وليد الرجيب / أصبوحة / الأول من مايو

تصغير
تكبير
يقترب الأول من مايو، العيد العالمي للعمال في جميع أنحاء العالم، والذي أقر دولياً كعطلة رسمية لمؤسسات الدولة في كثير من البلدان، وهذا اليوم هو رمز نضالات العمال من أجل نيل حقوقهم المشروعة في العيش الكريم، بعد أن كانوا مستغلين أبشع استغلال من أصحاب العمل.

ومنذ فجر التاريخ، كان للعمل ومازال قيمة كبرى في تطور الإنسان والمجتمعات، ومنذ اكتشاف النار ثم العجلة تطور الإنسان، وطور أدوات العمل ووسائل الإنتاج، فتطور معها في علاقة تبادلية، فالعلاقة بين الإنسان ووسائل معيشته علاقة جدلية.

ويرجع انقسام المجتمعات لطبقات متصارعة، إلى علاقة هذه الطبقات بوسائل الإنتاج، فهناك من يمتلكها وهناك من لا يمتلك غير قوة عمله، هناك مستغل بفتح الغين وهناك مستغل بكسر الغين، أو بلغة مجتمع العبودية أسياد وعبيد.

وفي عصر الآلة البخارية، ووجود مصانع كبيرة، يعمل بها عدد كبير من العمال، وفي ظل السيطرة الاستعمارية على دول آسيا وأفريقيا، وتوسع الأسواق، تضخمت ثروات ملاك وسائل الإنتاج، وساءت أحوال العمال وظروف عملهم، رغم ان الإنتاج كان جماعياً والتملك كان فردياً، وكانت ساعات العمل طويلة، والأجور ضئيلة، كما أن بيئة العمل كانت سيئة وغير صحية.

فأدرك العمال أن قوتهم في وحدتهم، فانتظموا في مجموعات مهنية سميت نقابات، لتوحيد جهودهم وقواهم، وللمطالبة بحقوقهم المتمثلة في تخفيض ساعات العمل إلى ثماني ساعات، وزيادة الأجور وتحسين بيئة وظروف العمل، باعتبارهم منتجي الثروات، التي يستحوذ عليها الملاك، بينما هم يأخذون الفتات.

واكتشفوا سلاح الاضراب والتوقف عن العمل، وتطورت الحركات العمالية والحركات النقابية في القرن التاسع عشر في العالم المتقدم، واتسعت الحركة المطلبية لتعم قارات أوروبا وأميركا واستراليا.

وقابل أصحاب العمل هذه الإضرابات بالرصاص والاعدامات والسجن، واستخدام المرتزقة من المافيا (البلطجية)، لقمع التحركات العمالية الاحتجاجية، وبعد مجزرة العمال في شيكاغو، قرر العمال اختيار يوم يرمز إلى نضالاتهم وتضحياتهم، وبعد اختلافات في الاختيار بين عمال الدول المختلفة، استقر الرأي على الأول من مايو، ثم تم الاعتراف به من قبل بعض الحكومات، واعتبر عطلة رسمية.

وحصل العمال على كثير من المطالب، من خلال التفاوض، مع الحكومات وأصحاب المصانع والشركات، وأيضاً من خلال الاضرابات، وتم سن قوانين دولية، طبقت في دول عديدة، لتنظيم تأسيس النقابات، ومنح حق الاضراب والاعتصام للعمال، كوسيلة ضغط من أجل نيل حقوقهم المشروعة، والتي ما زالت تنتهك بين وقت وآخر.

ولنا حديث في مقالات مقبلة، عن الحركة العمالية والحركة النقابية في الكويت، وأبرز روادهما.





وليد الرجيب

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي