| ثريا البقصمي |فيرا المطوع، لها حكاية اسمها «الشمس المشرقة»، وبدأ كل شيء قبل ما يزيد على الثلاثين عاما ً عندما أسست حضانة «الشمس المشرقة»، وفي داخلها إيمان قوي بأن أسس التعليم والتربية الصحيحة وتنمية المواهب تبدأ منذ الصغر، من البرعم قبل أن يتفتح. وعندما تلقيت دعوة لحضور معرض في تلك الحضانة الشهيرة، توقعت رسومات وشخبطات للأطفال بالأقلام الخشبية أو الشينية، والأعمار تبدأ من سن الخامسة، ولكن المفاجأة كانت مذهلة، فأطفال لم تتجاوز أعمارهم العامين رسموا لوحات على قماش «الكنفس» وبألوان «الأكريليك»!، ولو رصّـت في متحف للفن الحديث، لأعتقدت بأن من رسمها فنان محترف. وكانت اللوحات معروضة في قاعات لعب ودرس الأطفال، وبمرح شديد كانوا يشيرون إلى لوحاتهم يحاولون شرحها وهم بنصف لسان، وصاحت طفلة في الثالثة من عمرها: لقد رسمت أمي وفي المرة المقبلة سأرسم أبي وربما مدرستي. التجربة كانت أكثر من رائعة، اللوحات تميزت بعفوية، جرأة يصعب تصورها، وكل عمل يقول « إنـّنا نلعب نمرح نعبـّر عن أنفسنا»، وسياسة حضانة الشمس المشرقة ومبدعتها فيرا المطوع، أن يعطى كل طفل حرية التعبير المطلقة. ومن خلال تعاملي لسنوات مع فن الطفل، اكتشفت في كل مرّة بأنـّه عندما يتدخل الكبار في إنجاز العمل الفني للطفل يبدأ في الإنسحاب من العملية الإبداعية، وذلك لإحساسه بعدم الثقة فيما ينجزه، وإنّ هناك مدرّسة متسلطة تريد أن ترسم لوحته أو تفرض عليه أفكارها لتنال رضا المفتش، والنتيجة أنّ كل الأطفال غدت رسوماتهم متشابهة لأنها من تصورات الأبلة الفنانة. ونعود للشمس المشرقة ولجهود السيدة فيرا المطوع في ترسيخ مفهوم حرية الإبداع والفن في نفس الطفل، حيث يكتشف عالم مرح من خلال اللون والخط، هذه التجربة القيّمة أتمنى أن تكون نموذجا ً لمدارسنا ورياض الأطفال، حيث نصر على أن يرسم الأطفال عناصر من التراث، باب بوخوخه- برمه- بخنق- فريج، وهي أمور اندثرت وطفل الألفية يعيش عالما مختلفا، يحمل شعار إبداع صادق يتطلب حرية في التعبير. أرفع القبعة احتراما لفيرا، فبسبب نظريتها التربوية أشرقت في داخلي شمس الطفولة الملونة. * كاتبة وفنانة تشكيلية كويتيةg_gallery1@hotmail.com