رسوم الصناديق الجديدة «هيئة السوق» شريك في الأرباح... لا المخاطر!

هل تشجع الرسوم الجديدة المضاربات على حساب الاستثمار المؤسسي؟ (تصوير نور هنداوي)


| كتب رضا السناري |
حين بدأ الحديث عن تأسيس هيئة لسوق المال في الكويت اعتقد المستثمرون وقتها ان موسم الربح البورصة سيستفيد من التغيير، عند زوال غياب الشفافية وضعف الرقابة اللذين ابتليت بهما البورصة لفترات طويلة.
لكن مع توالي صدور اللوائح التنظيمية عن «هيئة السوق»، يستطعم مديرو الصناديق الاستثمارية شيئاً من المذاق المر، خصوصا بعدما بات عليهم ان يدفعوا رسوماً عالية تبلغ واحدا في المئة على وحداتهم الاستثمارية المراد تسويقها.
ولعل السؤال الأكثر ترددا بين الشركات في الوقت الراهن، كيف ستعوض هذا الرسم «المرتفع» من وجهة نظرهم؟ وهل يمكن من خلال هذا المعدل أن يعود مديرو الصناديق إلى سابق نشاطهم في جذب المستثمرين؟
أحد مديري الاستثمار أجاب بشيء من التهكم «سأترك الصندوق وأساهم في هيئة السوق، لأنها ستشارك الصناديق ربحهم من دون أي مخاطر!»
وثمة إجابات أكثر جدية حاضرة على لسان العديد من المديرين، الذين يعتقدون ان اقرار رسوم عالية على الوحدات المراد تسويقها بواقع واحد في المئة من شأنه ان يحد من تنشيط الاستثمار في البورصة، حتى أن البعض لا يخفي فيها مخاوفه من ان هذه المعدلات العالية قد تشكل عامل ضغط كبير على توجهات بعض الوحدات الاستثمارية.
بل يتردد ان بعض الشركات الاستثمارية ألغت أو أرجأت خططا كانت قائمة لتأسيس صناديق جديدة أو تسويق صناديق تؤسسها في الخارج، لأسباب عدة منها عدم اكتمال الصورة التنظيمية الجديدة حتى الآن، ومنها أيضاً أن اتعاب مديريها تقارب واحدا في المئة وهو المعدل نفسه الذي يتعين دفعه للسوق كرسوم، ما يجعل تحقيق الصندوق للعوائد المجزية للمساهمين تحدياً غير يسير، خصوصاً في ظل الأوضاع الصعبة للسوق.
وتعد معدلات الرسوم المنخفضة على تسويق الصناديق قبل اقرار هيئة سوق المال، إحدى المزايا المهمة المحفزة للمستثمرين في السوق الكويتي، علما بأن الرسوم المحصلة سابقا كانت تقارب الصفر. وتبلغ رسوم اصدار وتسويق الصناديق في سوق مثل المملكة السعودية 4 الآف دينار تقريبا، في حين تبلغ في سوق الاردن نحو 400 دينار كويتي.
ومنذ اعلان اقرار اللائحة التنفيذية لهيئة سوق المال في شهر مارس الماضي، لم تتوقف التساؤلات حول المعايير الرقابية الجديدة على تأسيس صناديق الاستثمار، والتي صاحبهتا حالة عدم رضا غير معلنة رسميا من بعض الشركات الاستثمارية، التي اعتبرت ان هذه المعدلات تحمل تحدياً كبيرا لنشاطها.
ولعل اكثر الاعتبارات التي تجعل المديرين يرون في الرسوم الجديدة عامل ضغط على نشاطهم، ان نسبة الاتعاب التي يحصلونها من المستثمرين تتراوح في الغالب بين 2 إلى 2.5 في المئة بما في ذلك علاوة الاصدار، وبعد دفع الرسم الذي تفرضه «هيئة السوق» لا يتبقى للشركة المديرة الا نسبة بسيطة لا تفي بالتزاماتها الاخرى من مصاريف وما إلى ذلك، ما يجعل غالبية مديري الصناديق على قناعة ان عهد العمولات الكبيرة وعلاوات الاصدار ولى، وعليهم ان يبحثوا عن البديل.
ويعتقد احد المديرين الذي فضل عدم ذكر اسمه، ان مثل هذه المعدلات من الرسوم قد يدفع بعض اكبر الشركات إلى تقليص تواجدها في هذا القطاع، في مؤشر على القلق من مستقبل الاستثمار في الصناديق، ومن التحول الذي يمكن ان تحدثه هذه المعدلات في المفاهيم الاستثمارية، لجهة ان السوق بات شريكا لمديري الصناديق في اتعابهم، ومن ثم يكون البديل امامهم للتعويض بكل بساطة واحدا من 3 خيارات كلها صعبة، وهي:
اولا: رفع معدلات الاتعاب على المساهمين من قبل المديرين، بما يعوض الرسوم المحصلة من جانب السوق، وهو اعتبار كاف لتقليص نسب المساهمات بشكل حاد ما لم تتناسب نسبة العائد الاستثماري مع معدل الاتعاب فاذا لم يتسع الهامش امام المستثمر بين الكلفة وصافي الربح سيتراجع عن الاستثمار.
ثانيا، في حال الابقاء على معدلات الاتعاب المعمول بها سابقا، قد يندفع بعض المديرين إلى رفع مستويات المخاطر لاستثمار صندوقهم، وهنا يكمن التحدي الاكبر امامهم، في إقناع المستثمرين بقبول الدخول في استثمارات ذات مستويات أكثر ارتفاعاً، في الوقت الذي يحجم فيه بعضهم عن الدخول اصلا في نماذج مطروحة للاستثمار اقل مخاطر، في ظل ظروف اسواق صعبة لا تشهد تحسنا ملحوظا حتى الآن.
ثالثا: قد يلجأ بعض المديرين إلى تعويض هذا المعدل عن طريق طلب الترخيص بالحد الادنى المسموح به من رأسمال الصناديق، المقرر عند 5 ملايين دينار، ليدفع بذلك اقل نسبة رسوم ممكنة على الوحدات المراد تسويقها، وبعد نجاح التسويق يقوم بفتح المساهمات مرة ثانية عن طريق باب الاشتراكات، علما بان لكل صندوق بابان احدهما للاشتراك والثاني للاسترداد، ومن ثم يعفى اجرائيا من دفع الرسوم على الوحدات المسوقة من باب الاشتراكات.
المحصلة، ان غالبية مديري الصناديق ان لم يكن جميعهم على قناعة بان الرسوم المحصلة على تسويق الصناديق مرتفعة جدا، وقد تساهم في التضييق على هذا القطاع، ونشاطه، إلى الدرجة التي يصعب معها تسويق السوق الكويتي امام المستثمرين كما ينبغي.
وهناك من يقول ان المعدلات العالية من الرسوم على الصناديق الاستثمارية من شأنها أن تشجع الاستثمار الفردي على حساب الاستثمار الجماعي المؤسسي، في حين أن المطلوب دائماً لدى الجهات الرقابية تشجيع الاستثمار المؤسسي لخفض مستويات التقلب في الأسواق والممارسات «العاطفية» للمضاربين الذين يندفعون معاً إلى البيع أو الشراء من دون ما يكفي من معطيات فنية وأساسية.
حين بدأ الحديث عن تأسيس هيئة لسوق المال في الكويت اعتقد المستثمرون وقتها ان موسم الربح البورصة سيستفيد من التغيير، عند زوال غياب الشفافية وضعف الرقابة اللذين ابتليت بهما البورصة لفترات طويلة.
لكن مع توالي صدور اللوائح التنظيمية عن «هيئة السوق»، يستطعم مديرو الصناديق الاستثمارية شيئاً من المذاق المر، خصوصا بعدما بات عليهم ان يدفعوا رسوماً عالية تبلغ واحدا في المئة على وحداتهم الاستثمارية المراد تسويقها.
ولعل السؤال الأكثر ترددا بين الشركات في الوقت الراهن، كيف ستعوض هذا الرسم «المرتفع» من وجهة نظرهم؟ وهل يمكن من خلال هذا المعدل أن يعود مديرو الصناديق إلى سابق نشاطهم في جذب المستثمرين؟
أحد مديري الاستثمار أجاب بشيء من التهكم «سأترك الصندوق وأساهم في هيئة السوق، لأنها ستشارك الصناديق ربحهم من دون أي مخاطر!»
وثمة إجابات أكثر جدية حاضرة على لسان العديد من المديرين، الذين يعتقدون ان اقرار رسوم عالية على الوحدات المراد تسويقها بواقع واحد في المئة من شأنه ان يحد من تنشيط الاستثمار في البورصة، حتى أن البعض لا يخفي فيها مخاوفه من ان هذه المعدلات العالية قد تشكل عامل ضغط كبير على توجهات بعض الوحدات الاستثمارية.
بل يتردد ان بعض الشركات الاستثمارية ألغت أو أرجأت خططا كانت قائمة لتأسيس صناديق جديدة أو تسويق صناديق تؤسسها في الخارج، لأسباب عدة منها عدم اكتمال الصورة التنظيمية الجديدة حتى الآن، ومنها أيضاً أن اتعاب مديريها تقارب واحدا في المئة وهو المعدل نفسه الذي يتعين دفعه للسوق كرسوم، ما يجعل تحقيق الصندوق للعوائد المجزية للمساهمين تحدياً غير يسير، خصوصاً في ظل الأوضاع الصعبة للسوق.
وتعد معدلات الرسوم المنخفضة على تسويق الصناديق قبل اقرار هيئة سوق المال، إحدى المزايا المهمة المحفزة للمستثمرين في السوق الكويتي، علما بأن الرسوم المحصلة سابقا كانت تقارب الصفر. وتبلغ رسوم اصدار وتسويق الصناديق في سوق مثل المملكة السعودية 4 الآف دينار تقريبا، في حين تبلغ في سوق الاردن نحو 400 دينار كويتي.
ومنذ اعلان اقرار اللائحة التنفيذية لهيئة سوق المال في شهر مارس الماضي، لم تتوقف التساؤلات حول المعايير الرقابية الجديدة على تأسيس صناديق الاستثمار، والتي صاحبهتا حالة عدم رضا غير معلنة رسميا من بعض الشركات الاستثمارية، التي اعتبرت ان هذه المعدلات تحمل تحدياً كبيرا لنشاطها.
ولعل اكثر الاعتبارات التي تجعل المديرين يرون في الرسوم الجديدة عامل ضغط على نشاطهم، ان نسبة الاتعاب التي يحصلونها من المستثمرين تتراوح في الغالب بين 2 إلى 2.5 في المئة بما في ذلك علاوة الاصدار، وبعد دفع الرسم الذي تفرضه «هيئة السوق» لا يتبقى للشركة المديرة الا نسبة بسيطة لا تفي بالتزاماتها الاخرى من مصاريف وما إلى ذلك، ما يجعل غالبية مديري الصناديق على قناعة ان عهد العمولات الكبيرة وعلاوات الاصدار ولى، وعليهم ان يبحثوا عن البديل.
ويعتقد احد المديرين الذي فضل عدم ذكر اسمه، ان مثل هذه المعدلات من الرسوم قد يدفع بعض اكبر الشركات إلى تقليص تواجدها في هذا القطاع، في مؤشر على القلق من مستقبل الاستثمار في الصناديق، ومن التحول الذي يمكن ان تحدثه هذه المعدلات في المفاهيم الاستثمارية، لجهة ان السوق بات شريكا لمديري الصناديق في اتعابهم، ومن ثم يكون البديل امامهم للتعويض بكل بساطة واحدا من 3 خيارات كلها صعبة، وهي:
اولا: رفع معدلات الاتعاب على المساهمين من قبل المديرين، بما يعوض الرسوم المحصلة من جانب السوق، وهو اعتبار كاف لتقليص نسب المساهمات بشكل حاد ما لم تتناسب نسبة العائد الاستثماري مع معدل الاتعاب فاذا لم يتسع الهامش امام المستثمر بين الكلفة وصافي الربح سيتراجع عن الاستثمار.
ثانيا، في حال الابقاء على معدلات الاتعاب المعمول بها سابقا، قد يندفع بعض المديرين إلى رفع مستويات المخاطر لاستثمار صندوقهم، وهنا يكمن التحدي الاكبر امامهم، في إقناع المستثمرين بقبول الدخول في استثمارات ذات مستويات أكثر ارتفاعاً، في الوقت الذي يحجم فيه بعضهم عن الدخول اصلا في نماذج مطروحة للاستثمار اقل مخاطر، في ظل ظروف اسواق صعبة لا تشهد تحسنا ملحوظا حتى الآن.
ثالثا: قد يلجأ بعض المديرين إلى تعويض هذا المعدل عن طريق طلب الترخيص بالحد الادنى المسموح به من رأسمال الصناديق، المقرر عند 5 ملايين دينار، ليدفع بذلك اقل نسبة رسوم ممكنة على الوحدات المراد تسويقها، وبعد نجاح التسويق يقوم بفتح المساهمات مرة ثانية عن طريق باب الاشتراكات، علما بان لكل صندوق بابان احدهما للاشتراك والثاني للاسترداد، ومن ثم يعفى اجرائيا من دفع الرسوم على الوحدات المسوقة من باب الاشتراكات.
المحصلة، ان غالبية مديري الصناديق ان لم يكن جميعهم على قناعة بان الرسوم المحصلة على تسويق الصناديق مرتفعة جدا، وقد تساهم في التضييق على هذا القطاع، ونشاطه، إلى الدرجة التي يصعب معها تسويق السوق الكويتي امام المستثمرين كما ينبغي.
وهناك من يقول ان المعدلات العالية من الرسوم على الصناديق الاستثمارية من شأنها أن تشجع الاستثمار الفردي على حساب الاستثمار الجماعي المؤسسي، في حين أن المطلوب دائماً لدى الجهات الرقابية تشجيع الاستثمار المؤسسي لخفض مستويات التقلب في الأسواق والممارسات «العاطفية» للمضاربين الذين يندفعون معاً إلى البيع أو الشراء من دون ما يكفي من معطيات فنية وأساسية.