أرق / ثورة البناء... وطن بلا عيون
| أمل العبيد | قد كنت أرى وأعي تماما واحفظ عن ظهر قلب ملامح وطني الكبير من الخليج الى المحيط، وكنت أؤمن ان كل وطن له عيون، فما ادمى الشعوب الى فقدان حاسة البصر، واصبحت بلاد العرب تعيش بلا عيون.
فكنا نستجدي بصيص الضوء المتاح لنا من سقف المرض...؟
يقول الطبيب المفكر الفرنسي غوستاف لوبون: «إن ما يجمع الثورات هو الاستياء، فإذا عمَّ وتراكم فإنه يتحول إلى حركة تتحول إلى وثبة وبالتالي ثورة». ويقول عبد الرحمن الكواكبي صاحب «طبائع الاستبداد»: «خلق الله الإنسان حرّا، قائده العقل... فكفر... وأبى إلا أن يكون عبدًا، قائده الجهل!»، ويقول عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر: «الأمم قد تتسامح بالتفريط في مصالحها، ولكنها لن تتسامح أبدا بجرح شرفها وكبريائها». وفي مقدمة ابن خلدون الشهيرة، فصول متعددة عن الاستبداد وسقوط الزعيم حين انفراده بالمجد، منها الفصل الثالث عشر: «في أنه إذا تحكمت طبيعة المُلك من الانفراد بالمجد وحصول الترف والدعة أقبلت الدولة على الهرم»، ويقولإن طبيعة المُلك الترف فتكثر عوائدهم وتزيد نفقاتهم... والترف مفسد للخلق بما يحصل في النفس من ألوان الشرّ والسفسفة وعوائدها» .
الشعب العربي ينتفض، بل يثور ويتفجر، من الخليج إلى المحيط. لم يتوقع أحد هذه الثورة الجارفة. كان الجميع، بمن فيهم المفكرون والمشغولون بالهمّ بالوطن العربي، شبه يائسين، واكثرهم يائس بالفعل من انبثاق مثل هذه الحركة أو الوثبة، فما بالك بهذه الثورة المستعرة التي تزداد تفجرا في كل يوم في جميع أرجاء الوطن العربي. نعم هو يائس، بسبب تمركز سلطة معظم الدول العربية القطرية وتسلطها المباشر او غير المباشر بالقوة والقهر، على شؤون البلاد والعباد، ودعمها من جانب القوى الكبرى. السادات كان يقول مثلا «جوّعْ الكلب يتبعك». وهكذا كان ديدن معظم الحُكـّام العرب تقريبا.
هذه ثورة عربية/ عالمية، ذلك أن العالم لن يكون بعدها كما كان قبلها. فبالإضافة إلى التغيرات التي ستحدث داخل الوطن العربي، وفي كل قطر من أقطاره، وفي ما بين هذه البلدان، فإن أسس العلاقات بين الوطن العربي وبقية البلدان، ولاسيما الدول الكبرى وإسرائيل ستتغير، على الارجح، مهما كانت نتائج هذه. وهي ليست عربية فقط بل انتقلت بوادر الثورة للمطالبة بالحرية والديموقراطية، في عدد من الأنظمة الأخرى التي تمنع المعارضة من الاحتجاج والتظاهر مثل إيران، كما ذهب شرر الثورة بعيدا فوصل إلى كوريا الشمالية والصين، حيث سمعنا بمحاولات للتظاهر للمطالبة بالحرية والديموقراطية، فقمعت بشدة.
- خيبة أمل الشعوب العربية بانقلابات القرن العشرين: تلك الانقلابات/ الثورات التي نالت معظمها رضا معظم الشعوب العربية، في البداية، إذ ْ حررتها من نير الاستعمار أو التبعية، تحولت في نهاية المطاف إلى أنظمة قمعية استبدادية ظالمة وفاسدة، لم تحقق لشعوبها الحد الأدنى من الحياة الكريمة والتقدم المنشود. وهكذا تراكمت المظالم وازدادت الفجوة بين الحكام والمحكومين، وسقطت قطرات في الكأس المُترْعة بعد مصرع محمد البو عزيزي، ففاضت وأغرقت بعض الأنظمة التي جاءت إلى الحكم عن طريق الانقلاب، وتمسكت به عشرات السنين «تونس، مصر،ليبيا، سورية، العراق واليمن».
يرى المؤرخ/ الفيلسوف البريطاني آرنولد توينبي أن «الأقلية الخلّاقة في المرحلة الاولى تكون قادرة على القيام بالردود الناجحة على سلسلة من التحديات المتجددة، ولكنها في المرحلة الثانية تبدو عاجزة عن القيام بهذه المهمة لذلك نراها تنقلب إلى أقلية مسيطرة، تحاول الحفاظ بالقوة على مركز قيادة لم تعد تستحقه، وكنتيجة لهذا الاستكراه على الطاعة يحدث انفصال الأكثرية عن الأقلية ويبدأ زمن الاضطراب». وهذا ما حدث فعلا بعد الثورات/ الانقلابات في كثير من بلدان الوطن العربي.
مما ادي إلى تأخُر العرب في ميدان الديموقراطية وقد تأخر العرب كثيرا عن اللحاق بالحركات التحررية والديموقراطية التي حدثت في العالم خلال العقدين السابقين، ولاسيما في أوربا الشرقية وأميركا الجنوبية. وغالبا ما كانت معظم آراء المحللين تفسر ذلك بالسياسات القمعية الشديدة التي اتبعتها الأنظمة العربية، بتأييد وإسناد مباشر أو غير مباشر من الدول الإمبريالية الكبرى وإسرائيل، حفاظا على مصالحها، مما أدى إلى تأخر هذه الحركات، إلى حدّ كدنا نيأس من انطلاقها. واني اعزو ذلك إلى اسباب تاريخية تتعلق بخضوع الشعوب العربية لعصور طويلة من السلطة الاستبدادية، التي كان يتمتع بها الحاكم بأمره، خلال فترة الـ 14 قرنا الماضية، بل خلال آلاف السنين «حكم الفراعنة»، وخضوع الرعية المطلق له، واستشهد أحيانا بقول البعض: «من اشتدت شوكته وجبت طاعته». ولكن هذه الحركة غيرت الموقف، وأعطتنا بعضا من الأمل الواعد، شريطة ان تكون النتائج بمستوى المقدمات. وذلك بسبب الأخطار الهائلة المحيقة بهذه الثورات الشعبية،سواء من الداخل أومن الخارج. يجب عدم إغفال أهمية الثورة التونسية بسبب موقعها الاستراتيجي وقربها من أوروبا جغرافيا وثقافيا، فضلا عن فضلها الأكبر في إشعال الفتيل الذي أدى هذا الانفجار الكبير، بيد أن الأهمية المتميزة والعالية للثورة المصرية الشعبية تنبثق من عوامل عدة، منها: موقع مصر الجيوبوليتيكي: فهي «قلب الوطن العربي ورئة العالم الإسلامي، وحجر الزاوية في العالم الأفريقي»، كما يقول جمال حمدان في كتابه الشهير «عبقرية المكان». نضيف إلى ذلك موقعها المجاور لإسرائيل، ومعاهدة الصلح معها التي تضيف بُعدا ًاستراتيجيا خطيرا إلى هذه الحركة، التي ما زالت تراقبها إسرائيل بقلق كبير، على الرغم من تصريح رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يتمتع بالسلطة العليا، بالتزام السلطة بجميع الاتفاقيات والمعاهدات المعقودة مع مصر. فإسرائيل تحسب حساباتها بدقة، لأن أي نظام بديل لذلك النظام المصري البائد الذي كان يحافظ على مصالح إسرائيل بكل إخلاص وتفان، بصرف النظر عن مصالح بلده وأمته- سيعرض هذه العلاقة «الحميمة» للخطر.
يقول بنيامين نتنياهو: «إن نوايا السلام يمكن ان تتغير غدا نتيجة للظروف أو لاستبدال الحكام في الدول، التي وقّـعَتْ على سلام معنا»، وهو يحتاط لذلك فيقول: «إن قوة الردع الإسرائيلية لا تحول دون خروج العرب لمحاربة إسرائيل، فحسب، إنما أيضا دون خرقهم لوضع السلام معها».
فكنا نستجدي بصيص الضوء المتاح لنا من سقف المرض...؟
يقول الطبيب المفكر الفرنسي غوستاف لوبون: «إن ما يجمع الثورات هو الاستياء، فإذا عمَّ وتراكم فإنه يتحول إلى حركة تتحول إلى وثبة وبالتالي ثورة». ويقول عبد الرحمن الكواكبي صاحب «طبائع الاستبداد»: «خلق الله الإنسان حرّا، قائده العقل... فكفر... وأبى إلا أن يكون عبدًا، قائده الجهل!»، ويقول عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر: «الأمم قد تتسامح بالتفريط في مصالحها، ولكنها لن تتسامح أبدا بجرح شرفها وكبريائها». وفي مقدمة ابن خلدون الشهيرة، فصول متعددة عن الاستبداد وسقوط الزعيم حين انفراده بالمجد، منها الفصل الثالث عشر: «في أنه إذا تحكمت طبيعة المُلك من الانفراد بالمجد وحصول الترف والدعة أقبلت الدولة على الهرم»، ويقولإن طبيعة المُلك الترف فتكثر عوائدهم وتزيد نفقاتهم... والترف مفسد للخلق بما يحصل في النفس من ألوان الشرّ والسفسفة وعوائدها» .
الشعب العربي ينتفض، بل يثور ويتفجر، من الخليج إلى المحيط. لم يتوقع أحد هذه الثورة الجارفة. كان الجميع، بمن فيهم المفكرون والمشغولون بالهمّ بالوطن العربي، شبه يائسين، واكثرهم يائس بالفعل من انبثاق مثل هذه الحركة أو الوثبة، فما بالك بهذه الثورة المستعرة التي تزداد تفجرا في كل يوم في جميع أرجاء الوطن العربي. نعم هو يائس، بسبب تمركز سلطة معظم الدول العربية القطرية وتسلطها المباشر او غير المباشر بالقوة والقهر، على شؤون البلاد والعباد، ودعمها من جانب القوى الكبرى. السادات كان يقول مثلا «جوّعْ الكلب يتبعك». وهكذا كان ديدن معظم الحُكـّام العرب تقريبا.
هذه ثورة عربية/ عالمية، ذلك أن العالم لن يكون بعدها كما كان قبلها. فبالإضافة إلى التغيرات التي ستحدث داخل الوطن العربي، وفي كل قطر من أقطاره، وفي ما بين هذه البلدان، فإن أسس العلاقات بين الوطن العربي وبقية البلدان، ولاسيما الدول الكبرى وإسرائيل ستتغير، على الارجح، مهما كانت نتائج هذه. وهي ليست عربية فقط بل انتقلت بوادر الثورة للمطالبة بالحرية والديموقراطية، في عدد من الأنظمة الأخرى التي تمنع المعارضة من الاحتجاج والتظاهر مثل إيران، كما ذهب شرر الثورة بعيدا فوصل إلى كوريا الشمالية والصين، حيث سمعنا بمحاولات للتظاهر للمطالبة بالحرية والديموقراطية، فقمعت بشدة.
- خيبة أمل الشعوب العربية بانقلابات القرن العشرين: تلك الانقلابات/ الثورات التي نالت معظمها رضا معظم الشعوب العربية، في البداية، إذ ْ حررتها من نير الاستعمار أو التبعية، تحولت في نهاية المطاف إلى أنظمة قمعية استبدادية ظالمة وفاسدة، لم تحقق لشعوبها الحد الأدنى من الحياة الكريمة والتقدم المنشود. وهكذا تراكمت المظالم وازدادت الفجوة بين الحكام والمحكومين، وسقطت قطرات في الكأس المُترْعة بعد مصرع محمد البو عزيزي، ففاضت وأغرقت بعض الأنظمة التي جاءت إلى الحكم عن طريق الانقلاب، وتمسكت به عشرات السنين «تونس، مصر،ليبيا، سورية، العراق واليمن».
يرى المؤرخ/ الفيلسوف البريطاني آرنولد توينبي أن «الأقلية الخلّاقة في المرحلة الاولى تكون قادرة على القيام بالردود الناجحة على سلسلة من التحديات المتجددة، ولكنها في المرحلة الثانية تبدو عاجزة عن القيام بهذه المهمة لذلك نراها تنقلب إلى أقلية مسيطرة، تحاول الحفاظ بالقوة على مركز قيادة لم تعد تستحقه، وكنتيجة لهذا الاستكراه على الطاعة يحدث انفصال الأكثرية عن الأقلية ويبدأ زمن الاضطراب». وهذا ما حدث فعلا بعد الثورات/ الانقلابات في كثير من بلدان الوطن العربي.
مما ادي إلى تأخُر العرب في ميدان الديموقراطية وقد تأخر العرب كثيرا عن اللحاق بالحركات التحررية والديموقراطية التي حدثت في العالم خلال العقدين السابقين، ولاسيما في أوربا الشرقية وأميركا الجنوبية. وغالبا ما كانت معظم آراء المحللين تفسر ذلك بالسياسات القمعية الشديدة التي اتبعتها الأنظمة العربية، بتأييد وإسناد مباشر أو غير مباشر من الدول الإمبريالية الكبرى وإسرائيل، حفاظا على مصالحها، مما أدى إلى تأخر هذه الحركات، إلى حدّ كدنا نيأس من انطلاقها. واني اعزو ذلك إلى اسباب تاريخية تتعلق بخضوع الشعوب العربية لعصور طويلة من السلطة الاستبدادية، التي كان يتمتع بها الحاكم بأمره، خلال فترة الـ 14 قرنا الماضية، بل خلال آلاف السنين «حكم الفراعنة»، وخضوع الرعية المطلق له، واستشهد أحيانا بقول البعض: «من اشتدت شوكته وجبت طاعته». ولكن هذه الحركة غيرت الموقف، وأعطتنا بعضا من الأمل الواعد، شريطة ان تكون النتائج بمستوى المقدمات. وذلك بسبب الأخطار الهائلة المحيقة بهذه الثورات الشعبية،سواء من الداخل أومن الخارج. يجب عدم إغفال أهمية الثورة التونسية بسبب موقعها الاستراتيجي وقربها من أوروبا جغرافيا وثقافيا، فضلا عن فضلها الأكبر في إشعال الفتيل الذي أدى هذا الانفجار الكبير، بيد أن الأهمية المتميزة والعالية للثورة المصرية الشعبية تنبثق من عوامل عدة، منها: موقع مصر الجيوبوليتيكي: فهي «قلب الوطن العربي ورئة العالم الإسلامي، وحجر الزاوية في العالم الأفريقي»، كما يقول جمال حمدان في كتابه الشهير «عبقرية المكان». نضيف إلى ذلك موقعها المجاور لإسرائيل، ومعاهدة الصلح معها التي تضيف بُعدا ًاستراتيجيا خطيرا إلى هذه الحركة، التي ما زالت تراقبها إسرائيل بقلق كبير، على الرغم من تصريح رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يتمتع بالسلطة العليا، بالتزام السلطة بجميع الاتفاقيات والمعاهدات المعقودة مع مصر. فإسرائيل تحسب حساباتها بدقة، لأن أي نظام بديل لذلك النظام المصري البائد الذي كان يحافظ على مصالح إسرائيل بكل إخلاص وتفان، بصرف النظر عن مصالح بلده وأمته- سيعرض هذه العلاقة «الحميمة» للخطر.
يقول بنيامين نتنياهو: «إن نوايا السلام يمكن ان تتغير غدا نتيجة للظروف أو لاستبدال الحكام في الدول، التي وقّـعَتْ على سلام معنا»، وهو يحتاط لذلك فيقول: «إن قوة الردع الإسرائيلية لا تحول دون خروج العرب لمحاربة إسرائيل، فحسب، إنما أيضا دون خرقهم لوضع السلام معها».