي تراوح الملاعق الصغيرة
وظلت الشفاه تلعق الدماء!»
أمل دنقل
***
في كل مرة اقرأ أو اشاهد خبرا عن جرائم الطغاة في بلدانهم، واشعر فيها بالخيبة من الوضع العربي القاتم لحكومات فرضت على شعوبها الخوف والفقر والتنكيل، وفي كل مرة يجزع فيها قلبي من منظر الجثث والدماء والمعذبين، اتساءل ما موقف زوجات الطغاة مما يفعله الازواج رؤساء الدول المبجلون والمقدسون والمعمرون، هل يشعرن بالاسى؟!هل يتعاطفن مع الضحايا؟
بماذا شعرت السيدة أسماء الأسد، عندما شاهدت صور الطفل الشهيد حمزة الخطيب؟! هل تأثرت؟هل تخيلت للحظات أن احد ابنائها كان من الممكن أن يكون في المكان نفسه؟ هل ذرفت دمعة معبرة عن تعاطف انساني لا يعرف الحدود ولا الفوارق؟
هل طرقت الرحمة بابها؟ وان حدث ذلك هل تجرؤ على البوح والتعبير عن موقفها، أم تخبئ مشاعرها في ثلاجة الموتى المملوكة للسيد الرئيس، والتي بامكانها استيعاب الشعب كله باستثناء المقربين؟
إنهن نساء السلطة اللاتي يعشن في القصور، ولا يظهرن للعالم سوى بجداول مهام منظمة وخطوات محسوبة وحراسة مشددة، نساء بينهن وبين العالم قطيعة ومعاهدة ترفع، انتقائيات في الكلمات والثياب والحركات، نساء الظل اللواتي لا نعرف عنهن شيئا سوى تلك الصور اللامعة المحبوكة بانتصاب الجسد واناقة المظهر وتلك الابتسامة المكررة الباهتة، التي لا تنم عن شيء سوى تمثيل دور سيدة الظل. هل بامكانهن ابداء الرحمة كما يفعلن بديبلوماسية ونعومة في افتتاح المشاريع الخيرية وزيارة المستشفيات وتسليم الجوائز لابناء الشعب كمهمة من مهام زوجة الرئيس؟، هل يملكن مشاعر أيا كان نوعها؟هل يستطعن المجاهرة برأي ساطع في اروقة القصور المشيدة فوق جماجم الشعب؟هل يملكن تغيير المصير أو التأثير أو حتى محاولة الادلاء بنصيحة للوحوش الكاسرة على مقربة منهن؟أو حتى تربية الابناء بشكل جيد؟
زوجات الطغاة - وهن في النهاية امهات - هل يتم انتقاؤهن بمواصفات خاصة ومصالح متشابكة، وجوه ناعمة جميلة مستسلمة لأقدارها المنسوجة قرب كرسي السلطة؟ هل يشعرن بحرقة قلوب الامهات خارج اسوار القصر حيث تحترق المدن ويسقط البشر ويشرد الاطفال، هل يتناهى الى سمعهن بكاء العجائز ودعوات الشيوخ وصراخ الشباب، هل يسمعن... هل يبصرن... هل يفكرن؟
هل لهن كيانات خاصة أم مجرد اصداء كئيبة وانعكاسات متكررة لأمزجة الزعيم السرمدي؟ هل يستطعن الاقتراب من انسانيتهن من دون خدش شعارات الاعلام الرسمي، أو الخوف من جنون الجلاد أو خشية فقدان هالات المجد والثراء؟
نساء وامهات يقفن على هاوية الانتظار والحرية تقترب من بقعها المنتظرة، راغبات في الهروب من جحيم الثورات السلمية الى بقعة اخرى من العالم، تبدو نقيض موطنهن الذي تحول لخراب، ممسكات باطفالهن المدللين بيد واليد الأخرى مرصعة بجواهر من خزينة الدولة، نساء الضعف والجشع وتبلد المشاعر، ماذا سيفعلن بعد ان يسدل الستار على الملهاة التي شاركن فيها بادوار ثانوية؟!
«... لم يأبهوا!
وظلت الأيدي تراوح الملاعق الصغيرة
وظلت الشفاه تلعق الدماء!»
أمل دنقل
***
في كل مرة اقرأ أو اشاهد خبرا عن جرائم الطغاة في بلدانهم، واشعر فيها بالخيبة من الوضع العربي القاتم لحكومات فرضت على شعوبها الخوف والفقر والتنكيل، وفي كل مرة يجزع فيها قلبي من منظر الجثث والدماء والمعذبين، اتساءل ما موقف زوجات الطغاة مما يفعله الازواج رؤساء الدول المبجلون والمقدسون والمعمرون، هل يشعرن بالاسى؟!هل يتعاطفن مع الضحايا؟
بماذا شعرت السيدة أسماء الأسد، عندما شاهدت صور الطفل الشهيد حمزة الخطيب؟! هل تأثرت؟هل تخيلت للحظات أن احد ابنائها كان من الممكن أن يكون في المكان نفسه؟ هل ذرفت دمعة معبرة عن تعاطف انساني لا يعرف الحدود ولا الفوارق؟
هل طرقت الرحمة بابها؟ وان حدث ذلك هل تجرؤ على البوح والتعبير عن موقفها، أم تخبئ مشاعرها في ثلاجة الموتى المملوكة للسيد الرئيس، والتي بامكانها استيعاب الشعب كله باستثناء المقربين؟
إنهن نساء السلطة اللاتي يعشن في القصور، ولا يظهرن للعالم سوى بجداول مهام منظمة وخطوات محسوبة وحراسة مشددة، نساء بينهن وبين العالم قطيعة ومعاهدة ترفع، انتقائيات في الكلمات والثياب والحركات، نساء الظل اللواتي لا نعرف عنهن شيئا سوى تلك الصور اللامعة المحبوكة بانتصاب الجسد واناقة المظهر وتلك الابتسامة المكررة الباهتة، التي لا تنم عن شيء سوى تمثيل دور سيدة الظل. هل بامكانهن ابداء الرحمة كما يفعلن بديبلوماسية ونعومة في افتتاح المشاريع الخيرية وزيارة المستشفيات وتسليم الجوائز لابناء الشعب كمهمة من مهام زوجة الرئيس؟، هل يملكن مشاعر أيا كان نوعها؟هل يستطعن المجاهرة برأي ساطع في اروقة القصور المشيدة فوق جماجم الشعب؟هل يملكن تغيير المصير أو التأثير أو حتى محاولة الادلاء بنصيحة للوحوش الكاسرة على مقربة منهن؟أو حتى تربية الابناء بشكل جيد؟
زوجات الطغاة - وهن في النهاية امهات - هل يتم انتقاؤهن بمواصفات خاصة ومصالح متشابكة، وجوه ناعمة جميلة مستسلمة لأقدارها المنسوجة قرب كرسي السلطة؟ هل يشعرن بحرقة قلوب الامهات خارج اسوار القصر حيث تحترق المدن ويسقط البشر ويشرد الاطفال، هل يتناهى الى سمعهن بكاء العجائز ودعوات الشيوخ وصراخ الشباب، هل يسمعن... هل يبصرن... هل يفكرن؟
هل لهن كيانات خاصة أم مجرد اصداء كئيبة وانعكاسات متكررة لأمزجة الزعيم السرمدي؟ هل يستطعن الاقتراب من انسانيتهن من دون خدش شعارات الاعلام الرسمي، أو الخوف من جنون الجلاد أو خشية فقدان هالات المجد والثراء؟
نساء وامهات يقفن على هاوية الانتظار والحرية تقترب من بقعها المنتظرة، راغبات في الهروب من جحيم الثورات السلمية الى بقعة اخرى من العالم، تبدو نقيض موطنهن الذي تحول لخراب، ممسكات باطفالهن المدللين بيد واليد الأخرى مرصعة بجواهر من خزينة الدولة، نساء الضعف والجشع وتبلد المشاعر، ماذا سيفعلن بعد ان يسدل الستار على الملهاة التي شاركن فيها بادوار ثانوية؟!