تقبّلنا الأحداث السابقة السالفة المتتالية وتكيّفنا معها آملين بمستقبلٍ أفضل متطلعين لتدارك كلّ خلل، مؤمنين بأن الخوض بما كان وانتهى ما هو إلا هرطقةٌ ولغط، لا فائدة ولا جدوى تُرجى من ورائه، بتنا نحدّث أنفسنا في كل ليلة، نؤمّلها بغدٍ أفضل وبمستقبلٍ أجمل، ما كنّا نعلم أننا بذلك طلبنا طلباً مستحيلاً وأمّلنا أملاً بعيداً!
نعم... أدركت مدى بُعد أحلامي عن الواقع، ومدى علُو طموحي، كيف لا ونحن نفتقر لأبسط مقوّمات نجاح الدولة، ونمتلك أعقد مقوّمات سقوطها! نفتقر للولاء الوطني الذي هو قيمة إنسانية ينتج عنها استقرار وتقدّم ونهضة الدول، ونقدّس الولاء للذات أولاً ثم للطائفة أو الحزب أو القبيلة أو المذهب وغيره الذي يمزّق النسيج الوطني بل يفتته ويضعفه، نفتقر لمن يريد الإصلاح فعلاً في حين أننا أغنياء بمن يريدونه قولاً، نفتقر لقيادات يجيدون الاستعلاء على شهواتهم في الأخذ والنهب والتدمير بينما تعجّ ساحتنا بقيادات تردينا مسالك الهلاك!
ولم يكفهم ذلك فحسب حتى جاءني خبرهم الذي ارتطم بمسامعي كارتطام الصخرة الكبيرة الثقيلة على الأرض. جاءني كالصاعقة الحارقة، كيف أن نوابنا تعاركوا تحت قبة البرلمان كيف؟ ناسين كل شيء... كل شيء من دون استثناء، ناسين مقامهم، ناسين مكانهم، ناسين أن يزنوا قولهم وفعلهم، ناسين أن لديهم عقولاً يجب أن يحكّموها، ناسين أنهم يمثّلون شعباً بأكمله. في الحقيقة لا أعلم إن كانوا ناسين فعلاً أم متناسين، ولا يهمني من المخطئ، يكفيني علماً أن هناك طرفين بما حدث، طرفٌ مستفِز وآخر مستفَز، أخطأ الأول بالاستفزاز وأجرم الثاني بالاستجابة! وكل ما يهمني أهميةً وهمّاً أنني دققت نظري كشفاً عن موقع الكويت من ذلك كله فلم أجد لها موقعاً!
لا أستطيع أن أخفي ما لهذا الموقف من أثر على نفسي وقلبي وعقلي، شعرت بخيبة كبيرة، انكشفت كل الأماني الخادعة، نعم انكشفت بشكلٍ جلي أبلج كما الشمس التي لايمكن إخفاؤها. فمهما حاول النواب الأفاضل بعدها التظاهر برجاحة العقل والتسامي والركون إلى عمل الأجندات الوطنية، لن ينفعم ذلك فمازالت آثار أفعالهم وخيباتهم وإسفافهم عالقة بأثوابهم!
انكسر بداخلي شيء كبير، شعوراً بحال الكويت وبانحدارها السريع، فالأيام تمر عليها بتدهور أوضاعها كأنها سنون، استنزفوها استنزافاً، استباحوا حرمة الوطن، فأصاب كويتنا الوهن، توّجوها بتاج الضعف بعد أن كان العز لها تاجاً، زعزعوا أمانها وقرّها واستقرارها، ضاربين بالكويت ومصالحها وأبنائها ومشاعرهم عرض الحائط!
وأخيراً... ماذا تحتاح الكويت؟ تحتاج قلوباً تسكنها وولاءٌ تسكنه، تحتاج عقولاً تكون الكويت هماً لها وتفكيراً يصب في مصلحتها، تحتاج مؤازرةً حقيقية فعليةً من أبنائها، تحتاج إلى إرجاء المصالح الشخصية والركون لما تقتضيه المصلحة العامة، تحتاج لذلك السعي الحثيث لإصلاحها، تحتاج لنهضة شاملة تتحقق بنقلة استراتيجية نوعية تنقلها أعواماً إلى الأمام... ولن يتحقق ذلك إلا بقلوب تنبض بحب الكويت.
عائشة عبدالمجيد العوضي
[email protected]Twitter: 3ysha_85