حاولت الناشطة السياسية منال الشريف تحريك المياه الراكدة حول قيادة المرأة للسيارة في السعودية، وذلك من خلال تجرأها على كسر القانون بقيادتها للسيارة في شوارع الخبر وتصوير ذلك وبثه عبر وسائل التواصل الالكتروني، وهي محاولة منها لتحدي القانون، وأيضاً للفتاوى الشرعية الصادرة من هيئة كبار العلماء، وكثير من مشايخ المملكة، وقد دار حوار طويل بين المؤيدين والمعارضين لقيادة المرأة للسيارة في المملكة، وباختصار أود الإشارة إلى أن حكم قيادة المرأة للسيارة لم يأت نص شرعي بالتحريم، إلا أن من منعوا ذلك استندوا على قاعدة سد الذرائع، وأن درء المفسدة مقدم على جلب المنفعة، وهذه قاعدة تم العمل بها في الكثير من القضايا ومنها موضوع الاختلاط، والغريب في الأمر أننا لا نريد أن ينقل لنا البعض فتاوى من الخارج، بينما نريد نحن أن نصدر فتاوانا لغيرنا، ومن المهم في هذا الإطار أن أوضح بأن الفتوى قد تتغير بتغير الزمان والمكان، وأن ما يمنع في المملكة لا يشترط تحريمه في الكويت.
وفي الحقيقة أخشى أن يكون السماح للمرأة لقيادة السيارة في المملكة أن يفتح باب شر لا يعلم مداه إلا الله، ولا أدري هل سيلحق بنت الشريف إثم من تبعها أم لا؟ الله أعلم. ولقد ذكرتني بنت الشريف، بهدى شعراوي والتي كانت أول من ألقت الحجاب في مصر، وبسيدة عندنا في الكويت لا أود ذكر اسمها، كانت أول من قام بحرق العباءة، تحريضاً على محاربتها، وقد سُجلت الأعمال في الصحائف والجزاء عند الواحد الديان.
وأود أن أنصح أخواتنا السعوديات قبل المطالبة بالسماح لهن بقيادة السيارة أن ينظرن إلى حال أخواتهن الخليجيات وبالذات الكويتيات، فبعض النساء عندنا اعتقد أن السيارة حرية وانطلاق، وتخلص من لاءات الرجل والذي غالباً ما يكون مشغولاً، والذي حصل بالفعل أن كثيرا من الأزواج تخلى عن مسؤوليته، وسمح لها بما أرادت وتركها تتحمل مسؤولية قرارها، فأصبحت هي التي توصل الأبناء للمدارس، وهي التي تشتري مستلزمات البيت، وهي التي تسعف الأبناء للطبيب، وصارت تذهب لزيارة أهلها مع الأبناء دون مرافقة الزوج، وقد انتشر عندنا في الكويت شراء النساء للسيارات العائلية، حتى تستطيع استيعاب أفراد الأسرة.
لقد أثرت قيادة المرأة للسيارة على دورها المهم في البيت فكثرة خروجها قلل من فترة التواصل مع الأبناء وملاحظة احتياجات الأسرة، بل لقد أضعف فرص خروجها مع زوجها والالتقاء معه.
أنا في الحقيقة مشفق على كل امرأة تقود السيارة، فأحياناً من كثرة الزحام، وتهور بعض السائقين، وطيش بعض الشباب، لا يكاد المرء أن يملك أعصابه أو يستطيع التحكم في مركبته، فكيف إذا كانت فتاة هي التي تقع في هذه المواقف، وكم من فتيات فقدتهن أسرهن بعد تلك الحوادث.
كما أود الإشارة إلى أهمية التفرقة بين وضعنا في الكويت والوضع في المملكة تلك البلد المترامية الأطراف المختلفة التضاريس، أتذكر أنني في إحدى سفراتي عن طريق البر، قام أحد الشباب في المملكة بمسايرتي في الطريق كنوع من التحدي فإن خففت خفف، وإن أسرعت أسرع، ومرة يتقدم أمامي ومرة خلفي، وقد حاولت قدر استطاعتي عدم الالتفات لتفاهة تصرفاته وقلة عقله، فهو لم يحترم هيئتي، ولا عائلتي التي معي، ومع أن السيارة مظللة من الجوانب، والأهل لا تكاد تظهر عيونهن ومع ذلك لم نسلم من المضايقة، وبالفعل أشغلنا عن الانتباه للطريق، فكيف تتوقعون سيكون الوضع لو أن التي كانت تقود السيارة فتاة، ولوحدها؟
المرأة والبعير
سألتني أخت فاضلة وهي ناشطة سياسية، عبر التويتر عندما طرحت موضوع قيادة المرأة السعودية للسيارة، عن حكم ركوب المرأة للحمار أو البعير، فأجبتها أن الأمر متعلق بكونه يعمل بالديزل أو البنزين.
عبدالعزيز صباح الفضلي
كاتب كويتي
[email protected]