نخوض في توافه الأمور ونصدر الإشاعات بشكل جنوني ولا نقيم وزناً لهيبة الدين ولا نريد أن نفهم ما يقوله الله في محكم كتابه الكريم «ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم»، وأصبحنا في الكويت رغماً عنا جزءا لا يتجزأ من الحالة العربية المريضة، رغم وجود نظام حاكم «مدلعنا على الآخر» ويذيقنا أنواع الترف في كل يوم، بينما أغلب الشعوب العربية كانت لا تفتح فمها إلا عند طبيب الأسنان ولما اندلعت الثورات عضوا عليها بالنواجذ وصاروا يسددون فواتير ثوراتهم من دمائهم للتخلص من هذه الأنظمة الفاشية الكافرة التي فضلت ظل الشيطان على ظل الرحمن، لأن هناك سبعة يظلهم الله بظله أحدهم إمام عادل، ولكنهم أصروا أن يكونوا «عادل إمام» فجسدوا شخصية الهلفوت والمتسول حتى حولوا ديارهم إلى «جزيرة الشيطان».
إننا كدولة صغيرة نعاني أزمات شخصية ومشكلات نفسية ليست بسبب الجوع أو الفقر أو حتى القمع ولكنها ترجع إلى الترف والبذخ، وكأننا أمام مشهد بلقيس عندما قالت «إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون». نعم أقولها وبكل صراحة أصبحنا لا نختلف عن الملوك في ملبسهم ومأكلهم حتى صرنا لا نناقش قضايانا الأساسية التي تهتم بالحاجة البشرية كالصحة والتعليم، ونقيم الدنيا ولا نقعدها لأن مصالحنا الدنيوية معطلة. أهملنا كرامة إخواننا البدون ولم نحترم أدميتهم في العيش، وكل منا يغني على ليلاه حتى كبرت تلك القضية ككرة الثلج فأصبحت مشكلة إنسانية تسود وجه الكويت أمام المنظمات العالمية.
ما يحدث اليوم في الكويت رغم تعدد اللاعبين السياسيين المحترفين منهم والهواة لا يتعدى في مجمله عن محاولة الحصول على أكبر مكاسب شخصية أو تحت بند المصلحة الشخصية الضيقة، فالوزراء والشيوخ وبعض أصحاب مراكز القرار لدينا علاوة على النواب والنشطاء السياسيين يوضعون في خانة السياسيين حتى لا يساء الفهم، حتى كتاب الزوايا وبعض الإعلاميين صاروا يتمركزون كلاً في معسكره وهات يا كتابة والتخوين صار بفلس، وما يحزنني ويقلقني ليس تشرذم هؤلاء أو تقاطعهم بل هو ضياع هيبة الدولة وسلطة القانون، وأخطر شيء أن تكون هيبة الدولة وسلطة القانون أداة في يد البعض متى أراد استخدامهما ومتى ما أراد إخفاءهما وضعهما في الدرج بينما هما من حق الشعب، ولكن المصيبة كل المصيبة إذا كان الشعب أيضاً يلعب سياسة، ويقوم بالدور نفسه وعندها «لا طبنا ولا غدا الشر»، وكل ما علينا هو الصبر والدعاء حتى يغير الله من حالٍ إلى حال، أو يستبدلنا بقوم آخرين.
إضاءة: احرصوا على الكويت كما تحرصون على أولادكم ورواتبكم فالفتنة إن حدثت أكلت الأخضر واليابس، وتعالوا جميعاً إلى معسكر الوطن تحت ظل أميرها وقائد مسيرتها صاحب السمو أمير البلاد وولي عهده.
مشعل الفراج الظفيري
كاتب كويتي
[email protected]