حسين الراوي / أبعاد السطور / موظفون بسلاسل وأقفال!

تصغير
تكبير
قبل أن أخرج من مقر عملي بلحظات في يوم الأربعاء الفائت سألت زملائي ماذا تقترحون عليّ كفكرة أكتبها لمقالي المقبل؟ ولم أكن قد كتبت حتى ذلك الحين مقالي الأسبوعي. زملائي الأعزاء لم يكترثوا بسؤالي ولم يُكلفوا أنفسهم بالتفكير ومساعدتي، لأن التفكير عندهم مشروع عظيم وصعب، خصوصاً إذا كان أثناء فترة الدوام الرسمي! الأهم لحظتها ضغطت على الجرس الذي كان بجانبي لمناداة القهوجي، وما هي إلا لحظات حتى أتاني عمو عبد التواب مبتسماً كعادته وقال: أيوه ياسي حسين، عاوز إيه؟ قلت له: هات أي شيء عندك بالمطبخ يسطل هالعالم (زملائي) زيادة! ثم خرجت باتجاه سيارتي وقبل أن أدير محركها وجدت أحدهم منتصباً أمامي وفيه شيء من الغضب المكتوم، فسلّم عليّ وقال: أرجو ألا تركن سيارتك في هذا المسفط لأنه تبع لي! قلت له: عفواً هل لديك صك من الحكومة يقول انك تمتلك هذا المكان؟ فازداد غضبه الذي طغى على محياه فعاد وقال: أرجوك أنا منذ وقت طويل وأنا أركن سيارتي هنا ولقد علّقت لوحة في أعلاه بمسماي الوظيفي تقول ان هذا المسفط لي. قلت له: حتى لو كنت تركن سيارتك هنا منذ عشر أعوام وعلّقت 1000 لوحة بمسماك الوظيفي هذا لا يعني أنك امتلكته أبداً. فزاد غضبه أكثر وقال كلاماً غير منطقي ولا قانوني ولم أكن أريد أن يطول الحوار معه لأن الحوار مع هذا الصنف لا يجدي.

أولاً شكراً لهذا الإنسان الغاضب بسبب المسفط لأنه ساهم معي في كتابة هذا المقال، وشكراً له مرة ثانية لأنه قدم للقراء موضوعاً يجدر بنا أن نفكر فيه بشكل عميق. فهناك مؤسسات حكومية عديدة نجد أن مجموعة من موظفيها قد احتلوا الكثير من مظلات مسافطها بالسلاسل الحديدية! وكأن تلك المسافط ملك لهم وقد وثقوا ملكيتها في وزارة العدل قسم التوثيقات الشرعية. والمضحك أنك تطق فرة وفرتين وعشرة تبحث عن مكان تركن سيارتك فيه فلا تشاهد إلا مسافط فاااااضية من دون سيارات قد تم ضرب السلاسل الحديدية عليها من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال من جانب بعض الموظفين الذين استغلوها لصالحهم الشخصي واغتصبوا أملاك الدولة بلا وعي ولا أدنى مسؤولية، والمضحك أكثر أن الكثير من شريحة هؤلاء الموظفين الأنانيين لا يأتي لمقر عمله في الوقت القانوني الصحيح، بل يأتيك متأخراً متعمداً عن الموعد الذي من المفترض أن يلتزم به، وهو مطمئن أن ذلك المسفط الذي اغتصب مساحته لا يزال فارغاً ينتظره بالرحب والسعة لأن قفل تلك السلسلة في جيبه ينعم بالدفء أو أنه قد أعطى مفتاح القفل لأي عامل بسيط في مقر عمله ليفتح له السلسلة ويقفلها بحسب أوامره طويل العمر!

أقول لجميع الموظفين الذين يصنعون ذلك الأمر المخزي الأناني المخترق للقانون إن ما تقومون به يحط من قدركم ويعرضكم للمساءلة القانونية الصريحة، ويستطيع أي مواطن عادي أن يشتكي أي موظف منكم عند أقرب مخفر شرطة ويسجل ضدكم قضية، ووالله إنها سوف تجعلكم تتوبون من السيطرة على أملاك الدولة بالسلاسل والأقفال الحديدية. ناس تطلع من الفجر لدوامها ولمراجعاتها ولا تلقى مسافط تسفط فيها وناس تجي الدوام الساعة 9 والساعة 10 والساعة 11 ثم تبطل قفل السلسلة وتسفط سياراتها بكل دم باااارد وهدوووء!





حسين الراوي

كاتب كويتي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي