تركي العازمي / بعد أحداث 18 /5... «العلاج النفسي» لا يفيد!

تصغير
تكبير
الله يهدي من أوصلنا إلى أحداث جلسة مجلس الأمة المنعقدة في 18 /5 /2011... وقد توقعنا أن تصل الأمور إلى حد التشابك بالأيدي ولكن تلك «الهوشة» أوجبت علينا التفكير ملياً في طبيعة تعاطي إخواننا النواب مع شوائب الأنفس وعدم تقبلهم الرأي الآخر.

قد يعتقد البعض أن تطبيق المادة 106 من الدستور والمادة 67 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة والتي تنص على انه «للأمير أن يؤجل بمرسوم اجتماع مجلس الأمة لمدة لا تتجاوز شهراً»، وقد يظن البعض أن تطبيق العقوبات الواردة في المادة 89 من اللائحة الداخلية ستقضي على الأحداث التي تخل بالنظام داخل قاعة عبدالله السالم. في نظري، ان تطبيق العقوبات في منع العضو من الكلام بقية الجلسة والإخراج من القاعة أو غيرها من العقوبات بما فيها «العلاج النفسي» لا يفيد مع حدث وصل إلى رفع العصى والعقل و«البوكسات»!

إن النائب يمثل الأمة، ويفترض فيه أن يكون رشيداً عاقلاً حكيماً عند اختياره من ضمن قائمة النخبة ولكن حقيقة الأمر تختلف عما طرحه وتمناه المشرع. كان نواب مجلس الأمة في السابق قبل عقود عدة من الزمن يدركون مكانتهم، ويتقدمون بالاستقالة ويعترضون وفق الأصول والأعراف الاجتماعية ولم نسمع ألفاظا كـ «كلب» و«الله يلعنك ويلعن أبوك» وغيرها من الألفاظ الدخيلة على الممارسة الديموقراطية الكويتية.

من وجهة نظري، يجب أن تكون هناك عقوبات رادعة لأي نائب لا يحترم زملاءه، أي نائب يتلفظ بألفاظ سوقية، فقاعة عبدالله السالم وجدت لطرح محترم مؤدب يراعي الأعراف الاجتماعية وأخلاق الصفة النيابية.

مشكلتنا أننا مع كل هفوة نقول «ستعود العلاقة كما كانت» والواقع خلاف ذلك لأن الأنفس ما زالت الشوائب فيها عالقة ولن تستقيم العلاقة بين النواب وبين النواب وأعضاء الحكومة إلا من خلال معرفة الأولويات وترسيخ الفكر الاستراتيجي في العمل وتقبل الرأي الآخر والبعد عن التجريح والغمز واللمز والتهكم.

إن البشر بطبيعة الحال تحركهم جوانب عدة ومن أخطرها الجانب النفسي فإن لم يكن هناك صفاء في الأنفس فلن يستطيع لا النائب ولا الوزير من أداء المهام الملقاة على عاتقة. إن الفساد موجود في طبيعة البشر منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها ولن نستطيع إصلاح الأنفس الفاسدة إلا من خلال تطبيق القانون ومعاقبة كل مسيء خصوصاً في جوانب الذمة المالية وأدب الحوار.

إن ما شهدته جلسة 18 /5 كارثة بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى، ونتمنى من العقلاء أن يدركوا الحاجة إلى تحييد كل نفس لا تتحكم بانفعالاتها ولا تدرك انعكاسات مفرداتها على البعض فالأنفس عندما يتم كبت ما يثيرها تنفجر عند الضغط عليها وحينئذ لا يجب أن نعتب أو نصور التداعيات وفق رغباتنا كمتابعين للأحداث... إنها أزمة أنفس يا سادة وسيدات المجتمع الكويتي التي تشبه الطائرات حينما تطير كما ذكرت النائبة الدكتورة سلوى الجسار مع فارق التشبيه طبعاً. والله المستعان!



تركي العازمي

كاتب ومهندس كويتي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي