من عيون الأدب / في كل وادٍ بنو سعد


| فهد حمود الحيص |
رحَلَ تدل على المضي في السفر، و الإنسان على هذه الدنيا في ترحال دائم إما من حال إلى حال أو من بلد إلى بلد بحثاً عن رزق أو سعياً إلى حاجة أو يكون مرتحلاً منها أي الدنيا إلى دار الآخرة... وقد وصف ابن زريق البغدادي لحظات رحيله في طلب الرزق مفارقاً الأهل والأحباب والأوطان.
كَأَنَّما هُوَ فِي حِلِّ وَمُرتحلٍ مُوَكَّلٍ بِفَضاءِ اللَهِ يَذرَعُهُ
إِنَّ الزَمانَ أَراهُ في الرَحِيلِ غِنىً
وَلَو إِلى السَدّ أَضحى وَهُوَ يُزمَعُهُ
اِستَودِعُ اللَهَ فِي بَغدادَ لِي قَمَراً
بِالكَرخِ مِن فَلَكِ الأَزرارَ مَطلَعُهُ
وَدَّعتُهُ وَبوُدّي لَو يُوَدِّعُنِي
صَفوَ الحَياةِ وَأَنّي لا أَودعُهُ
وَكَم تَشبَّثَ بي يَومَ الرَحيلِ ضُحَىً
وَأَدمُعِي مُستَهِلّاتٍ وَأَدمُعُهُ
وأما من كان سفره بعيدا و زاده لن يبلغه فهو يختلف عن من رحل إلى المشرق أو المغرب، ويختلف عن من هاجر إلى امرأة يتزوجها أو تجارة يصيبها أو مصلحة يقضيها بل هو رحيل قسري، يغادر فيه وحيداً لا رجعة له لن يكون قريباً منهم فيناجونه، ولا بعيداً فينادونه بعد أن يتركه الأهل و الأبناء ويتركهما.
ليس الغريب غريب الشام واليمن
إن الغريب غريب اللحد والكفن
إن الغريب له حق لغربته
على المقيمين في الأوطان والسكن
لا تنهرنَّ غريبا حال غربته
الدهر ينهره بالذل والمحن
سفري بعيد وزادي لن يبلغني
وقوتي ضعفت والموت يطلبني
وعن الرحيل قول الأفوه الأودي:
حانَ الرَحيلُ إِلى قَومٍ وَإِن بَعُدوا
فيهِم صَلاحٌ لِمُرتادٍ وَإِرشادُ
فَسَوفَ أَجعَلُ بُعدَ الأَرضِ دونَكُمُ
وَإِن دَنَت رَحِمٌ مِنكُم وَميلادُ
وكذلك الاضبط بن قريع بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، كان يرى من قومه وهو سيدهم بغياً عليه وتنقصاً له فقال: ما في جامعة هؤلاء خير، ففارقهم وسار بأهله حتى نزل بقوم آخرين، فإذا هم يفعلون بأشرافهم كما كان يفعل به قومه من التنقص له والبغي عليه، فارتحل عنهم وحل بآخرين، فإذا هم كذلك، فلما رأى ذلك انصرف وقال: ما أرى الناس إلا قريباً بعضهم من بعض، فانصرف نحو قومه وقال: في كل واد بنو سعد.
* أديب ومهندس
[email protected]
رحَلَ تدل على المضي في السفر، و الإنسان على هذه الدنيا في ترحال دائم إما من حال إلى حال أو من بلد إلى بلد بحثاً عن رزق أو سعياً إلى حاجة أو يكون مرتحلاً منها أي الدنيا إلى دار الآخرة... وقد وصف ابن زريق البغدادي لحظات رحيله في طلب الرزق مفارقاً الأهل والأحباب والأوطان.
كَأَنَّما هُوَ فِي حِلِّ وَمُرتحلٍ مُوَكَّلٍ بِفَضاءِ اللَهِ يَذرَعُهُ
إِنَّ الزَمانَ أَراهُ في الرَحِيلِ غِنىً
وَلَو إِلى السَدّ أَضحى وَهُوَ يُزمَعُهُ
اِستَودِعُ اللَهَ فِي بَغدادَ لِي قَمَراً
بِالكَرخِ مِن فَلَكِ الأَزرارَ مَطلَعُهُ
وَدَّعتُهُ وَبوُدّي لَو يُوَدِّعُنِي
صَفوَ الحَياةِ وَأَنّي لا أَودعُهُ
وَكَم تَشبَّثَ بي يَومَ الرَحيلِ ضُحَىً
وَأَدمُعِي مُستَهِلّاتٍ وَأَدمُعُهُ
وأما من كان سفره بعيدا و زاده لن يبلغه فهو يختلف عن من رحل إلى المشرق أو المغرب، ويختلف عن من هاجر إلى امرأة يتزوجها أو تجارة يصيبها أو مصلحة يقضيها بل هو رحيل قسري، يغادر فيه وحيداً لا رجعة له لن يكون قريباً منهم فيناجونه، ولا بعيداً فينادونه بعد أن يتركه الأهل و الأبناء ويتركهما.
ليس الغريب غريب الشام واليمن
إن الغريب غريب اللحد والكفن
إن الغريب له حق لغربته
على المقيمين في الأوطان والسكن
لا تنهرنَّ غريبا حال غربته
الدهر ينهره بالذل والمحن
سفري بعيد وزادي لن يبلغني
وقوتي ضعفت والموت يطلبني
وعن الرحيل قول الأفوه الأودي:
حانَ الرَحيلُ إِلى قَومٍ وَإِن بَعُدوا
فيهِم صَلاحٌ لِمُرتادٍ وَإِرشادُ
فَسَوفَ أَجعَلُ بُعدَ الأَرضِ دونَكُمُ
وَإِن دَنَت رَحِمٌ مِنكُم وَميلادُ
وكذلك الاضبط بن قريع بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، كان يرى من قومه وهو سيدهم بغياً عليه وتنقصاً له فقال: ما في جامعة هؤلاء خير، ففارقهم وسار بأهله حتى نزل بقوم آخرين، فإذا هم يفعلون بأشرافهم كما كان يفعل به قومه من التنقص له والبغي عليه، فارتحل عنهم وحل بآخرين، فإذا هم كذلك، فلما رأى ذلك انصرف وقال: ما أرى الناس إلا قريباً بعضهم من بعض، فانصرف نحو قومه وقال: في كل واد بنو سعد.
* أديب ومهندس
[email protected]