الأكثرية صارت بـ «المفرّق» في ضوء مواقف جنبلاط وميقاتي
بيروت المصابة بـ «العمى السياسي» تبحث عن حكومة قد لا تجدها
| بيروت ـ من وسام أبو حرفوش |
بدت بيروت كما لو كانت مصابة بـ «العمى السياسي» نتيجة الدخان الكثيف المتطاير من سورية ومدنها «المشتعلة» بالاحتجاجات، مما جعل الحياة السياسية في بلاد الأرز تسير «خبط عشواء» بلا افق واضح.
فالجميع من حلفاء سورية وخصومها ينتظرون ما سيؤول اليه وضع «الاسد الجريح» مع تعاظم التحديات الداخلية والخارجية التي يواجهها الرئيس السوري ونظامه.
وليس ادل على هذا «العمى السياسي» من الهبات الباردة والهبات الساخنة التي تحوط عملية تشكيل الاكثرية الجديدة بقيادة «حزب الله» وحليفه زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون للحكومة التي مضى على محاولات «تركيبها» اربعة اشهر ونيف من المنازعات بين مكوناتها من جهة وتحسب الرئيس المكلف تشكيلها نجيب ميقاتي لأي «خطوة ناقصة» تجعله في مواجهة مع الشرعيتين العربية والدولية من جهة اخرى.
وفي الوقت الذي كان ينتظر تصاعد الدخان الابيض من الملف الحكومي على مدى اسابيع طويلة، جاءت «القنبلة الدخانية» التي اوحت على مدى اليومين الماضيين بموجة من «التفاؤل» عن إمكان كسر المأزق والافراج عن الحكومة «المحتملة»، على النحو الذي يتيح لـ «الاكثرية الجديدة»، «تسلم السلطة» والانتقال بالبلاد الى مرحلة جديدة.
غير ان الاجواء في بيروت لا توحي بقرب ولادة الحكومة، وسط «تدقيق» سياسي وديبلوماسي بـ «القطب المخفية» التي تقف خلف «التفاؤل المباغت» الذي جرى ضخه من بعض اوساط الاكثرية، والذي لم تلاقه اوساط اخرى في الاكثرية عينها بالمستوى ذاته من التوقعات، مما انعش محاولات سبر أغوار ما يجري على هذا الصعيد، وهو ما افضى الى الخلاصات الآتية:
• إتجاه يعتقد بأن كسر المأزق والاسراع في تشكيل حكومة جديدة بات حاجة سورية «ملحة» بعدما ادرك النظام في دمشق ان العاصفة الهوجاء تكاد ان تصبح خارج السيطرة.
• الانطباع السائد لدى بعض الدوائر المحلية بأن التقاط الفرصة المتاحة الآن بتشكيل حكومة «ممسوكة» قد تصبح متعذرة في ضوء التقارير التي تتحدث عن قرب صدور القرار الاتهامي في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري.
• إحتمال ارتباط الامر بـ «تكتيكات سياسية» برمي كرة المسؤولية عن الفشل في تشكيل الحكومة من ملعب عون و«حزب الله» الى ملعب ميقاتي ومعه الرئيس ميشال سليمان.
• إمكان ارتباط «صحوة» تشكيل الحكومة بالعمل على احتواء «انتفاضة» الزعيم الدرزي وليد جنبلاط (الشريك في الاكثرية)، بعدما اطلق اشارات قاسية انطوت على خطر تفكيك تلك الاكثرية و«اندثارها».
وثمة اوساط تولي «الخلاصة الاخيرة» المرتبطة بجنبلاط اهمية قصوى، خصوصاً انه يشكل «بيضة القبان» في ترجيح هذه الاكثرية او تلك في الصراع «الشرس» بين «8 و14 اذار» على السلطة وعلى الموقع الاقليمي للبنان.
ووصفت اوساط واسعة الاطلاع «الاكثرية الحالية»، اي «8 اذار» بأنها تحولت في ضوء «إشارات» جنبلاط و«ضوابط» ميقاتي «أكثرية بالمفرق»، وقد تصبح اكثرية «على القطعة»، بعدما ظهر حجم التناقضات في صفوفها ووجود «حسابات متعددة الاتجاه» بين قواها الرئيسية.
وفي تقدير هذه الاوساط ان «حزب الله»، وهو الآن ليس في احسن احواله مع مظاهر انهيار الحائط الذي يسند ظهره اليه (النظام في سورية)، يخشى من انفراط «الاكثرية» بين يديه في ضوء موقفي جنبلاط وميقاتي، مما يعطل المفاعيل السياسية ـ شبه الاستراتيجية لعملية «قلب الطاولة» التي قام بها يوم جرى اقصاء الحريري عن السلطة.
اما رئيس البرلمان نبيه بري، فهو ليس في احسن احواله الآن، فجزء من مكانته السياسية كانت ناجمة عن رصيده كمحاور لدى «14 اذار»، الامر الذي تبدد في الجولات المتتالية من المواجهة، وعن تحالفه مع «حزب الله»، وهو الذي تعرض لانتكاسة «مكتومة» في ضوء ما كشفت عنه وثائق «ويكيليكس»، الامر الذي يفسر، وبحسب تلك الاوساط، سلوكه الاخير القائم على افتعال معارك لا طائل منها.
اما جنبلاط، الذي زار فرنسا وقصد قطر وأوفد قريبين منه الى تركيا وبعث رسالة الى الروس، واستقبل جيفري فيلتمان في زيارته الاخيرة لبيروت، ربما ادرك ان «ما كتب قد كتب» بالنسبة الى مصير النظام في سورية، خصوصاً بعدما «استعصى» على كل المناشدات في القيام بعملية اصلاح جذرية وحاسمة.
والزعيم الدرزي، الذي غالباً ما يجري الحديث عن قدراته الفائقة في التقاط الاشارات، يسعى وعلى طريقته الى اعادة الاعتبار لـ «التوازن السياسي» الذي كان تسبب باختلاله حين اذعن لتبديل الاكثرية البرلمانية، وهو يعود الآن الى «المنطقة الوسط» في اطار ما يشبه «الحياد الايجابي» الذي لن يكون في مصلحة «8 اذار».
واذا كان هذا هو حال «8 اذار» فإن واقع «14 اذار» ليس افضل حالاً، خصوصاً مع غياب زعيمها سعد الحريري ومغادرته لبنان وابتعاده حتى عن «تصريف الاعمال» كرئيس لحكومة مستقيلة، وانكفاء القوى الاخرى التي «بلعت لسانها» مع احتدام الموقف في سورية، توجساً من اتهامها بـ «صب الزيت على النار».
والاكثر إثارة في بيروت هو غياب الحريري، الذي تتعدد الروايات حول اسبابه، فمن القول ان الامر مجرد «استراحة عائلية» من عناء تجربة قاسية في الحكم، الى القول ان الامر يرتبط بالحاجة الى ادارة اعماله عن قرب بعد خسائر لحقت به بسبب انشغالاته السياسية.
وبين «التبريرين» لهذا الغياب كشف عن ان نصائح اسديت الى الحريري بضرورة ترك لبنان مع هذه المرحلة نتيجة اخطار امنية قد يتعرض لها، وذهب البعض في هذا الاطار الى حد الحديث عن اكتشاف عملية او اكثر كانت تحضر ضد الحريري، الامر الذي ارغمه على البقاء بعيداً رغم ضغوط تمارس عليه للعودة الى «تصريف الاعمال» في بيروت.
وسط هذا المناخ تتجه الانظار الى اسبوع «الجلسة المحبَطة» لمجلس النواب التي لا يزال بري مصراً على عقدها رغم شبه استحالة انعقادها نتيجة حسم ميقاتي وحليفيه محمد الصفدي واحمد كرامي أمر عدم حضورها في موازاة تحفظ جنبلاط عنها، ما يعني عملياً استحالة تأمين نصاب الـ 65 نائباً لانعقادها، علماً ان نواب 14 آذار الـ 60 سيقاطعونها لاعتبارها غير دستورية في ظل حكومة تصريف أعمال.
واوجد موقف ميقاتي، رغم تأكيده انه ليس موجّهاً ضد بري، حالة من الامتعاض الكبير لدى رئيس البرلمان الذي ردّ على خطوة الرئيس المكلف بالتوجه نحو المصيلح (الجنوب) قاطعاً بذلك الطريق على لقاء كان مرتقباً مع ميقاتي للتداول في الملف الحكومي. علماً ان هذا الملف كان عصر اول من امس محور بحث بين الرئيس المكلف والمعاونين السياسيين لبري والأمين العام لـ «حزب الله النائب» علي حسن خليل وحسين الخليل، كما بين ميقاتي ورئيس الجمهورية ليلاً.
ورغم هذه الحركة التي واكبها ما وُصف بانه «غرفة عمليات» هاتفية، فان مجموعة عقبات بقيت تلوح في أفق التشكيل وأبرزها:
• عقدة وزير سنّة المعارضة في ظل إصرار الأكثرية الجديدة على توزير فيصل كرامي ورفض ميقاتي ذلك لاعتبارات تتصل بقواعد التشكيل التي انطلق منها لجهة التوزيع العادل مناطقياً.
• عقدة وزير الاتصالات شربل نحاس وسط معلومات عن موافقة عون على ألا يتولى حقيبة الاتصالات في مقابل ان يعود الى الحكومة بحقيبة الاقتصاد، وذلك بعدما قيل ان زعيم «التيار الحر» تخلى عن الماروني السادس للرئيس ميشال سليمان (سيكون له وزيران مارونيان) بشرط استمزاج رأيه في شخصه.
• المعلومات عن ان عون وضع «فيتو» على المرشحيْن المحتمليْن من كسروان واللذين يمكن ان يسميهما سليمان من حصته المارونية في حكومة ثلاثينية، الامر الذي اغضب الرئيس الذي نقلت صحيفة «المستقبل» عن اوساطه أنه يقارب ملف تشكيل الحكومة انطلاقاً من نقطتين، هما: ضرورة عدم تشكيل حكومة مواجهة، أو من لون سياسي واحد، والرغبة في إبقاء حقيبتي الداخلية والدفاع بعيداً من الاصطفافات الحزبية، لما لذلك من انعكاسات سلبية على وضع البلاد على المستويين الداخلي والخارجي.
• تأكيد أوساط ميقاتي انه لم يتسلم من الافرقاء المعنيين الأسماء التي يقترحونها للوزارات التي يريدونها وفق ما كان طلبها، اي على قاعدة 3 ثلاثة أسماء لكل حقيبة وهو ما كان عون عبّر صراحة عن رفضه.
وفي حين قرأت دوائر مراقبة كلام عون عن «ان العقبات الداخلية زالت من امام تأليف الحكومة» على انها محاولة لرفع مسؤولية تأخير ولادة الحكومة عن كاهله ورمي «الكرة» في ملعب ميقاتي، استوقف الدوائر المراقبة مجموعة مواقف من مسؤولين في «حزب الله» اكدوا ان استحقاق الحكومة الجديدة بات «اقرب من اي وقت» على ما قال نائب رئيس المجلس التنفيذي الشيخ نبيل قاووق، في حين اعتبر نائب الحزب نواف الموسوي أن «هناك تقدما ملموسا في تشكيل الحكومة حيث ذللت العقبات الرئيسية وبات بالوسع التوصل الى التشكيل في أقرب وقت»، لافتا الى ان «تحركات السفيرة الاميركية والضغوط التي يمارسها الجانب الاميركي تحمل تهديدا مسبقا للحكومة العتيدة»، وداعيا «المعنيين مباشرة بتشكيل الحكومة الى موقف صريح وواضح من هذا التدخل الاميركي».
بدت بيروت كما لو كانت مصابة بـ «العمى السياسي» نتيجة الدخان الكثيف المتطاير من سورية ومدنها «المشتعلة» بالاحتجاجات، مما جعل الحياة السياسية في بلاد الأرز تسير «خبط عشواء» بلا افق واضح.
فالجميع من حلفاء سورية وخصومها ينتظرون ما سيؤول اليه وضع «الاسد الجريح» مع تعاظم التحديات الداخلية والخارجية التي يواجهها الرئيس السوري ونظامه.
وليس ادل على هذا «العمى السياسي» من الهبات الباردة والهبات الساخنة التي تحوط عملية تشكيل الاكثرية الجديدة بقيادة «حزب الله» وحليفه زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون للحكومة التي مضى على محاولات «تركيبها» اربعة اشهر ونيف من المنازعات بين مكوناتها من جهة وتحسب الرئيس المكلف تشكيلها نجيب ميقاتي لأي «خطوة ناقصة» تجعله في مواجهة مع الشرعيتين العربية والدولية من جهة اخرى.
وفي الوقت الذي كان ينتظر تصاعد الدخان الابيض من الملف الحكومي على مدى اسابيع طويلة، جاءت «القنبلة الدخانية» التي اوحت على مدى اليومين الماضيين بموجة من «التفاؤل» عن إمكان كسر المأزق والافراج عن الحكومة «المحتملة»، على النحو الذي يتيح لـ «الاكثرية الجديدة»، «تسلم السلطة» والانتقال بالبلاد الى مرحلة جديدة.
غير ان الاجواء في بيروت لا توحي بقرب ولادة الحكومة، وسط «تدقيق» سياسي وديبلوماسي بـ «القطب المخفية» التي تقف خلف «التفاؤل المباغت» الذي جرى ضخه من بعض اوساط الاكثرية، والذي لم تلاقه اوساط اخرى في الاكثرية عينها بالمستوى ذاته من التوقعات، مما انعش محاولات سبر أغوار ما يجري على هذا الصعيد، وهو ما افضى الى الخلاصات الآتية:
• إتجاه يعتقد بأن كسر المأزق والاسراع في تشكيل حكومة جديدة بات حاجة سورية «ملحة» بعدما ادرك النظام في دمشق ان العاصفة الهوجاء تكاد ان تصبح خارج السيطرة.
• الانطباع السائد لدى بعض الدوائر المحلية بأن التقاط الفرصة المتاحة الآن بتشكيل حكومة «ممسوكة» قد تصبح متعذرة في ضوء التقارير التي تتحدث عن قرب صدور القرار الاتهامي في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري.
• إحتمال ارتباط الامر بـ «تكتيكات سياسية» برمي كرة المسؤولية عن الفشل في تشكيل الحكومة من ملعب عون و«حزب الله» الى ملعب ميقاتي ومعه الرئيس ميشال سليمان.
• إمكان ارتباط «صحوة» تشكيل الحكومة بالعمل على احتواء «انتفاضة» الزعيم الدرزي وليد جنبلاط (الشريك في الاكثرية)، بعدما اطلق اشارات قاسية انطوت على خطر تفكيك تلك الاكثرية و«اندثارها».
وثمة اوساط تولي «الخلاصة الاخيرة» المرتبطة بجنبلاط اهمية قصوى، خصوصاً انه يشكل «بيضة القبان» في ترجيح هذه الاكثرية او تلك في الصراع «الشرس» بين «8 و14 اذار» على السلطة وعلى الموقع الاقليمي للبنان.
ووصفت اوساط واسعة الاطلاع «الاكثرية الحالية»، اي «8 اذار» بأنها تحولت في ضوء «إشارات» جنبلاط و«ضوابط» ميقاتي «أكثرية بالمفرق»، وقد تصبح اكثرية «على القطعة»، بعدما ظهر حجم التناقضات في صفوفها ووجود «حسابات متعددة الاتجاه» بين قواها الرئيسية.
وفي تقدير هذه الاوساط ان «حزب الله»، وهو الآن ليس في احسن احواله مع مظاهر انهيار الحائط الذي يسند ظهره اليه (النظام في سورية)، يخشى من انفراط «الاكثرية» بين يديه في ضوء موقفي جنبلاط وميقاتي، مما يعطل المفاعيل السياسية ـ شبه الاستراتيجية لعملية «قلب الطاولة» التي قام بها يوم جرى اقصاء الحريري عن السلطة.
اما رئيس البرلمان نبيه بري، فهو ليس في احسن احواله الآن، فجزء من مكانته السياسية كانت ناجمة عن رصيده كمحاور لدى «14 اذار»، الامر الذي تبدد في الجولات المتتالية من المواجهة، وعن تحالفه مع «حزب الله»، وهو الذي تعرض لانتكاسة «مكتومة» في ضوء ما كشفت عنه وثائق «ويكيليكس»، الامر الذي يفسر، وبحسب تلك الاوساط، سلوكه الاخير القائم على افتعال معارك لا طائل منها.
اما جنبلاط، الذي زار فرنسا وقصد قطر وأوفد قريبين منه الى تركيا وبعث رسالة الى الروس، واستقبل جيفري فيلتمان في زيارته الاخيرة لبيروت، ربما ادرك ان «ما كتب قد كتب» بالنسبة الى مصير النظام في سورية، خصوصاً بعدما «استعصى» على كل المناشدات في القيام بعملية اصلاح جذرية وحاسمة.
والزعيم الدرزي، الذي غالباً ما يجري الحديث عن قدراته الفائقة في التقاط الاشارات، يسعى وعلى طريقته الى اعادة الاعتبار لـ «التوازن السياسي» الذي كان تسبب باختلاله حين اذعن لتبديل الاكثرية البرلمانية، وهو يعود الآن الى «المنطقة الوسط» في اطار ما يشبه «الحياد الايجابي» الذي لن يكون في مصلحة «8 اذار».
واذا كان هذا هو حال «8 اذار» فإن واقع «14 اذار» ليس افضل حالاً، خصوصاً مع غياب زعيمها سعد الحريري ومغادرته لبنان وابتعاده حتى عن «تصريف الاعمال» كرئيس لحكومة مستقيلة، وانكفاء القوى الاخرى التي «بلعت لسانها» مع احتدام الموقف في سورية، توجساً من اتهامها بـ «صب الزيت على النار».
والاكثر إثارة في بيروت هو غياب الحريري، الذي تتعدد الروايات حول اسبابه، فمن القول ان الامر مجرد «استراحة عائلية» من عناء تجربة قاسية في الحكم، الى القول ان الامر يرتبط بالحاجة الى ادارة اعماله عن قرب بعد خسائر لحقت به بسبب انشغالاته السياسية.
وبين «التبريرين» لهذا الغياب كشف عن ان نصائح اسديت الى الحريري بضرورة ترك لبنان مع هذه المرحلة نتيجة اخطار امنية قد يتعرض لها، وذهب البعض في هذا الاطار الى حد الحديث عن اكتشاف عملية او اكثر كانت تحضر ضد الحريري، الامر الذي ارغمه على البقاء بعيداً رغم ضغوط تمارس عليه للعودة الى «تصريف الاعمال» في بيروت.
وسط هذا المناخ تتجه الانظار الى اسبوع «الجلسة المحبَطة» لمجلس النواب التي لا يزال بري مصراً على عقدها رغم شبه استحالة انعقادها نتيجة حسم ميقاتي وحليفيه محمد الصفدي واحمد كرامي أمر عدم حضورها في موازاة تحفظ جنبلاط عنها، ما يعني عملياً استحالة تأمين نصاب الـ 65 نائباً لانعقادها، علماً ان نواب 14 آذار الـ 60 سيقاطعونها لاعتبارها غير دستورية في ظل حكومة تصريف أعمال.
واوجد موقف ميقاتي، رغم تأكيده انه ليس موجّهاً ضد بري، حالة من الامتعاض الكبير لدى رئيس البرلمان الذي ردّ على خطوة الرئيس المكلف بالتوجه نحو المصيلح (الجنوب) قاطعاً بذلك الطريق على لقاء كان مرتقباً مع ميقاتي للتداول في الملف الحكومي. علماً ان هذا الملف كان عصر اول من امس محور بحث بين الرئيس المكلف والمعاونين السياسيين لبري والأمين العام لـ «حزب الله النائب» علي حسن خليل وحسين الخليل، كما بين ميقاتي ورئيس الجمهورية ليلاً.
ورغم هذه الحركة التي واكبها ما وُصف بانه «غرفة عمليات» هاتفية، فان مجموعة عقبات بقيت تلوح في أفق التشكيل وأبرزها:
• عقدة وزير سنّة المعارضة في ظل إصرار الأكثرية الجديدة على توزير فيصل كرامي ورفض ميقاتي ذلك لاعتبارات تتصل بقواعد التشكيل التي انطلق منها لجهة التوزيع العادل مناطقياً.
• عقدة وزير الاتصالات شربل نحاس وسط معلومات عن موافقة عون على ألا يتولى حقيبة الاتصالات في مقابل ان يعود الى الحكومة بحقيبة الاقتصاد، وذلك بعدما قيل ان زعيم «التيار الحر» تخلى عن الماروني السادس للرئيس ميشال سليمان (سيكون له وزيران مارونيان) بشرط استمزاج رأيه في شخصه.
• المعلومات عن ان عون وضع «فيتو» على المرشحيْن المحتمليْن من كسروان واللذين يمكن ان يسميهما سليمان من حصته المارونية في حكومة ثلاثينية، الامر الذي اغضب الرئيس الذي نقلت صحيفة «المستقبل» عن اوساطه أنه يقارب ملف تشكيل الحكومة انطلاقاً من نقطتين، هما: ضرورة عدم تشكيل حكومة مواجهة، أو من لون سياسي واحد، والرغبة في إبقاء حقيبتي الداخلية والدفاع بعيداً من الاصطفافات الحزبية، لما لذلك من انعكاسات سلبية على وضع البلاد على المستويين الداخلي والخارجي.
• تأكيد أوساط ميقاتي انه لم يتسلم من الافرقاء المعنيين الأسماء التي يقترحونها للوزارات التي يريدونها وفق ما كان طلبها، اي على قاعدة 3 ثلاثة أسماء لكل حقيبة وهو ما كان عون عبّر صراحة عن رفضه.
وفي حين قرأت دوائر مراقبة كلام عون عن «ان العقبات الداخلية زالت من امام تأليف الحكومة» على انها محاولة لرفع مسؤولية تأخير ولادة الحكومة عن كاهله ورمي «الكرة» في ملعب ميقاتي، استوقف الدوائر المراقبة مجموعة مواقف من مسؤولين في «حزب الله» اكدوا ان استحقاق الحكومة الجديدة بات «اقرب من اي وقت» على ما قال نائب رئيس المجلس التنفيذي الشيخ نبيل قاووق، في حين اعتبر نائب الحزب نواف الموسوي أن «هناك تقدما ملموسا في تشكيل الحكومة حيث ذللت العقبات الرئيسية وبات بالوسع التوصل الى التشكيل في أقرب وقت»، لافتا الى ان «تحركات السفيرة الاميركية والضغوط التي يمارسها الجانب الاميركي تحمل تهديدا مسبقا للحكومة العتيدة»، وداعيا «المعنيين مباشرة بتشكيل الحكومة الى موقف صريح وواضح من هذا التدخل الاميركي».