د. محمد القزويني / وزراء تكنوقراط أم سياسيون

تصغير
تكبير
الجدل الذي يدور حالياً حول نوعية الوزراء المطلوب تعيينهم جدل بيزنطي يبدو أن وراءه مصالح خاصة، ومهما كان النقاش فالكويت الآن وأكثر من أي فترة مضت في حاجة إلى وزراء تكنوقراط لأسباب عدة أولها أن الكويت وعلى طول تاريخ حكوماتها جربت الوزراء السياسيين ولم تتحسن أحوالها مطلقاً فلماذا لا تجرب الآن التكنوقراط في مواقع تتطلب ليس فقط مهارة المناورات السياسية بل أيضاً القدرة على التخطيط وكذلك المعرفة التامة بطبيعة عمل الوزارة والتخصص فيه لضمان تحقيق الوزارة لأهدافها وتحديد الاحتياجات، وما ينبغي فعله بدلاً من ترك إدارة الأمور لوكيل الوزارة الذي قد يفتقد هو الآخر المعرفة العلمية التخصصية بمهام وزارته وسبل تحقيق أهدافها، ولك أن تتصور قارئي العزيز وزيراً كويتياً غير متخصص جالساً إلى جنب وزير اوروبي لوزارة مماثلة (بالعادة يكون متخصصاً) يتحدثان عن موضوع يدخل في صميم تخصص وعمل وزارتيهما فيطلب الوزير الأوروبي رأي وزيرنا بفكرة ذات علاقة بعمل الوزارتين فماذا عسى وزيرنا أن يقول، كيف يناقش شيئاً يجهله؟ الوزير التكنوقراط كمثيله السياسي ملتزم بخطة الحكومة فهماً وتطبيقاً ومناورة لكن التكنوقراط يتميز بأنه يفهم في ما يدور في وزارته من مشاريع وأفكار فيستطيع أن يحكم على ضرورتها وقيمتها دون أن يخدعه بعض المسؤولين ذوي المصالح بأهميتها.

مشاكلنا أن الوزير ينقاد لوكيل وزارته الذي يصور له أهمية ما يريد تنفيذه هذا إن كان لدى الوكيل ما يعتقد أنه مهم وإلا فإن الوزارة تسير في روتين قاتل لا يخلق إلا مزيداً من التأخر والاحباط إن نحن استبعدنا التجاوزات. ونظرة إلى الوضع في الكويت يتضح كم نحن في حاجة إلى أناس ذوي رؤية تخصصية وفهم في ما يدور ولها رأي في ما يطرح، أناس تستطيع أن تطرح مبادرات وأفكاراً تمس صميم عمل وزاراتهم فيثرون العمل ويطورون الأداء بل ويقودون الانجاز وهذا لن يتأتى إلا من ناس لها معرفة وتخصص، فالوزراء التكنوقراط ضرورة قصوى في دولة نامية كالكويت حتى لا تتشتت الجهود، وكي تحسن اختيار الأفراد وتبني الأفكار والمقترحات أو تحكم عليها قبل تبني ما يصلح من منطلق معرفة شخصية متخصصة غير مأخوذة من مستشار أو مستعارة من مقالات صحافية. فوزارة الأشغال مثلاً في حاجة لوزير يفهم في التخطيط المدني، ووزارة الصحة في حاجة إلى طبيب يفهم في الطب ووزارة التربية تحتاج متخصصاً في المناهج والامتحانات، وهكذا، كي يستطيع هؤلاء الوزراء أن يحققوا انجازات ويدافعوا عن مشروعاتهم من منطلق سياسي مستند إلى فهم علمي واسع ليقنعوا الآخرين بصواب فكرتهم. إن ادعاء أن التكنوقراط يفتقدون المهارة السياسية كلام «مأخوذ خيره» فمصائب الكويت لم يخلقها إلا السياسيون الذين لا فهم لهم ولا خلفية علمية واسعة بما يستوزرون عليه.



د. محمد القزويني

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي