لم أسمع أن من وظيفة نواب مجلس الأمة إصلاح ذات بين الحكومة، وهو الخبر الذي نقلته «الراي» قبل ايام. يقول الخبر ان النواب عدنان المطوع والدكتور يوسف الزلزلة وصالح عاشور وفيصل الدويسان قصدوا سمو رئيس الوزراء وتوسطوا عنده ليعيد سموه المياه الحكومية لمجاريها.
النواب الأربعة قصدوا سموه وسألوه لردم الهوة فيما بينه وبين وزير التنمية الشيخ أحمد الفهد أملاً لإيجاد التضامن الحكومي الذي تكسر وتهشم وتفلش يوم الثلاثاء الدامي حينما تخلت الحكومة عن زميلها وانقلب نواب التضامن الحكومي باستثناء المنقذون الخمسة الذين لولاهم لضاع الرجل ولسقط في مصيدة الاستجواب. ولأن الأوضاع «ما تسر» ولأن الحداد فعل ما فعل بين الرجلين، رد المحمد طلب النواب بالرفض وخيّر منافسه أحمد الفهد ووضعه بين خيارين لا ثالث لهما: إما المنصة وإما الاستقالة! من هنا أضع الاحتمالات التالية لموقف مجموعة الوساطة النيابية:
الأول أن النواب الأربعة مهتمون بالتضامن الحكومي وكما نقلت «الراي» عنهم. لكن يا إخوان أنتم نواب الأمة وتمثلون الشعب، ولا يوجد من بين مهامكم وظيفة السعي لإيجاد التضامن الحكومي، فهي وظيفة حكومية بحتة وليست من مهامكم الدستورية ولا شأن لكم بها. أنتم فقط عليكم التشريع ومحاسبة الحكومة ومراقبتها. فإن شخّصتم بوجود تقصير حكومي بسبب عدم التضامن هذا، فعندها تبدأون بإجراءات المساءلة السياسية لتقاعس الحكومة عن القيام بمهامها ووظائفها التنفيذية من دون الخوض في معالجة الشؤون البينية لها. فما شأنكم أنتم وإصلاح الهوة الحكومية؟ فكل ما عليكم إن وُجد خلاف كهذا أن تتدرجوا بسلم المساءلات الدستورية ولحد سقف الاستجوابات وعدم التعاون، بل وحتى الارتفاع بالسقف كحال «إلا الدستور» الثوار هذه الأيام!
أما الاحتمالية الثانية فتقضي بأن النواب الأربعة يحملون اهتماماً خاصاً بالشيخ أحمد الفهد. يبدو لي أن الأمر هنا اسوأ، فهم بموقفهم بحسب هذا الرأي قالوا لنا إما أنهم يحملون ميلاً خاصاً لأحمد الفهد وعلى استعداد لينصرونه في معركته، أو أنهم نواب مميزون لدى رئيس الوزراء وأصحاب الحظوة لديه كونهم يعلمون أنهم قادرون على التأثير عليه. فلأجل هذا السبب أو لذاك السبب، أو للسببين معاً عرضوا وساطتهم تلك! بغض النظر عن النتيجة (الفشل كما عرفنا من رد المحمد)، الشيء الأبرز والمميز واللافت للنظر أن النواب أقروا بتصرفهم هذا بأنهم نواب على درجة عالية من الميلان الحكومي، وهي نقطة ضعف أقرب منها لتكون قوة!
الاحتمالية الثالثة تقول انهم توسطوا في قضية مستحقة وجديرة بالمساءلة. فالموضوع لا يخص أحد الشيخين حتى يصلح النواب الأربعة بينهم، الموضوع يخص الشعب الكويتي ويخص حقوقه، وبالتالي يحق له أن يتعرف على مصير أمواله وقوانينه وصحة تفشي الفساد من عدمه. فالأمر ليس في عدم الحاجة للوساطة فحسب، بل التقدم بالواسطة في أمر كهذا خطأ سياسي كبير. فإن كان الرجل على خير، لكان الأولى أن يدفع عن ساحته التهم، وإن كان على غير ذلك، فلتكن الاستقالة خياره. فما معنى الوساطة في موقف خطير كهذا!
د. حسن عبدالله عباس
كاتب كويتي
hasabba@gmail.com