الأجوبة المفيدة / عن أسئلة العقيدة

u0627u0644u062fu0643u062au0648u0631 u0648u0644u064au062f u0627u0644u0639u0644u064a
الدكتور وليد العلي
تصغير
تكبير
|الدكتور وليد العلي|

زاوية نعرض من خلالها لكل ما يعن لقراء «الراي» الأعزاء من أسئلة تتعلق بالعقيدة الاسلامية، وتحتاج الى توضيح وبيان، يجيب عنها الأستاذ الدكتور وليد محمد عبدالله العلي، امام** وخطيب المسجد الكبير، واستاذ العقيدة بكلية الشريعة والدراسات الاسلامية جامعة الكويت.

وللتواصل أرسلوا بأسئلتكم عبر إيميل الجريدة

(w-alali@hotmail.com) أو فاكس رقم: (24815921)



نور الله سبحانه وتعالى في قلب عبده المؤمن



ان الله سبحانه وتعالى سمى نفسه نوراً، وجعل كتابه نوراً، ورسوله صلى الله عليه وسلم نوراً، ودينه نوراً، واحتجب عن خلقه بالنور، وجعل دار اوليائه نوراً يتلألأ، قال تعالى: «الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لاشرقية ولاغربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الامثال للناس والله بكل شيء عليم».

وقد فسر قوله تعالى: «الله نور السماوات والأرض»: بكونه منوّر السماوات والارض، وهادي اهل السماوات والارض، فبنوره اهتدى اهل السماوات والارض، وهذا انما هو فعله، والا فالنور الذي هو من اوصافه قائم به، ومنه اشتق له اسم النور، الذي هو احد الاسماء الحسنى.

وقوله تعالى: «مثل نوره كمشكاة فيها مصباح»: هذا مثل لنوره في قلب عبده المؤمن، والمعنى: مثل نور الله سبحانه وتعالى في قلب عبده، واعظم عباده نصيباً من هذا النور: رسوله صلى الله عليه وسلم.

وهذا النور يضاف الى الله تعالى، اذ هو معطيه لعبده وواهبه اياه، ويضاف الى العبد اذ هو محله وقابله، فيضاف الى الفاعل والقابل، ولهذا النور فاعل وقابل ومحل وحامل ومادة، وقد تضمنت الآية ذكر هذه الامور كلها على وجه التفصيل، فالفاعل: هو الله تعالى - مفيض الانوار، الهادي لنوره من يشاء - والقابل: العبد المؤمن، والمحل: قلبه، والحامل: همته وعزيمته وارادته، والمادة: قوله وعمله.

وهذا التشبيه العجيب الذي تضمنته الآية فيه من الاسرار والمعاني واظهار تمام نعمته على عبده المؤمن بما اناله من نوره ما تقر به عيون اهله، وتبتهج به قلوبهم.

فتأمّل صفة المشكاة - وهي كُوَّة تنفذ لتكون أجمع للضوء -، قد وُضع فيها المصباح، وذلك المصباح داخل زجاجة تُشبه الكوكب الدُّري في صفائها وحُسنها، ومادته من أصفى الأدهان وأتمها وقودا، من زيت شجرة في وسط القراح لا شرقية ولا غربية، بحيث تصيبها الشمس في احد طرفي النهار، بل هي في وسط القراح محمية بأطرافه، تصيبها الشمس أعدل اصابة، والآفات الى الاطراف دونها، فمن شدة اضاءة زيتها وصفائها وحسنها: يكاد يُضيء من غير أن تمسه نار.

فالمشكاة صد المؤمن، والزجاجة قلبه، شُبِّه قلبه بالزجاجة لرقتها وصفائها وصلابتها، وكذلك قلب المؤمن، فإنه قد جمع الأوصاف الثلاثة، فهو يرحم ويُحسن ويتحنّن ويُشفق على الخلق برقتّه، وبصفائه تتجلى فيه صُور الحقائق والعلوم على ما هي عليه ويُباعد الكدر والدرن والوسخ بحسب ما فيه من الصفاء، وبصلابته يشتد في أمر الله تعالى ويتصلب في ذات الله تعالى ويغلظ على أعداء الله تعالى ويقوم بالحق لله تعالى.

وقد جعل الله تعالى القلوب كالآنية، كما قال بعض السلف: (القلوب آنية الله في أرضه، فأحبُّها اليه: أرقُّها وأصلبها وأصفاها).

والمصباح هو نور الايمان في قلبه، والشجرة المباركة هي شجرة الوحي المُتضمنة للهُدى ودين الحق، وهي مادة المصباح التي يتقد منها، والنور على النور: نور الفطرة الصحيحة والادراك الصحيح، ونور الوحي والكتاب، فيُضاف احد النورين الى الآخر، فيزداد العبد نورا على نور، ولهذا يكاد ينطق بالحق والحكمة قبل ان يسمع ما فيه بالاثر، ثم يبلغه الاثر بمثل ما وقع في قلبه ونطق به، فيتفق عنده شاهد العقل والشرع والفطرة والوحي، فيُريه عقله وفطرته وذوقه الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم هو الحق، لا يتعارض عنده العقل والنقل البتة، بل يتصادقان ويتوافقان، فهذا علامة النور على النور، عكس من تلاطمت في قلبه أمواج الشبه الباطلة والخيالات الفاسدة، فهي في صدره: (كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض اذا اخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور).

فانظر كيف انتظمت هذه الآيات طرائق بني آدم أتم انتظام، واشتملت عليه أكمل اشتمال.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي