محمد جوهر حيات / سوالف ثلاثاء وخميس / تخلّف بامتياز!

تصغير
تكبير
لطالما تفنن الاخوة العرب وأتحفونا بالسلوكيات والأساليب المتنوعة لسلك طريق التخلف والتراجع، ومازلنا نرث سلوكيات وأساليب التراجع والتخلف على مر كل هذه الأعوام من الذين سبقونا في شرف سلك طريق (إلى الخلف در) ومن ظواهر أساليب وسلوكيات التخلف عندنا:

يهتف العرب لأصحاب الجلالة: عاش الملك. عاش الرئيس. عاش الأمير. عاش البطل. عاش المغوار. عاش القائد. عاش الزعيم. عاش السلطان. عاش الوالد. عاش الثائر. عاش الشجاع. عاش الكريم. عاش الناصر. عاش المنتصر. عاش الفاتح. عاش الجلمود. عاش المكافح. عاش العصامي. عاش الوفي. عاش الصابر. عاش... عاش... العفيف صاحب الجلالة. وإذا انتقدت صاحب هذه الصفات والمواصفات بكل موضوعية ورقي تصبح عميلاً لدولة أجنبية ومواطناً خائناً وعنصراً مؤزماً ومخرباً، كذلك يهتف الشعب العربي باستمرار دائم لأصحاب المعالي (بالروح بالدم نفديك يا فلان) وهنا القصد أي الشعب بأكمله يفدي الرئيس الواحد والأوحد والوحيد بالروح وبالدم، ولكن السؤال: إذا مات الشعب بأسره وبأكمله وبقي الرئيس وحيداً بعد ما فداه الشعب بكل ما يملك من قطرات دم، سيحكم من هذا الرئيس بعد رحيل الشعب، وكيف يمكن أن يبقى رئيساً دون شعب يرأسه، وكيف تبقى الدولة دون شعب؟ أيها العرب الأعزاء الدولة (أرض وشعب وسلطة) فالأرض باقية وثابتة والشعب باق والسلطة تتبدل فلا يمكن تبديل الأرض وتغيير الشعب!

أسئلة للأنظمة العربية

تحتاج هذه الأسئلة لعقل يفهمها ويتفهمها ويجيب عنها بتعقل: لماذا أنظمة الدول العربية بأنواعها تفرز مواطنيها إلى درجة اولى وثانية وثالثة، ولماذا لم يتم صهر الأجزاء الطائفية والعرقية في بوتقة الوطن الواحد والجامع لكل مواطنيه بكل أجزائهم، لماذا لم تعزز هذه الأنظمة الانتماء الوطني للأقليات من المواطنين من خلال إعطائهم حقوقهم المسلوبة والمطالبة بواجباتهم تجاه وطنهم، لماذا لم تقدم الأنظمة العدالة والمساواة بين أبناء ومواطني الوطن الواحد، ولماذا لا تجمع الأنظمة العربية أجزاءها تحت ظل دولتها دولة المؤسسات الدستورية والقانونية تحت نهج الدولة للجميع من المواطنين بتقسيماتهم كافة، ولماذا لم تسع هذه الأنظمة بتحطيم أساليبها القمعية التي جعلت المواطن يكره انتماءه لوطنه ويعجز عن تقديم واجبه نحوه وينوي خدمة المخطط الأجنبي داخل وطنه إن وجد هذا المخطط يا باشوات؟

رجال الدين والوحدة الوطنية

ليس الكل منهم ولكن أغلبهم من رجال الدين الذين استغلوا الدين من أجل الحصول والاستحواذ على المكاسب السياسية والاقتصادية فهم من دعموا نواب التطائف المذهبي والتطرف، واليوم أصبحوا ناصحين تجاه اللحمة الوطنية ومنادين لوحدة هذا الشعب بعد ان مزقوه بفضل تقوقعهم على أنفسهم وبجهود مؤازرتهم للطائفيين السياسيين، وبسبب إطروحاتهم الدينية والسياسية المريضة التي قدموها فقط لطائفة كل منهم، ومن خلال شتم كل منهم للآخر، وقذف كل منهم رموز الطائفة الأخرى مع سبق الإصرار والترصد، واليوم يستضيفهم الإعلام بوسائله كافة متقابلين هؤلاء المشايخ ويعالجون ملف الوحدة الوطنية بالتضليل والخديعة والأقاويل والأحلام الوردية الزاهية كأنهم أبرياء لم يفرقونا بالأمس واليوم وربما الغد!

لم ولا ولن يعالج ملف الوحدة الوطنية بهذه السذاجة فلابد من المصارحة وتوجيه وتحديد آبار الفتنة ومصادرها ومغذيها وفرض اسلوب علاجي لها يرفض التقوقع الطائفي الديني ويدعو إلى المشاركة والتعامل بين أبناء الوطن الواحد على أساس القانون والمواطنة والكفاءة والعطاء بعيداً عن المذهبية والطائفية وأساليبها المتعددة... هم يفرقوننا فعلاً ويجمعوننا قولاً عبر الوسائل الإعلامية، رجال دين المصالح السياسية هم أغلب رجال الدين مع الأسف وليسوا الكل وعلينا أن نفهم حقيقة من يساهم في انتشار الطائفية ومن لا يريد أن يفهم فلن يفهم أبداً ولن يعالج هذا الاصطفاف الطائفي مدى الدهر!



محمد جوهر حيات

إعلامي وكاتب كويتي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي