قطف دان / الجمهورية الفضية!

عبدالله عيسى


">| عبدالله عيسى |
غريب كيف نظن بأشياء الثبات، وهي أقرب ما تكون إلى المَيْد، تتبدل حقائقها وأجسامها كلما تباعد بك الدهر، حتى لتظن أن لها من الروح ما يمدها بهذا التطور الدائم، وهي نتاجنا نحن... غريبة أنت أيتها اللغة!
ذاك ما ألفيته وانا أراجع أصل الأنواع لدارون عن ترجمة إسماعيل مظهر ضمن الأعمال الكاملة التي سيخرجها الدكتور أحمد الهواري؛ وقد ولّاني أمر مراجعة الكتاب فضلاً وكرماً، فكان مما رأيت لغة أغربتها ليست ما نعرف من لغات الترجمة أو الأساليب العلمية في الكتابة العربية، فالمترجم يسك من المصطلحات بالنحت تارة وبالتعريب تارة أخرى ما يحتمل البحوث الدقيقة، فمن تلك ما استقر ومنها ما انعفى كـ «الجلبانيات» التي طغى عليها الجرابيات، و«القواضم» التي ناقش تفضيله لها على «القوارض» وسواها من المصطلحات والأسماء. وينجلي التباين بين اللغة في ما كانت على عهد الكتاب وما هي الآن حين تلقى ترجمات لم تكن قد استقرت بعد، من ذلك ما أسماه «رأس عشم الخير» والذي ترجمته إلى لغة اليوم «رأس الرجاء الصالح» وأما «الجمهورية الفضية» فهي ولا شك «الأرجنتين» ومن سواها؟ فـ «أرجون» هو الفضة باللاتينية، ولم تكن معرفتي بهذه الترجمات إلا عن اجتهاد شخصي وثقافة سابقة.
ثم تلغى التراكيب التي لم نعهدها مثل قوله «شمال بغرب» بدل «شمال غرب» و«في مكنتنا» بدل «بإمكاننا» و«الخصيصة» بدل «الخاصية» كل أولئك يثبت أن اللغة العربية الفصحى لم تكن شيئاً واحداً منذ ان وجدت، فلا يظنن أحدكم أن الجاحظ سيفهم بيسر ما نقوله اليوم ولا الأعشى سيفقه ما قاله الجاحظ بسهولة، وهنا نستذكر حاجة لغتنا لتاريخ لم يكتب!
غريب كيف نظن بأشياء الثبات، وهي أقرب ما تكون إلى المَيْد، تتبدل حقائقها وأجسامها كلما تباعد بك الدهر، حتى لتظن أن لها من الروح ما يمدها بهذا التطور الدائم، وهي نتاجنا نحن... غريبة أنت أيتها اللغة!
ذاك ما ألفيته وانا أراجع أصل الأنواع لدارون عن ترجمة إسماعيل مظهر ضمن الأعمال الكاملة التي سيخرجها الدكتور أحمد الهواري؛ وقد ولّاني أمر مراجعة الكتاب فضلاً وكرماً، فكان مما رأيت لغة أغربتها ليست ما نعرف من لغات الترجمة أو الأساليب العلمية في الكتابة العربية، فالمترجم يسك من المصطلحات بالنحت تارة وبالتعريب تارة أخرى ما يحتمل البحوث الدقيقة، فمن تلك ما استقر ومنها ما انعفى كـ «الجلبانيات» التي طغى عليها الجرابيات، و«القواضم» التي ناقش تفضيله لها على «القوارض» وسواها من المصطلحات والأسماء. وينجلي التباين بين اللغة في ما كانت على عهد الكتاب وما هي الآن حين تلقى ترجمات لم تكن قد استقرت بعد، من ذلك ما أسماه «رأس عشم الخير» والذي ترجمته إلى لغة اليوم «رأس الرجاء الصالح» وأما «الجمهورية الفضية» فهي ولا شك «الأرجنتين» ومن سواها؟ فـ «أرجون» هو الفضة باللاتينية، ولم تكن معرفتي بهذه الترجمات إلا عن اجتهاد شخصي وثقافة سابقة.
ثم تلغى التراكيب التي لم نعهدها مثل قوله «شمال بغرب» بدل «شمال غرب» و«في مكنتنا» بدل «بإمكاننا» و«الخصيصة» بدل «الخاصية» كل أولئك يثبت أن اللغة العربية الفصحى لم تكن شيئاً واحداً منذ ان وجدت، فلا يظنن أحدكم أن الجاحظ سيفهم بيسر ما نقوله اليوم ولا الأعشى سيفقه ما قاله الجاحظ بسهولة، وهنا نستذكر حاجة لغتنا لتاريخ لم يكتب!
* شاعر وكاتب كويتي
[email protected]